هي كما هي لا بل ازدادت تألق وجمالا وعنفوانا فهي كالام لكل صاحب قلم صادق وكيف للأم أن تهرم أو تشيخ، حتى وأن قاطعها القريب والبعيد وجارت عليها الأيام ،وتكالبت عليها المحن من كل حد وصوب ..
هي قلعة الأسود عبر السنين,هي أرشيف الوطن الصادق بكل ما فيه ، حاضرة الزمان الموثل بالعز والافتخار، هي عطر الماضي ،وأمل المستقبل حتى وأن تبدلت الدنيا وتغيرت الأحوال، فريح الورق أجمل عندما يتصبب عليه الحبر فيفوح بكلمات الكتاب والادباء والمفكرين والشعراء..
من على عتبات الدستور كان الفرح على الملامح يبتسم لكل من عمل فيها ،
ومن اروقتها تعلم الجميع صدق الانتماء وهو يغترف من وعاء قلبها النابض بصدق الاعلام...
الدستور ليست وجها ولا رداء ولا تقاسيم جسد ،هي لكل من سكنها وسكنته ذاك الحب الذي يغمرنا كلما طرقنا بابها وتجولنا في رحابها ...
هي وباختصار صاحبة الجلالة والكبرياء بين الصحف هي الشقيقة الكبرى للرأي والغد ومن سبقها ولحق بها الى أن يرث الله الارض ومن عليها..
هي ثوب العروس الأبيض العالق في الأدراج ، ليفوح شذاه ويعيد الذكريات لكل صاحب قلم صادق وغيور في زمن اعلام (الوايرلس ) و( كيبورد) و( الكوبي بيست) ...
هي الدستور وفخامة الأسم تكفي فهي فاتحة أكمام ردائها وشموخها بين الضلوع لنضمها داخل قلوبنا وارواحنا فتعزف لحنا مؤثرا وآثرا طيبا ، لتكون مشرقة بين شقيقاتها من الصحف الأردنية والعربية، فتبوح لنا بروائع الحكايات والمقالات والاشراقات والأخبار، وتلمس حاجات الناس وهمومهم وتطلعاتهم،
تعظم النجاح وتسلط الضوء على مواطن الخلل بوضوح ليتم معالجتها من قبل أهل الاختصاص..
ما زالت صورة اللقاء الأول ماثلة في ذاكرتي رغم السنين تلهمني وتذكرني وتعيدني الى ذلك اليوم الربيعي المفعم بالحياة والامل، كانت مسرعة جداً، ولكن عامل الزمن فيها كان يتغير كل ثانية لا بل كل جزء منها ،
شريط اعادني حين كنت طالب في الصف التاسع عندما قرر الأستاذ المشرف على رحلتنا المدرسية أن نزور جريدة الدستور قبل عودتنا الى اربد..
على أعتاب ادراجها توقفت الكلمات ومع صورة الملك الحسين طيب الله ثراه الشامخة على مدخلها، تزينت صور الاطفال وكأنهم على ميعاد مع القائد، فالكل أخذ نفس الصورة دون استثناء ..
اليوم وبعد ثلاثين عام عُدت الى الدستور من أوسع أبوابها عضوا في مجلس إدارتها، فوجدتها كما هي ما زالت شامخة كجبل عرفات لا تقبل الانحناء الا لله والوطن والقلم الصادق، ..
اليوم وبعد ثلاثين عام تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال فالكل يعلم الظروف التي مرت على صحافتنا الورقية ، والقليل من يقف معها رغم حجم التحديات مما جعل أوراق الصحف تباع على الإشارات بالكيلو..
اليوم وبعد ثلاثين عام عانت الدستور وشقيقاتها ورقيا وإلكترونيا الكثير الكثير ولكنها وخلال العام الماضي رفضت قانون الأمر الواقع والمصير المحزن ، صرخت بعد أن قيض لها من يخدمها لا من تخدمهم وشقت طريقها من جديد بعون الله تعالى وبركاته وجهود المخلصين..
اليوم وبعد ثلاثين عام أقول لمن يريد للصحافة الورقية أن تنتهي ها هي الدستور تحفر في الصخر لتعود من جديد بقوة من حملوا على عاتقهم أمانة المسؤولية وحب العمل فلا تضيقوا عليها الطريق فهي لسان الوطن وحصنه المنيع والمدافع الشرس عنه في أحلك الظروف
غدا ستحتفل الدستور بعيدها (٥٧)
نذرا علينا جميعا أن نبقى لها على العهد والوعد وأن تبقى للوطن وللقلم عنوان..