أكدت الأمينة العامة للمجلس الاعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي اهتمام المجلس بشكل خاص بفئة اللاجئين، حيث يعتبر من أكبر المجتمعات المستضيفة لهم، وتدل الدراسات على تواجد حوالي 57 جنسية.
جاء ذلك خلال إحياء الأردن والعالم يوم غداً الجمعة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، والذي يصادف في الرابع من حزيران من كل عام، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم بتاريخ 19 آب من عام 1982، أثناء دورتها الاستثنائية الطارئة بشأن قضية فلسطين، والتي وصفت بأنها أرعبت عدد الكبير من الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء.
ويهدف احياء هذا اليوم للاعتراف بالألم الذي يعاني منه الأطفال في جميع أنحاء العالم من ضحايا الاعتداء الجسدي والعقلي والعاطفي، إلى جانب الالتزام بحماية حقوق الأطفال، واسترشاد العمل باتفاقية حقوق الطفل، والاعتراف بالألم الذي يعاني منه الأطفال في الحالات التي ينشب فيها نزاعات مسلحة، حيث يكون الأطفال هم أكثر أفراد المجتمعات ضعفاً والأكثر تضرراً بسبب تعرضهم للانتهاكات الستة الأكثر شيوعًا وهي " تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب، والقتل، والعنف الجنسي، والاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية"، إلى جانب أن هذا اليوم يأتي لتذكير الأفراد والمنظمات في جميع أنحاء العالم للتعرف على تأثير وحشية الاعتداءات بجميع أشكالها على الأطفال.
وأكدت الامينة العامة للمجلس الاعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي أن اهتمام المجلس بضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء يأتي انطلاقاً من اهتمامه بحقوق الانسان أولاً وحقوق الأطفال ثانياً، واهتمامه بتحقيق الغاية الثانية من الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة المتمثلة بإنهاء إساءة المعاملة والاستغلال والاتجار بالبشر وجميع أشكال العنف ضد الأطفال وتعذيبهم.
ووفق عماوي يشير مسح السكان والمساكن 2015 إلى أن أكثر الجنسيات المتواجدة في الأردن عدداً هم السوريون والذين بلغ عددهم مليون و265514 ألف، والعراقيون 130911 ألف، والفلسطينيون 634182 ألف، وقد صنفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الأردن كثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين.
وتشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة إلى أن عدد الأطفال تحت سن 19 عاماً في الأردن لعام 2020 يبلغ حوالي 4.7 مليون، أي ما يزيد عن 40% من السكان، في حين بينت اليونيسف أنه من بين هؤلاء ما يقرب 30 % من غير الأردنيين، بما في ذلك العديد من اللاجئين من البلدان المجاورة.
وبينت دراسة أجرتها اليونيسيف عام 2018 حول أوضاع الأطفال اللاجئين السوريين في الأردن أن 45% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين (0-5 سنوات) لا يحصلون على الخدمات الصحية المناسبة بما في ذلك المطاعيم والخدمات التي يحتاجها ذوي الإعاقة، و38% من الأطفال غير ملتحقين أو انقطعوا عن المدارس، لأسباب تتعلق ببعد المسافة والتكلفة والافتقار إلى أماكن لهم للالتحاق بالمدارس وتعرضهم للتنمر، فيما بلغت نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ( 0-5 سنوات) ولا يوجد لديهم شهادات ميلاد 16%، الأمر الذي سيعرضهم لتحديات ومخاطر إضافية مستقبلاً، أما بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (6-17 سنة)، فتشكل عمالة الأطفال والعنف التحدي الأكبر لهم.
وأوضحت عماوي أن بيانات الأونروا للأطفال اللاجئين الفلسطينيين في الأردن تشير إلى تقديمها لخدمات تعليمية لأكثر من 118000 طالب يدرسون في 169 مدرسة تابعة للأونروا موزعة في جميع أنحاء المملكة، و47 دورة لأكثر من 3081 طالبًا يدرسون في أحد مراكز التدريب المهني التابعة للأونروا، وذلك إلى جانب تقديم الرعاية للأطفال عبر مراحل دورة الحياة، حيث تنفذ تدخلات محددة لتلبية الاحتياجات الصحية للمواليد الجدد، والرضّع دون السنة من العمر، والأطفال دون سن الخامسة، والأطفال في سن المدرسة، ويتم توفير الرعاية الوقائية والعلاجية على حد سواء مع التركيز على الوقاية بشكل خاص، وتشمل الخدمات تقييم صحة المواليد، ورعاية الطفل السليم، والفحوص الطبية الدورية، والتطعيم، ومراقبة النمو والرصد الغذائي، ووصف مكملات المغذيات الدقيقة، وصحة الفم والأسنان الوقائية، وخدمات الصحة المدرسية، ورعاية الأطفال المرضى، بما في ذلك الإحالة إلى الرعاية المتخصصة.
