كتب توفيق المبيضين
منذ سنوات ، تعاني الصحف الورقية اليومية الكبرى في الاردن من عجز مالي مستمر ، أدى لخروج إحداها من السوق وهي العرب اليوم ، ويوجد حاليا الصحف الرئيسية الرأي ، الدستور والغد ، و في صحيفة الراي اليوم أعتصامات وإحتجاجات وتأخر رواتب ، بسبب قرار مجلس الإدارة بفصل عدد من الموظفين ..
من أهم أسباب بدء هذه الأزمات ، هي بسبب الخسائر المتراكمة والمستمرة ، بسبب شح وتقلُّص الموارد المالية المتأتية من الإعلانات وبيع الصحف ، حيث يزداد هذا الشُح سنة بعد سنة ، وكل ذلك بسبب تطور تكنولوجيا الإتصالات وظهور الإعلام البديل وتوجه الشارع للإعلام الرقمي ، وظهور المواقع الإخبارية الالكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي ، بعيدا عن تصفح الصحيفة الورقية و مسك الورق وآثار الحبر السيئ ، حيث اصبح بإمكان الشخص ان يتصفح من خلال هاتفه الخلوي كافة الصحف والأخبار ومشاهدة الفيديوهات والبث المباشر …الخ وأولا باول ، وأصبح معظم ما تنشره الصحف الورقية من أخبار ، نسبة للقارئ ، اخبار “بايتة” وقديمة ، سبق له قراءتها او مشاهدتها قبل بيوم او ليلة …!! ، رافق ذلك تضخم في الكادر الوظيفي وتوسّع في بعض هذه الصحف وليس العكس ..
هذه الأسباب ، وبالرغم من ظهور مؤشراتها مبكرا ، لم تتنبه او لم تستعد لها كافة مجالس الإدارة السابقة للصحف التي تٌعاني ، فرؤساء واعضاء مجالس الإدارات جميعهم ، يتسلمون رواتبهم وإمتيازاتهم في وقتها وحينها دون تأخير ، حيث المتضررون الآن ، هم موظف الصحيفة والمُساهم .
ماذا كان على مجالس الإدارات السابقة فعله ؟
كان من المفترض ان تقوم مجالس الإدارات والمدراء العامين السابقين ، بوضع خطط مشاريع مستقبلية بديلة او مرادفة لإستمرار ديمومة صدور الصحيفة الورقية او حتى لتكون بديلا عنها إن لزم الأمر ، ومن هذه الخطط والمشاريع :
– وقف التعيينات الجديدة او تقليصها للحد الأدنى ، و أعادة الهيكلة لكافة دوائر واقسام الصحيفة وحتى ابوابها وعدد صفحاتها الورقية .
– التعديل على غايات الشركة ، والبدء بإنشاء أرداف أو بدائل مناسبة متطورة مثل ، محطة فضائية وإذاعة محلية قويتان ، إضافة لموقع إخباري قوي ، – وهذا الاخير موجود حاليا ، إلا انه لا يكفي ولا يغطي جزءا يسيرا من المشكلة – ، حيث كانت الموارد المالية او جزءا منها متوفرا حينها ، وكان بالإمكان تمويل هذه المشاريع من عدة مصادر .
لو قامت هذه الإدارات بمثل هذه المشاريع وأنشأتها ، أعتقد أنه ما كنا لنصل لهذه المرحلة العصيبة .
الآن ، المشكلة اصبحت مُعقدة ، لا بل معقدة جدا ومُستعصية الحل، و أعتقد أنه من الصعب جدا الآن البدء بمثل هذه المشاريع ، حيث هي بعيدة المدى الآن وتحتاج للوقت والمال ، و لأن الخسائر المدورة والمتراكمة كبيرة ، و لا ارباح ولا نمو مُبشر ، يُشجع أي شريك إستراتيجي او مُمول بالدخول في هكذا مخاطرة ، وما حدث في صحيفة العرب اليوم خير دليل على ما اقول ، حيث حين إنهارت الصحيفة ، دخل شريك إستراتيجي ، وما هي أشهر ، حتى توقفت الصحيفة عن الصدور وخرجت من السوق …!! ، وفي نهاية الامر ، معظم”الورقيات” في العالم ستخرج ..!