صحيفة العرّاب

عباس يتوعد إسرائيل بإعادة النظر في العلاقات

 دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، القمة العربية في نسختها الواحدة والثلاثين، إلى تشكيل لجنتين وزاريتين عربيتين للتحرك على المستوى الدولي، لدعم دولة فلسطين سياسيا وقانونيا.


وقال عباس في خطابه أمام القمة العربية في الجزائر، اليوم الأربعاء، نتطلع لدعمكم من خلال إصدار قرارٍ بتشكيل لجنة وزارية عربية للتحرك على المستوى الدولي، لفضح ممارسات الاحتلال، وشرح روايتنا، وتنفيذ مبادرة السلام العربية، ونيل المزيد من اعتراف الدول الأوروبية بدولة فلسطين، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ومنع نقل سفارات الدول إلى القدس، وعقد مؤتمر دولي للسلام على قاعدة الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2334، والقرارين 181 و194، اللذين كانا شرطين لقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.

وأضاف: كما نتطلع إلى دعمكم لتشكيل لجنة قانونية لمتابعة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني جراء إصدار الحكومة البريطانية وعد بلفور عام 1917، وصك الانتداب، بالتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية، وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطيني، وارتكاب إسرائيل أكثر من 50 مذبحة خلال وبعد نكبة 1948، وما تلا ذلك من تدمير ونهب لأكثر من 500 قرية فلسطينية.

وتابع: إسرائيل بإصرارها على تقويض حل الدولتين، وانتهاك القانون الدولي والاتفاقات الموقعة معها، وممارساتها الأحادية الجانب، لم تترك لنا خيارا، سوى إعادة النظر في مجمل العلاقة القائمة معها، وتنفيذ قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، والذهاب للمحاكم الدولية، والانضمام لمزيد من المنظمات الدولية حماية لحقوق شعبنا.

وطالب الرئيس عباس بتفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن الدعم المالي لموازنة دولة فلسطين، وتفعيل شبكة الأمان العربية التي أُقرت سابقا، خاصة أن إسرائيل تحتجز الأموال الفلسطينية، مؤكدا أهمية تنفيذ قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول توفير الدعم لمدينة القدس وصمود أهلها.

ودعا إلى بذل كل جهد مستطاع وضروري لإنجاح مؤتمر القدس الذي سيعقد مطلع العام القادم في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة.

وطالب الرئيس عباس، القمة العربية، بدعوة الأزهر الشريف والفاتيكان والهيئات والمؤسسات والمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، لمواصلة القيام بواجبها حيال القدس ومقدساتها، وتبني خارطة طريق واضحة في كيفية تحقيق ذلك، باعتباره فريضة شرعية وضرورة سياسية لا بد منها.

وحيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على استضافة القمة العربية على أرض الجزائر الأبية، أرض المليون ونصف المليون شهيد، لتعزيز التضامن والعمل العربي المشترك في ظل الظروف الخطيرة التي يمر بها العالم، الأمر الذي يظهر أهمية التنسيق والتعاون المشترك وتنقية الأجواء العربية لمواجهة جميع التحديات التي تواجهنا مجتمعين كأمة عربية واحدة موحدة.

وختم كلمته، بدعوة قادة وشعوب أمتنا العربية إلى وقفة حاسمة من الجميع لنصرة القدس أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وموطن الإسراء والمعراج، وحاضنة القيامة.

وفيما يلي نص خطاب الرئيس عباس أمام القمة العربية الـ31:

فخامة الأخ الرئيس عبد المجيد تبون، الإخوة القادة،

السيدات والسادة،

في هذا اليوم المجيد، الفاتح من نوفمبر، ذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية، أتوجه بالتحية والتقدير لفخامة الأخ الرئيس عبد المجيد تبون، ومن خلاله للشعب الجزائري الشقيق على استضافة هذه القمة العربية على أرض الجزائر الأبية، أرض المليون ونصف المليون شهيد، لتعزيز التضامن والعمل العربي المشترك في ظل الظروف الخطيرة التي يمر بها العالم، الأمر الذي يظهر أهمية التنسيق والتعاون المشترك وتنقية الأجواء العربية لمواجهة جميع التحديات التي تواجهنا مجتمعين كأمة عربية واحدة موحدة.

إن للجزائر مكانة خاصة في قلوب شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، فعلى أرضها أعلن الشعب الفلسطيني قيام دولته في العام 1988، وفي رحابها عقدنا منذ أسابيع مؤتمرا للمّ الشمل من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية، سعيا لإعادة توحيد الصف الفلسطيني، مؤكدين تقديرنا وحرصنا على إنجاح هذه الجهود الجزائرية المباركة.

وهنا لا بد أن أُشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها ويبذلها الأشقاء في مصر التي ترعى المصالحة، والشكر موصول للدول العربية والصديقة التي تساهم في تهيئة الأجواء لتحقيق المصالحة على قاعدة الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.

كما أتوجه بالشكر والعرفان لتونس، على رئاسة القمة السابقة. وأوجه، بهذه المناسبة، تحية إكبار وتقدير لأشقائنا قادة الدول العربية وشعوب أمتنا كافة، على مواقفهم الثابتة تجاه شعبنا وقضيته العادلة، وأحيي في هذا الصدد جهود الأخ الأمين العام لجامعة الدول العربية، وجميع العاملين فيها.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

ما زال الشعب الفلسطيني، وبعد مرور 74 عاما على نكبته، يُعاني ويلات التشرد والاحتلال، بالرغم من قبوله بقرارات الشرعية والمرجعيات الدولية، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُصر على تقويض حل الدولتين، وانتهاك القانون الدولي والاتفاقات الموقعة معها، وتتصرف كدولة فوق القانون، مستندة إلى صمت دوليّ، وغياب للمساءلة والمحاسبة.

إن الشعب الفلسطيني يواجه اليوم ظروفا في غاية الدقة والصعوبة جراء استمرار سلطات الاحتلال، في فرض سياسة الأمر الواقع عبر الاستيطان وإرهاب المستوطنين، وسرقة الأرض، وتهجير أصحابها، وهدم بيوتهم، وتدمير الحقول وإحراقها، واحتجاز الأموال، وإصدار القوانين العنصرية، والحصار الجائر لقطاع غزة، واقتحامات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وحصارها لنابلس وجنين وأحياء وبلدات القدس، وما يصاحبها من اعدامات ميدانية، واعتقالات، واحتجاز لجثامين الشهداء، وانتهاك الوضع التاريخي (الستاتسكو) للمسجد الأقصى، وكنيسة القيامة واستباحة قدسيتهما، والاستيلاء على جزء من المسجد الإبراهيمي في الخليل، وغيرها من الجرائم التي تتحدى القانون الدولي.

ونرحب في هذا السياق، بالتقرير الذي صدر مؤخرا عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، الذي يدين هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لا بد أن أقول لكم وبكل صراحة، إن إسرائيل، دولة الاحتلال، التي تقوم بتدمير ممنهج لحل الدولتين، وتتنكر للاتفاقات الموقعة معها، وتستمر في ممارساتها الأحادية الجانب، لم تترك لنا خيارا، سوى إعادة النظر في مجمل العلاقة القائمة معها، وتنفيذ قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، والذهاب للمحاكم الدولية، والانضمام لمزيد من المنظمات الدولية حماية لحقوق شعبنا.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إننا نتطلع إلى دعمكم من خلال إصدار قرار من القمة بتشكيل لجنة وزارية عربية للتحرك على المستوى الدولي، لفضح ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وشرح روايتنا، وتنفيذ مبادرة السلام العربية، ونيل المزيد من اعتراف الدول الأوروبية بدولة فلسطين، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ومنع نقل سفارات الدول إلى القدس، وعقد مؤتمر دولي للسلام على قاعدة الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2334، والقرارين 181 و194، وهما القراران اللذان كانا شرطين لقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، واللذان لم تلتزم بهما.

