فيما يؤكد تقرير أصدرته وزارة العمل الشهر الماضي أن عدد الشركات التي تقدمت لتسريح عمالها 8 شركات تعمل في قطاعات مختلفة خلال شهر كانون الثاني المنصرم كان اخرها شركة تعمل في صناعة الاثاث تقدمت للوزارة باعادة هيكلتها مما ترتب عليه تسريح 35 عاملا من أصل 96 عاملا ، فان المئات من المؤسسات التجارية والخدماتية الكبرى بدأت تلجأ الى "اعادة الهيكلة غير المعلنة" تحسبا لمواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية ولضبط نفقاتها المالية.
وتشير روايات نقلها عدد من العاملين في شركات "متخوفة" من الازمة المالية العالمية الى أن الاخيرة أخذت تلجأ إلى أساليب ترغيبية للعاملين لحثهم على تقديم استقالاتهم من خلال عرض ما يعادل راتب سنة أو مكافأة مجزية لتحفيزهم على تقديم استقالاتهم بارادتهم.
وتؤكد معلومات حصلت "الدستور" عليها ان "خيار" تسريح العمال الذي تلجأ اليه المؤسسات والشركات الكبرى لم ينحصر في قطاع انتاجي بعينه بل انه يمتد بين القطاعات الانتاجية على مختلف أعمالها وخدماتها ويقدر خبراء مختصون في سوق العمل أن تسفر سياسة اعادة هيكلة "غير معلنة" عن تسريح مئات العمال في الربع الاول من العام الحالي ، ويرجح الخبراء ذاتهم ارتفاع معدل العمال الفاقدين لوظائفهم في الربع الثاني والثالث من العام الحالي.
من جانب قانوني فان الشركات تتحصن بقراراتها باعادة الهيكلة الى المادة 31 من قانون العمل التي تتعلق باعادة الهيكلة في المؤسسة ويتم الموافقة على الطلب بعد التأكد من مطابقتها القانون من خلال لجنة مشكلة من أطراف الانتاج ممثلين في العمل والحكومة وأصحاب العمل.
بيد أن مختصين يعتبرون ان ما تلجأ اليه بعض الشركات والمؤسسات الكبرى لا يستند للمادة 31 من قانون العمل ، لافتين الى أن شركات لجأت الى اعادة هيكلة غير معلنة ، خلافا لنظيراتها من الشركات التي أعلنت وزارة العمل عن تقدمهما بطلبات لاعادة الهيكلة.
ولا تخفي وزارة العمل تخوفها من ارتفاع عدد الشركات المتقدمة لاعادة هيكلتها خلال كانون الثاني الماضي مقارنة بالعام الماضي 2008 الذي وصل فيه عدد الشركات المتقدمة بطلب انهاء خدمات عمالها 19 شركة وتم بموجب ذلك تسريح 489 عاملا. أصحاب عمل ممن يلجأون الى انهاء خدمات عمالهم بطرق "ترغيبية" ، أكدوا لـ"الدستور" أن عمليات خروج العمال من وظائفهم تتم بشكل طبيعي وفي الحدود المألوفة وأنهم يلجأون لذلك في كل الاعوام للتخفيف من الاعباء المالية المترتبة على اداراتهم وما يمكن أن يؤثر على ارباح الشركة أو المؤسسة السنوية.
في المقابل فان مراقبين اقتصاديين لا يقللون من خطورة ما يمكن أن يترتب عن عمليات تسريح العمال واعادة الهيكلة غير المباشرة التي تنتهجها شركات ومؤسسات كبرى ، مبدين أملهم ألاّ يتنصل أصحاب العمل من مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه العمال شركائهم في الانتاج.
ويذهب آخرون الى أبعد من ذلك ، معتبرين أن هذا التغيير يمكن أن يؤثر سلبيا على سوق العمل المحلي ويساهم في رفع نسب البطالة.
من جانبها فان وزارة العمل أعلنت عن جاهزيتها لمواجهة أية تداعيات محتملة للازمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني وبالاخص سوق العمل وأكدت في تصريحات سابقة لوزيرها الدكتور غازي شبيكات أنها عمدت الى وضع برامج تهدف الى تشغيل وتدريب الاردنيين ورفع كفاءتهم وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص بغية ضمان توفير فرص عمل للاردنيين في مختلف القطاعات الانتاجية.