صحيفة العرّاب

المحاريق يكتب: الوحدات والفيصلي .. وجوه أخرى للتنمية المعطلة

 

سامح المحاريق

 

أندية الهوية ليست ظاهرة موقوفة على الأردن، سلتيك ورينجرز في اسكتلندا، اي سي ميلان وانترميلان، هي نماذج أخرى، إلا أن الفرق الجوهري هو في استبداد الناديين بالاهتمام، وهذه ظاهرة في الدول التي لا تمتلك تنمية متوازنة، بمعنى أن أندية المحافظات والمقاطعات المختلفة تبقى غائبة، ويصبح التركيز على ناديين يتصادف أن كلاهما وجد نفسه في شعارات هوياتية ضيقة.

الفيصلي ليس وطناً، فالوطن هو الرمثا واربد والمفرق وجرش وعجلون والسلط والزرقاء والأغوار ومادبا والكرك والطفيلة ومعان والعقبة، جميعها لديها أندية، وللأسف أندية لا تجد تمويلاً مناسباً من أجل استيعاب طاقات الشباب والخروج بمواهب تمثل محافظاتهم، وبعضها محافظات تتجاوز التقسيم الهوياتي.

الوحدات ليس قضية، هو في النهاية نادٍ لكرة القدم، يمكن أن نعتبر نادياً من غزة يكافح من أجل التواجد على الرغم من التحديات جزءاً من القضية، ولكن الوحدات لا يمتلك شيئاً من ذلك، ولا يصح الإسقاط عليه.

صفحة الملاعب تنقل كثيراً من التعليقات المسيئة، تلتقط الجمهور الذي يخرج من الملعب بتعبئته العاطفية ليجدوا أمامهم الكاميرا والميكرفون، وأي اغراء أن يجد الإنسان نفسه ممسكاً بفرصة الحديث أمام الكاميرا، وأي خطورة أن يفعل ذلك إذا كان متوتراً أو غاضباً، ولكن يبقى الحديث عن فئة من الجمهور تمثل المتعصبين كروياً غير صالح للتعميم.

خيراً فعل اتحاد الكرة بقراره إقامة المباراة من غير جمهور، فأصداء أحداث ملعب أندونيسيا ما زالت قائمة، ولكن إلى متى؟ وكيف يمكن تفكيك هذه الظاهرة المقلقة؟

توجد روابط مشجعين، تحب أن يكون فوز فريقها سبباً من أجل الانتشاء والشعور الوهمي بتحقق الذات، وهذه الروابط تمتلك علاقات جيدة مع الإدارات المشرفة على الأندية، وبذلك يغدو السبب والحل واضحين، هذه إدارات غير مسؤولة تطلق الشعارات وتغذيها في أغراض انتخابية من أجل امتطاء الأندية إلى صور من الوجاهات الاجتماعية، والدولة عليها ألا تقف متفرجة أمام حالة الشحن، لأنه قد ينقلب إلى تحريض ويسفر عن نتائج سلبية.

لنعد إلى الأندية الأخرى والتي يفترض ألا تكون كومبارس أمام بطلين يستحوذان على المشهد، ويرغبان في استقطاب الأضواء جميعها، أندية المحافظات التي يجب أن تجد الرعاية لدى الشركات الكبرى، وباعتقادي أنه لم تم الاستثمار في أندية المحافظات فإن مستوى الكرة الأردنية سيشهد نهضة واسعة.

ألتراسات حقيقية في المحافظات ستتجاوز الهويات الضيقة، وستشارك في أدوار اجتماعية مثل مكافحة المخدرات، وستمنحنا بيئة رياضية أفضل ودوري كرة قدم أكثر متعة، بحيث لا تصبح نتيجته وحدات أو فيصلي، ولتتواجد هذه الألتراسات فالدعم يجب أن تتم هندسته بصورة صحيحة ومدروسة.

بالمناسبة، شغب الملاعب ليس ظاهرة يمكن صرفها اجتماعياً، بمعنى أنه لا يعبر سوى عن المتعصبين الذين يمكنهم استغلال لحظة انفعالية لتفجير مشهد غير مناسب داخل الملعب، وأنسجتنا الاجتماعية أقوى من أن تستجيب لخلخلة ناتجة عن ذلك، ولكن من سيتحمل تكلفة حادثة نتمنى ألا نراها في الأردن يوماً؟

العقلاء عليهم التحرك بصورة عاجلة طالما وصلت الأمور إلى وجود توصية أمنية بسحب الجمهور من مجرد مباراة مرتقبة.