كما نتطلع إلى دعمكم لتشكيل لجنة قانونية لمتابعة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني جراء إصدار الحكومة البريطانية وعد بلفور في عام 1917، وصك الانتداب، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطيني، وارتكاب إسرائيل أكثر من 50 مذبحة خلال وبعد نكبة عام 1948، وما تلا ذلك من تدمير ونهب لأكثر من 500 قرية فلسطينية. إن الجرائم لا تسقط بالتقادم، لذلك فإننا نطالب جميع الأطراف التي ارتكبت هذه الجرائم، بالاعتراف بما اقترفته، والاعتذار عنها، وجبر الضرر، وللتذكير فإنه يصادف اليوم مرور 105 أعوام على صدور وعد بلفور المشؤوم، وما زالت تداعياته قائمة إلى يومنا هذا.

الأشقاء الأعزاء،

إن شعبكم الفلسطيني، وهو يواجه المحتل وسياساته العنصرية بكل صمودٍ وتحدٍ، ينتظر من أشقائه أن يواصلوا وقوفهم معه اليوم من خلال تفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن الدعم المالي لموازنة دولة فلسطين، وتفعيل شبكة الأمان العربية التي أُقرت سابقا، خاصة أن إسرائيل تحتجز الأموال الفلسطينية، مؤكدين أهمية تنفيذ قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول توفير الدعم لمدينة القدس وصمود أهلها، بشكل مؤثر وهي تتعرض لأشرس حملة إسرائيلية لتهويدها وتغيير معالمها الفلسطينية العربية والإسلامية، مع العلم أن ما أنفقته سلطات الاحتلال والجهات والمنظمات الداعمة لها، على تهويد القدس المحتلة، وفق تقاريرهم، قد بلغ عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات الماضية.

كما أدعو في هذا السياق أيضا، إلى بذل كل جهد مستطاع وضروري لإنجاح مؤتمر القدس الذي سيعقد مطلع العام القادم في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة.

وأطلب من قمتكم دعوة الأزهر الشريف والفاتيكان والهيئات والمؤسسات والمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، لمواصلة القيام بواجبها حيال القدس ومقدساتها، وتبني خارطة طريق واضحة في كيفية تحقيق ذلك، باعتباره فريضة شرعية وضرورة سياسية لا بد منها.

وبهذه المناسبة، نتمنى لجمهورية مصر العربية الشقيقة النجاح في تنظيم القمة العالمية للمناخ، ونتمنى للمملكة العربية السعودية الشقيقة النجاح أيضا في مبادرتها للشرق الأوسط الأخضر.

كما نتمنى لدولة قطر الشقيقة النجاح في تنظيم كأس العالم لكرة القدم، التي تقام لأول مرة في دولة عربية شقيقة.

أشكركم فخامة الرئيس على كرم الضيافة، ورئاسة هذه القمة، وأحييكم أيها الإخوة القادة وشعوبكم على دعمكم، ومواقفكم تجاه فلسطين والقدس. وهنا لا بد أن نُوجه التحية والتقدير لأبناء شعبنا في كل مكان، وبخاصة لأبناء شعبنا في مخيمات اللجوء، ولشهدائنا ولأسرانا الأبطال وجرحانا البواسل، ونقول لهم: إن النصر لقريب، وستبقى مسؤولية عائلات الشهداء والأسرى والجرحى أمانة في أعناقنا، لن نفرط فيها مهما كان الثمن.

التحية لقادة وشعوب أمتنا العربية، ونقول: إن القدس أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وموطن الإسراء والمعراج، وحاضنة القيامة، أمانة في أعناقنا، وهي بحاجة لوقفة حاسمة منا جميعا لنصرتها. السلام عليكم.