يمر العالم بأزمة اقتصادية قد تستمر فترة ليست بالقصيرة، نحن جزء من هذا العالم وسنتأثر سلبا بتداعيات تلك الأزمة رغم التطمينات بمحدودية أثرها علينا واستفادة الأردن من انخفاض أسعار النفط ايجابيا.
في الوقت الذي تتسارع فيه دول العالم لحماية اقتصادها وتقديم العون للمؤسسات لتجاوز الأزمة والحد من أثرها، توجد لدينا قوى تتصارع على اقتسام الوطن والاستحواذ على الممكن سياسيا واقتصاديا ومن يملك الأولى يسعى لامتلاك الثانية والعكس صحيح وكما يقال فهما وجهان لعملة واحدة وأحدهما يصب في الآخر " السلطة والمال ".
المتايع لهذا الشأن يرى أن وظائف القطاع العام وخاصة الدرجات العليا أضحت حكرا على فئة أو جهة بعينها، وتتبادل الأدوار في التنقل من موقع لآخر رغم اختلاف طبيعة عمل تلك المؤسسات والتي لا تنسجم ومؤهلات وطبيعة عمل أو اختصاص ذلك الشخص.
هذا الانتقال أو تبادل الأدوار لا يبرر عادة ولا نعلم السبب الكامن خلفه هو نجاح أم فشل، وفي الغالب حسب ما نعتقد أن هناك أشخاص لا يمكن إقصاءهم بفعل قوى تساندهم وهكذا.
في الماضي القريب احتكرت قوى اقتصادية سلع أو خدمة وحمتها بقرارات حكومية في مواجهة المواطن إبان اشغالها مناصب حكومية رفيعة، وكان الأجدر بها أن تتسامى عن خدمة مصالحها الخاصة وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن أولا والمواطن ثانيا، والأمثلة كثيرة كقطاع التأمين وشركات الحديد...الخ.
جلالة الملك حمل الهم الاقتصادي للوطن منذ اللحظة التي تسلم بها زمام الأمور، وجعل هدفه الأول التنمية الاقتصادية والسياسية وجلب الاستثمارات لتصب لاحقا في خدمة الوطن ورفاهية المواطن.
انجازات جلالته عديدة في هذا المجال وإقليم العقبة وإقليم البتراء والشاطئ الشرقي للبحر الميت شاهد على ذلك ومجالات أخرى عديدة لا يمكن حصرها في هذا المقال. ولولا متابعته ورعايته لها لراوحت مكانها في دهاليز البيروقراطية الإدارية.
عند الحديث عن هفوات بعض المؤسسات، يبنري المتكسبين والمنافقين للدفاع عن تلك المؤسسة والحقيقة عن من يقوم على إدارتها لدوافع قد تكون إقليمية أو فئوية أو جهوية، ويكذبون كل ما يقال وانه غير حقيقي وقد يصل الأمر إلى معاداة الوطن والهدف منه النيل من ذلك الشخص، ولنا تجارب مع أشخاص تربعوا على كراسي المسؤولية ووظفوا مؤسساتهم واستغلوا صلاحياتهم لخدمتهم الشخصية أو الأقارب أو مناطقهم على حساب الآخرين مما ألحق الدمار بتلك المؤسسات ورتبت أعباء كبيرة على كاهل الوطن، على العكس ما كانت عليه في عهد من سبقوهم.
أماكن الخلل في أي قطاع يجب معالجتها ابتداء، لإمكانية تسوية الأمور بأقل الأضرار، ولهذا لابد من البحث عن حقيقة ما يقال ويشاع عن أي مؤسسة عملا بالمثل الشعبي الذي يقول " لا دخان بدون نار " وان لا ننتظر إلى أن تتعفن وتتحلل وتصبح عبئا على الوطن.
الضرورة ملحة لمراقبة أداء المسؤولين وأين توظف الصلاحيات الممنوحة لهم كي لا تستغل في جوانب أخرى وأن يتم اختيارهم بعناية وفق إمكانياتهم الإدارية والفنية.
العاصمة عمان قلب الأردن وعمقه الاقتصادي والنشاط الاقتصادي مركز بها، ولا يجوز لأي جهة عرقلة مشاريعها التنموية مهما كانت، لكن ولتداخل الصلاحيات في هذا الشأن تظهر البيروقراطية والروتين المقيت وتعليق الأخطاء على الآخرين وإيراد الحجج الواهية وغير المقنعة عند أي إخفاق.
وعلى سبيل المثال لا الحصر من حقنا أن نتساءل:
لماذا تعثرت الشركة الخليجية للاستثمارات المالية " عبدالله السري وشركاه" وشركة " تهامه "؟
علما أن قيمة استثمارات الأولى " 400 " مليون دينار والثانية " 20 " مليون دينار، وتعطل أكثر من :" 100 " برج على طريق المطار بسبب عدم جاهزية المخطط الشمولي وتلكأ إدارة أمانة عمان في السماح لأصحابها بالبناء ، وكذلك أكثر من " 30 " مشروع استثماري سكني وتجاري وصناعي في بعض مناطق العاصمة لأسباب تتعلق بالدراسات داخل الأمانة، وهو ما اضطر للأسف إلى هروب المستثمرين باستثماراتهم خارج الأردن في وقت الأردن فيه بأمس الحاجة لتلك المشاريع والاستثمارات، والذي يتحمل هذه المسؤولية هي إدارة أمانة عمان بسبب تخبط قراراتها وبيروقراطيتها وتلكؤها وعدم اتخاذها قرارات سريعة لتشجيع وإنعاش الاستثمار.
كما تتحجج أمانة عمان بأن قراراتها تحت الدراسة، ومنتظر رد الأمين وفرض غرامات وعوائد تنظيمية غير مسبوقة من ذات الجهة على شركات دون الأخرى والسبب مجهول.
المصلحة العليا للوطن تقتضي الإسراع والمتابعة لانجاز هذه المشاريع وغيرها، وإلزام كل الجهات العمل بإجراءات شفافة لا أن تتخذ خلف الأبواب المغلقة، وإعلانها للجميع وأن تتفرغ كافة القطاعات لعملها وأن لا تقتحم في قضايا هي غير مكلفة قانونا بها وليست من صلب عملها تطبيقيا.
ونقول أخيرا " من يسكت عن هذا الخلل فهو شريك به ".