"نسعى للبحث عن الحلول في سبيل رفعة ونهضة الفنان الأردني، ولا نريد أن نتعامل معه كما قال الشاعر: لا أعرفنك بعد الموت تندبني.. وفي حياتي ما زودتني زادي".
بهذه الكلمات بدأ رئيس ملتقى النهضة العربي الثقافي في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) باسل الطراونة جلسة عمل حول دور الإعلام في دعم الفنانين والمثقفين، نظمها الملتقى لتحديد آليات وطرق إسناد دعم أهل الفن والثقافة في الأردن بحضور مجموعة من الفنانين والكُتاب والإعلاميين، وذلك في مقهى النهضة بجبل عمان.
الجلسة بدأت بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء الفلسطينيين والفنان الأردني الراحل داود جلاجل الذي كان أحد الأعضاء الفاعلين في ملتقى النهضة العربي الثقافي، فالطراونة أكد أن جلاجل راحل كريم وتأبينه في القلب دائماً وأبداً فهو فنان ملتزم وصاحب حضور كبير، فيما قال زميله أنور خليل إنه التقى بجلاجل قبل أيام من وفاته، وكان الأخير يحدثه خلال اللقاء عن أهمية الملتقى في دعم وتسليط الضوء على المشهدين الفني والثقافي.
وقال الطراونة إن الجلسة تحمل عنواناً مهماً للوقوف على هموم ومشاكل الفنان الأردني ورصد التوصيات للارتقاء بالفن الأردني وإرسالها للجهات المعنية، فمنظمة النهضة (أرض) أخذت على عاتقها دعم المشهدين الثقافي والإعلامي وكان نتاج ذلك تأسيس ملتقى النهضة العربي الثقافي، مضيفاً أن الجولات السابقة كانت مع الإعلام، والآن نتابع المشهد الثقافي، وسنبقى نحن نعمل وفق أدوات قياس لمراجعة ما أنجز والعمل على ما لم يتم إنجازه.
بدوره، أكد الفنان أشرف أباظة أن الحديث عن ميدان الفن والثقافة تطرقت له جهات مختلفة وكان هناك نقاشات كثيرة حول وضع الفنان وما الذي يجب أن يكون عليه، لكن ذلك لم يغير من الظروف الصعبة التي يكابدها الفنان الأردني لا سيما المتفرغ للفن، فعذاباته مستمرة سواء من ناحية التأمين الصحي الغائب أو الراتب غير الموجود ، مشيراً إلى أن الفن الأردني بحاجة إلى الدعم الحقيقي والقناعة لدى المسؤول بأهمية دوره، وأن تتغير النغمة السائدة حالياً بأن ميزانية وزارة الثقافة لا تسمح بالدعم.
وروى الفنان أنور خليل ما حدث باجتماع حضره لاتحاد المنتجين العرب قبل عشر سنوات بحضور وزير إعلام أردني سابق، حيث سأل الوزير خليل عن سبب غياب الفنانين عن شاشة التلفزيون، ليرد عليه : " كنا نقبل هذا السؤال من المشاهدين، لكن أن يأتي منك فهذا يختصر مشكلتنا وأسباب تهميشنا"، مضيفاً أن الفنان نبتة بلا ري، فنحن في بلد ليس فيه استراتيجية لدعم الفنان والمثقف والرياضي والمبدعين عموماً، وليس هناك أي تخطيط للحركة الثقافية في الأردن، كما أننا حشرنا أنفسنا في قالب المسلسلات البدوية وانفصلنا عن الواقع، مما جعل الفنان بعيداً عن هموم ومشاكل الناس التي لا تختلف عن همومه .
وأعربت الفنانة سميرة خوري عن تفاؤلها بالقادم رغم المنغصات التي يعيشها الفنان الأردني، مؤكدة أن البداية من هذه الجلسات التي توجه الإعلام لضرورة دعم المشهد الفني وإعلاء قيمة الفنانين باعتبارهم جزءاً من الهوية الوطنية، فالفن واجهة أي بلد ومن الممكن لعمل فني أن يروج له سياحياً أضعاف ما تقوم به المؤسسات المعنية، مؤكدة أنه ليس من اللائق أن يعجز الفنان عن تأمين احتياجاته الشهرية أو طرده من منزله لعدم قدرته على دفع الإيجار الشهري.
وركز المشاركون في الجلسة خلال توصياتهم على ضرورة طرح فكرة إنتاج المسلسلات الإذاعية على الإذاعات الخاصة في ظل توقف الإذاعة الأردنية عن إنتاج هذه المسلسلات، وأن تقوم المؤسسات والشركات الكبرى بدعم الفنانين وإنتاج الأعمال الفنية من باب المسؤولية المجتمعية، والعمل سوية بين نقابة الفنانين ونقابة الكتاب والمثقفين لتأسيس هيئة تشرف على صندوق يدعم الفنانين، وضرورة دعم الكُتاب للمُنتج الفني الأردني مما يؤدي لتسويقه خارجياً فيعود بالنفع على الفن والفنانين، والضغط باتجاه تخفيف الرقابة على النصوص الدرامية، فكلما اقترب الفنان من نبض الشارع كلما زاد حضوره وزادت فرصه .
يذكر أن مقهى النهضة هو أحد المشاريع الريادية لحاضنة أعمال (صمم) الذي تنفذه منظمة النهضة (أرض)، حيث جاء اختيار كلمة (مقهى) لأنها كلمة عربية خالصة، ولأن المقهى في الذاكرة العربية الحديثة هو "فضاء اجتماعي تفاعلي" يتواصل عبره الناس، ويتعرّفون على بعضهم البعض، ويتبادلون آراءهم، ويتباحثون في القضايا التي تهمهم وتهم مجتمعهم