اخذت ظاهرة اللقطاء مجهولي النسب، في الاردن منحى خطيرا وبعدا اجتماعيا يؤشر على تمزق النسيج الاجتماعي بعد ان تنامت الظاهرة الى مستويات غير مسبوقة فالأعداد والإحصائيات الرسمية تشير الى زيادتها من 25 لقيطا عام 2005 الى 30 لقيطا عام 2006 الى 37 لقيطا في العام الماضي و11 لقيطا في الشهر الحالي
ویری مختصون في الشأن الاجتماعي ان الظاهرة تحتاج الى دراسة معمقة فلم تعد محصورة في المدن الكبيرة وانما انتقلت الى الريف والبادية وفي المناطق الأكثر تشددا فالحالات التي سجلت الشهر الحالي في دير علا ومعان والقويرة والأغوار والعاصمة كثافتها تؤشر على انه ربما يكون الامر مبرمجا ما يثير تساؤلات عديدة فكيف يمكن لاب وام في السفاح ان يقتلا المولود واين ولد هذا اللقيط ومن اشرف على ولادته في حالة القلق والتوتر التي تعتري والداه بالسفاح وما هو سر غياب الاهل عن هذه الحالات وربما ان هناك العشرات من الحالات التي لم تكشف او ذهبت للمستشفيات دون علم الأعلام الذي رصدها..
يقول رئيس الطب الشرعي ان على الحكومة تشكيل لجنة لدراسة ظاهرة اللقطاء في الاردن وافتاء الإجهاض في الأسابيع الأولى من الحمل بدلا من تعرض اللقيط بعد ولادته للقتل او تركه ليكون الأمر اشبه بالشروع في القتل.
فيما يرى اخر وهو استاذ الاجتماع وفضل عدم ذكر اسمة ان الظاهرة تتطلب شفافية ووضوح ومواجهة فالنسيج الاجتماعي في الأردن بدأ بالتمزق شيئا فشيئا لعوامل الفقر والبطالة وغياب رب الأسرة والتحول الاقتصادي والاجتماعي ما دفع بفعل وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة زيادة وتنامي هذه الظاهرة.
ويرى المختصون ان عزوف الشباب عن الزواج وغلاء المهور وتردي الأوضاع الاقتصادية عوامل مهمة لتنامي الظاهرة بالإضافة الى انه يوجد في الاردن نحو 70 ألف خادمة و١٢ ألف حارس عمارة وافد.
ويشير الخبير الاجتماعي الدكتور أن الحكومات تبنت الجانب الاقتصادي على حساب الجانب الاجتماعي واغفلته ما ساعد في زيادة الحالات دون رادع.
وتعد الوصمة الاجتماعية التي تلحق بالأهل بعد كشف الحادثة هي الاخطر اضافة الى الابتعاد عن حالة الام العزباء فكيف يمكن للأهل تقبل النقد الاجتماعي في مجتمع عشائري بعد ان تكون ابنتهم ارتبكت جريمة بحق نفسها واهلها، فيما تعد نظرة المجتمع للام العزباء الأخطر فكيف ينظر المجتمع للام التي تحمل مولودها دون اب معروف.
اذن المطلوب حل جذري للظاهرة ليس من خلال وضع الرؤوس في الرمال ومنع الاعلام من نشر هذه الظاهرة في وسائل الاعلام ومنع نشر صور الأطفال حرصا على مستقبلهم وانسانيتهم وانما من خلال تغليظ العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة وتفعيل القوانين لمواجهتها والعودة الى البعد الديني من خلال خطباء المساجد والحد من انتشار مفاهيم التحرر والتجريب والكشف التي تمهد الطريق للوصول الى ممارسة الرذيلة ففي عمان وحدها اكثر من ٢٠٠ نادي ليلى وملهي وفي كل منزل الصحون اللاقطة والنت التي تسهل الوصول للقنوات الاباحية في ظل العوز والفقر والبطالة والرغبة في اشباع الرغبات؟!
ان لغياب الأمل للحكومات عن ممارسة دورها الاجتماعي وابتعاد الأكاديميين عن دراسة هذه الظاهرة باعتبارها مناطق محرمة لا يجوز الخوض فيها، وتعميق فجوة الفقر خاصة في المناطق الأشد فقرا يساعد على تنامي هذه الظاهرة خصوصا
بعد تنامي معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات والمسكرات وخوف المواطن من الخوض في المسائل الدينية أو الترهيب منها تحت طائلة مسميات عديدة أبرزها، الانتماء الى الجماعات الدينية، اضافة الى انصراف الجماعات الدينية الى البعد السياسي والابتعاد كليا عن النهج التوعوي الارشادي الذي يصب في المشاركة المجتمعية وادخال مفاهيم جديدة من شأنها ان تثري انتشار هذه الظاهرة.