صحيفة العرّاب

محمد الخطيب يكتب : الدبلوماسية الاقتصادية للمملكة الأردنية الهاشمية في إطار “رؤية التحديث الاقتصادي 2033”

 الدبلوماسية الاقتصادية للمملكة الأردنية الهاشمية في إطار "رؤية التحديث الاقتصادي 2033"

كتب محمد الخطيب
تُعَدّ الدبلوماسية الاقتصادية من أهمّ مرتكزات العمل الدبلوماسي، لذا فمن المفيد ان يتمتع رئيس وطاقم أي بعثة دبلوماسية اردنية بخلفية جيدة في مجال الاقتصاد، ويكون دوما على اطلاع بالتحديات التي تواجه بلده اقتصاديا ويسعى ان يحّول التحديات الداخلية الى فرص من خلال تسويق الأردن في الخارج.
وتهدف وزارة الخارجية وشؤون المغتربين من خلال البعثات والسفارات وعلاقتها المتميزة مع دول العالم إلى جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والعربية، وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف.
وحسب المعلومات المتوفرة فان الأردن له تمثيل دبلوماسي في كل من اسيا وأوروبا وافريقيا وامريكا الشمالية وأستراليا وامريكا اللاتينية والوسطى.
والدبلوماسية الاقتصادية تقوم على القدرة على استقطاب استثمارات أجنبية تستحدث فرص عمل جديدة في الأردن وتعزيز جاذبية المملكة في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وخدمة الاقتصاد الأردني وتحفيزه، وتعزيز البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال، والتعريف بالحوافز والتسهيلات المقدَّمة للمستثمرين وترويج الصادرات الأردنية من خلال فتح أسواق عالمية جديدة، وتشجيع الأردنيين في الخارج على الاستثمار داخل المملكة، واستكشاف الفرص الاقتصادية والتجارية المتاحة في الدولة المستضيفة. 
مما لا شك فيه بان أي رئيس بعثة يجب ان يتمتع بمهنية دبلوماسية رفيعة وقدرة ممتازة في العلاقات العامة والإنسانية، وبطيب المعشر والود والصداقة مع الجميع، وان يكون مثالا للدبلوماسية الاقتصادية والسياسية والانسانية، من اجل تمثيل بلده خير تمثيل وتعزيز العلاقات في كافة الصعد، خصوصا في المجال الاقتصادي والاستثماري.
وعلى رئيس البعثة الدبلوماسية استثمار العلاقات بين القيادة السياسية في بلده والقيادة السياسية في البلد الذي تم تعيينه بها، والبناء على تلك العلاقات، فالدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بين الحسين تتسم بالحكمة والعقلانية، والأردن بيت الحكمة الذي ينشده الاشقاء والأصدقاء من قادة هذا العالم وزعمائه، حيث اصبحت الدبلوماسية الأردنية المثل والقدوة في كافة المحافل الدولية.
ويقود جلالة الملك أيضا الدبلوماسية الاقتصادية، فهو يتمتع بشخصية ديناميكية وانضباط والتزام عسكري، مكنته من اجتراح رؤية جديدة للتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية وهو يجوب العالم ويشارك في معظم الملتقيات والمؤتمرات الاقتصادية العالمية والعربية ويلتقي قيادات سياسية واقتصادية وإعلامية، وممثلي عدد من كبريات الشركات، وذلك في إطار سعي جلالته الموصول لإبراز المزايا والفرص الاستثمارية التي يوفرها الاقتصاد الأردني، بهدف جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل للأردنيين.
والمتتبع للشأن الاقتصادي، يرى توجيهات جلالة الملك باستمرار لوزارة الخارجية الأردنية لأهمية دور السفراء والبعثات الدبلوماسية في توطيد علاقات المملكة مع الدول الشقيقة والصديقة، وتوسيع آفاق التعاون لتحفيز الاقتصاد الوطني، وجلب فرص جديدة لتحسين وتطوير القطاعات الاقتصادية الحيوية.
واكد جلالة الملك في أكثر من لقاء إلى ضرورة الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة، والتي تؤهله ليكون مركزاً إقليمياً في قطاعات التصنيع الغذائي والدوائي والمستلزمات الطبية. كما أكد جلالة الملك أن مئوية الدولة الثانية ستكون عنواناً لاستمرار التنمية والعطاء في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وتحظى المرحلة الجديدة للاقتصاد الوطني بدعم من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي رسم في رسالة وجهها للأردنيين بمناسبة عيد ميلاده الستين في 30 كانون الثاني/يناير الماضي، ملامح المستقبل للبلاد.
وقال جلالته في الرسالة: "نريده مستقبلا مشرقا نعزز فيه أمننا واستقرارنا، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع". وقال "نريده مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم، وننهض فيه باقتصادنا، وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر فيه قطاعنا الخاص.
والأردن يدخل مئويته الثانية، وفي ضوء رؤية التحديث الاقتصادي، على رئيس البعثة الأردنية ان يحرص على دورية وانتظام انعقاد الاجتماعات واللقاءات مع وزارات الاستثمار والاقتصاد في البلد المعين فيها، وعلى ادامة التواصل مع الغرف التجارية والصناعية، من اجل شرح هذه الرؤية للجهات المعنية في البلد المضيف. 
كما يلعب رئيس البعثة دورا كبير في تنشيط التبادل التجاري وتذليل العقبات التي تواجه حركة انسياب السلع بين الأردن والعالم، وله دور أيضا في وتعزيز العلاقات وتفعيل الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين الأردن ودول العالم، وعرض الفرص التي تضمنتها رؤية التحديث الاقتصادي التي جاءت بدعم ملكي.
وعلى رئيس البعثة ان يكون أكثر ديناميكية ومكوك متحرك في الدولة المستضيفة ويفتح افاق التعاون والاتصالات مع الجهات الرسمية والخاصة ويكون على تواصل دائم مع الجهات الرسمية الأردنية المعنية بالاقتصاد والاستثمار وأيضا مع الغرف الصناعية والتجارية في الأردن، ويكون مثالا لرجل المهام الصعبة العليم بما هي أفضل السبل وانجعها لخدمة دولته والدولة المضيفة.
كما هو معلوم، يتطلب تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقت مؤخراً، جلب استثمارات وتمويل بنحو 41 مليار دينار خلال العقد المقبل. وتعتمد الرؤية على 3 مصادر تمويل أساسية؛ منها والتمويل الأجنبي المدفوع بالاستراتيجية الجديدة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
لذا يتعين على البعثات الدبلوماسية الأردنية في الخارج تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية وان تكون أولوية قصوى لدى وزارة الخارجية الأردنية، وعليها أن توجّه اهتمامها نحو البلدان التي تتوافر فيها فرص النمو ونحو السعي لترويج الأردن، ومن الممكن في هذا الشأن استحداث إدارة في وزارة الخارجية تكون نقطة وصل بين الوزارة ووزارتي الاستثمار والصناعة والتجارة والبعثات الدبلوماسية، يكون هدفها حث هذه البعثات على التواصل مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالاقتصاد والاستثمار والطلب منهم تفعيل زياراتهم لدى هذه الجهات وتسويق الأردن ضمن خطة واضحة ويتم الطلب منهم أيضا تقارير تبين انشطتهم في المجال الاستثماري والاقتصادي ويكون التقييم لرئيس البعثة وطاقمه على قدرته على احداث فرق في تنمية العلاقات التجارية بين بلده المضيف وبين الأردن.