وبين تقرير لمجلس الهجرة واللاجئين في العالم أن الأردن يواجه ضغوط كبيرة ثلاثية الأبعاد في الوقت الحاضر، والتي تتمثل في حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب جائحة فيروس كورونا، والآثار الاقتصادية لتدابير الاحتواء والركود العالمي، والعدد المتزايد للاجئين السوريين والذين يقيم الكثير منهم في البلاد منذ ما يقرب 10 سنوات.
وأوضحت عماوي انه وعلى مستوى العالم قد أشارت دراسة لمؤسسة أبحاث السلام العالمية إلى أن ما يقرب من ثلثي أطفال العالم يعيشون في بلدان تمزقها النزاعات في عام 2019، كما أن ما يقرب من 426 مليون يعيشون على بعد أقل من 50 كيلومترًا من مكان القتال الفعلي، أما في حالات اللجوء فقد أشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من نصف عدد اللاجئين في العالم هم من الأطفال.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن العنف ضد الأطفال يؤثر على أكثر من مليار طفل في جميع أنحاء العالم، ويكلف المجتمعات حوالي 7 تريليون دولار في السنة، كما يتعرض 50٪ من أطفال العالم للعنف كل عام، ويُقتل طفل بالعنف كل 5 دقائق في مكان ما في العالم.
وبينت عماوي أن النزاعات المسلحة تؤثر على كافة الفئات السكانية، حيث تتسبب في انتشار المرض والوفاة بين المدنيين غير المقاتلين، وتشمل هذه الأمراض مجموعة واسعة من الاضطرابات، تبدأ من إصابات الإعاقة إلى الآثار السلبية على الصحة العقلية، وبعضها يستمر لفترات طويلة، مبينة أن هذه الأمراض تستمر بعد النزاع المسلح بسبب الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية الداعمة للصحة في المجتمع، بما في ذلك أنظمة توفير الغذاء والماء، والرعاية الطبية وخدمات الصحة العامة، والصرف الصحي والنظافة، والنقل، والاتصالات، والطاقة الكهربائية.
وأضافت العديد من جوانب الحروب تؤثر على النساء والفتيات بشكل كبير، ووفقاً لدراسات حديثة حول متوسط العمر المتوقع بين المدنيين العزل الذين وقعوا في نزاع مسلح، فإن النساء هن أول ضحايا الحرب من البالغين، وبالإضافة إلى ذلك فإن أرامل الحروب واللاجئات بسبب الحروب معرضات بشكل خاص للفقر والمرض والوفاة بعد النزاع المسلح.
وفي السياق الحالي، تأتي جائحة فيروس كورونا (كوفيد -19) لتضيق على اليات الحماية على الأطفال، التي بدورها تكون أكثر هشاشة في حالات الأزمات والنزاعات المسلحة، وكان لهذه الجائحة تأثير كبير على الأطفال في النزاعات، حيث أبلغت 21 من بين 26 مجموعة حماية (وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة (UN)، تشارك في أعمال الحماية في الأزمات الإنسانية بما في ذلك النزاعات المسلحة وتغير المناخ والكوارث الطبيعية) عن تصاعد الصراع أو عدم الاستقرار السياسي منذ تفشي الوباء.
وأكد المجلس الاعلى للسكان أن استمرار الانتهاكات ضد الأطفال في النزاعات المسلحة سيكون له عواقب بعيدة المدى على الأجيال القادمة، بالتالي يوصى بإلزام الدول بالتوقيع والتنفيذ الكامل للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، إلى جانب تلبية احتياجات الأطفال قصيرة وطويلة الأجل بعد انتهاء النزاعات المسلحة، مثل إعادة الإدماج الاجتماعي، وتنفيذ برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي.