يصادف اليوم الموافق 14 تشرين الثاني (نوفمبر)، الذكرى الـ88 لميلاد المغفور له، بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، باني نهضة الأردن الحديث.
والمغفور له الحسين بن طلال، هو الحفيد الأربعون للنبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وسليل الأسرة العربية الهاشمية؛ إذ ولد الراحل في الـ14 من تشرين الثاني (نوفمبر) 1935 في عمان، وتربى في كنف والديه طيب الله ثراهما جلالة الملك طلال وجلالة الملكة زين الشرف، وجدّه المغفور له بإذن الله جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين.
وأكمل الملك الحسين تعليمه الابتدائي في الكلية العلمية الإسلامية بعمان، ثم التحق بكلية فكتوريا بالإسكندرية، وفي 1951 التحق بكلية هارو بإنجلترا، بعدها تلقى تعليمه العسكري بالأكاديمية الملكية العسكرية في ساند هيرست في انجلترا وتخرج فيها في العام 1953. ونودي بالحسين، طيب الله ثراه، ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية في الـ11 آب (أغسطس) 1952، وتسلم سلطاته الدستورية في 2 أيار (مايو) 1953. بدأ بتعريب قيادة الجيش العربي الأردني في مستهل آذار (مارس) 1956 وتسليم قيادته للضباط الأردنيين الأكفياء، وفي الشهر نفسه في العام التالي ألغى المعاهدة الأردنية البريطانية. كما طور جلالته القوات المسلحة وحدثها، وأرسى دعائم نهضة الأردن الحديث تعليميا وصحيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعمرانيا. وشهدت المملكة في عهد الملك الحسين حياة برلمانية مستمرة باستثناء سنوات قليلة عقب حرب حزيران (يونيو) 1967، واستمرت خلالها ممارسة الديمقراطية عن طريق إنشاء المجلس الوطني الاستشاري، حتى تهيأت الظروف العام 1989 لاستئناف الحياة البرلمانية بانتخابات أسفرت عن تشكيل مجلس النواب الـ11. وفي الشأن القومي، كان حضور جلالته في مختلف القمم العربية والعالمية حضوراً متميزاً، ويسجل لجلالته أنه أول قائد لبى أول نداء لعقد أول قمة عربية العام 1964، ويسجّل للأردن عدم تخلفه عن حضور أي مؤتمر قمة عربي منذ ذلك الحين. وناضل الحسين، طيب الله ثراه، من أجل القضية الفلسطينية في زمن الحرب وفي زمن السلام، وفي 21 من آذار (مارس) 1968 خاض الجيش العربي الأردني، بقيادة الملك الحسين، معركة الكرامة، وتمكن من دحر القوات الإسرائيلية الغازية، وحقق الجيش الأردني نصراً واضحاً بفضل قيادة جلالته وصمود الجنود الأردنيين. وفي مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الرباط في المغرب عام 1974 وافق الملك الحسين، رحمه الله، مع القادة العرب على الإعلان الصادر عن القمة بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وقام الراحل الكبير في العام 1991 بدور رئيس في عقد مؤتمر مدريد للسلام، بتوفير مظلة للفلسطينيين للتفاوض حول مستقبلهم عبر وفد أردني فلسطيني مشترك، وفي 13 أيلول (سبتمبر) 1993 وقعت منظمة التحرير وإسرائيل إعلان مبادئ (أوسلو 1) حددتا فيه أطر التفاوض معا، ومهد ذلك الطريق أمام الأردن للسير في مسار التفاوض الخاص به مع إسرائيل، ووقيع إعلان واشنطن في 25 تموز (يوليو) 1994 الذي أنهى رسمياً حالة الحرب بين الأردن وإسرائيل التي استمرت 46 عاماً. وتمكّن الأردن في عهد الملك الحسين، من إقامة شبكة من علاقات دولية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع عدد كبير من دول العالم. وفي السابع من شباط (فبراير) 1999 ودع الأردن الحسين الباني، وسط حشد من قادة العالم في جنازة وصفت بأنها "جنازة العصر". ومنذ أن تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وهو يواصل المسيرة بكل حكمة واقتدار، ويتعامل بحكمة وحنكة مع الأحداث الإقليمية والدولية، حتى أصبح الأردن محطّ تقدير العالم، كما يشهد الأردن نقلة نوعية في مختلف مسارات التحديث الشامل.