افترش الخمسيني احمد علي الارض في مدخل المختبرات الطبية المركزية في شارع السلط منتظرا ساعتين دوره لسحب عينة دم بعد ان أعياه تعب الوقوف في قاعة الانتظار المكتظة بالنساء والشيوخ والاطفال.
ويقول احمد وهو مدرس لغة عربية لوكالة الانباء الاردنية "منذ الصباح وانا في هذه القاعة التي تعج بالمراجعين ولا تتسع مقاعدها الا لعدد قليل منهم ،وبعد ان أعياني التعب وشعرت بصعوبة في التنفس بحثت عن مكان لانتظر فيه، فلم اجد سوى ارضية المدخل".
وشكا مرضى اخرون من ضيق المكان واعتبروه لا يتناسب وكثرة المراجعين الذين يقصدون المختبرات من كل انحاء المملكة لعدم توفر الكثير من الفحوصات المتخصصة في مناطقهم ،مثلما شكوا من صعوبة الوصول اليها وطول فترة الانتظار في مكان يفتقد للحد الادنى من متطلبات السلامة العامة وحفظ الكرامة الانسانية لاناس لا تسمح لهم ظروفهم الصحية بتحمل كل هذه المعاناة.
ولا تقتصر هذه المعاناة على المراجعين بل وتتعداها الى العاملين في المختبرات ،الذين يقضون ساعات طوال وهم يؤدون واجباتهم تجاه المرضى في ظل ظروف يصفها الكثير منهم بالقاسية وغير المناسبة.
ففي مختبر سحب عينات الدم ومساحته لا تزيد على تسعة امتار مربعة ينحشر ثلاثة فنيين باجهزتهم وادواتهم المختلفة ويقابلون في ذات الوقت ثلاثة مرضى، دون مراعاة للخصوصية ، فيما ينتظر على الباب ثلاثة اخرون خلفهم طوابير من المراجعين بالعشرات تمتد الى المدخل الرئيس ،يقوم على خدمتهم واستقبال معاملاتهم اربعة موظفين يقفون خلف (كاونتر) يجهدون في تنظيم الدور للحد من الاحتجاجات قدر الامكان.
ووصف حسن دبوس ،احد المراجعين، قاعة الانتظار بالمزرية .
وقال "لا يعقل حشر اكثر من مئة شخص فيها دون توفير مقاعد كافية وتهوية مناسبة خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف ".
وطالب عدد من المراجعين بتوفير موقع اخر للمختبر يسهل الوصول اليه ،مثلما طالب اخرون بتوسيع القاعة وغرفة سحب العينات وتوفير مقاعد وتأمين موظفين لتغطية ضغط العمل.
واعتبر محمد ،المرافق لوالدته عليا ام خالد (53 عاما) من سكان المنارة ،موقع المختبرات المركزية بالسيء وغير المناسب لكثرة الازدحام في الشارع المؤدي اليه ولعدم وجود مواقف ما اضطره للبحث عن مصف للسيارة في منطقة اللويبدة.
اما ام علي، فلم تجد طريقة للتغلب على الحال الصعب في القاعة سوى الخروج منها في غالب الوقت الى الشارع ، ومراجعة الموظف المعني للاستعلام عن دورها من حين لاخر.
وطالبت كل من ام فراس (57 عاما) من سكان مرج الحمام وام اشرف (60 عاما )من سكان منطقة النزهة بعد انتظار دام اكثر من ساعتين لاجراء فحصوصات السكري والكولسترول و( بي 12 ) بتوفير مثل هذه الفحوصات في المراكز الصحية الشاملة.
وتبلغ مساحة مبنى المختبرات المركزية بطوابقه الثلاثة 2000 متر مربع يشتمل على مختبرين احدهما طبي سريري يستقبل ويحلل زهاء 150 الف عينة سنويا والاخر للصحة العامة يجري جميع الفحوصات المتعلقة بعزل وتشخيص الجراثيم (البكتيريا والفيروسات والطفيليات والفطريات) ويحلل اكثر من 250 الف عينة سنويا.
وما يزيد من صعوبة الامر ان عمر المبنى يزيد على الستين عاما ولا مجال لتطويره او توسعته من الناحية الفنية، بحسب مدير المختبرات الدكتور اكثم حدادين الذي اكد ان وزير الصحة كان اوعز الى مديري ادارة الخدمات والمختبرات خلال زيارته المختبرات في نيسان من العام الماضي بضرورة نقل الخدمات المخبرية السريرية من موقعها الحالي في المختبر المركزي الى موقع اخر مع اقتراب انتقال الوزارة للمبنى الجديد انذاك.
وشكلت وزارة الصحة في 16 تشرين الثاني من العام الماضي لجنة من مديريات الابنية والهندسة والهندسة الطبية والمختبرات للكشف على المبنى الذي كانت تشغله ادارة المستشفيات قبل انتقالها الى المبنى الجديد للوزارة لدراسة امكانية تحويله الى مختبر مركزي سريري وتزويد امين عام الوزارة بتقرير يبين الاحتياجات اللازمة لتأهيل المبنى وتجهيزه لإقامة مختبر سريري وبيان الكلفة التقديرية لذلك.
وقدمت اللجنة تقريرها في نهاية اذار الماضي متضمنا وصفا للوضع الحالي في المختبر الطبي الكائن في مبنى المختبرات المركزية ومقترحات تأهيل مبنى ادارة المستشفيات السابق.
وقالت اللجنة في تقريرها ان مساحة المختبر الطبي ضيقة وغير كافية للعمل ولحركة الموظفين ،"اذ يراجعه حوالي 300 شخص يوميا من الساعة السابعة والنصف صباحا وحتى الثانية عشرة ظهرا يتوزعون في فترة محدودة وفي قاعة ضيقة لا تتسع لهم".
وذكرت اللجنة ان الشارع المؤدي للمختبر دائم الازدحام ومكتظ بالسيارات ما يجعل من الصعوبة على المراجعين الوصول للمكان بسهولة.
واكدت اللجنة في تقريرها حاجة المختبر الطبي الى قاعة تتسع لاستقبال اكثر من مئة شخص وغرفتين لسحب عينات الدم للنساء والرجال حفاظا على الخصوصية اضافة الى غرف للمحاسب وتسليم النتائج وكاونتر لاستقبال المراجعين.
وقالت ان المختبر الطبي بحاجة الى مساحة تقدر باربعين مترا مربعا على الاقل لاجراء فحوصات الكيمياء الحيوية والخاصة والامصال والهرمونات ومبحث الدم اضافة الى غرفة معالجة المياه.
وذكر التقرير ان مبنى ادارة المستشفيات السابق في منطقة جبل الحسين والمقترح نقل المختبر السريري اليه يتالف من ثلاثة طوابق بمساحة مقدرة لكل طابق حوالي 500 متر مربع وكل طابق موزع على مجموعة من المساحات المعمارية.
ووجدت اللجنة ان مساحة الطابقين الاول والثاني كافية لنقل المختبر الطبي وتقترح ان يخصص الطابق الارضي للمراجعين والادارة والطابق الاول للمختبرات وعددها خمسة.
واوضحت اللجنة ان المبنى بحاجة الى اجراء تعديلات معمارية تناسب طبيعة عمل المختبر الطبي السريري اضافة الى تزويد المختبرات بشبكة من المياه العادية والمخبرية (مياه للفحص المخبري) تصل لكل مختبر وتوفير مولد كهربائي مناسب ومكيفات عدد 5 لكل مختبر .
من جهته، قال مدير ادارة الخدمات في الوزارة الدكتور مسلم القطارنة ان الوزارة وافقت على تقرير اللجنة وتوصيتها بنقل المختبر الطبي الى المبنى السابق لادارة المستشفيات وقدرت كلفة احداث تغييرات معمارية فيه ليناسب طبيعة عمل المختبر بمئة الف دينار.
واوضح ان الوزارة بدأت باجراءات تامين المبلغ المطلوب من خلال تدوير جزء من مخصصات المشاريع القائمة والتي تمتد فترة تنفيذها لسنوات.(بترا)