عندما نقبت بالسجلات وتحديدا تلك المتعلقة بالمؤلفات الممنوعة في البلاد اكتشفت الادارة الجديدة لمديرية مراقبة المطبوعات قائمة طويلة من الكتب والمؤلفات التي صودرت او منعت من دخول الاسواق.
المفاجأة حصلت عندما تم اكتشاف منع كتاب يوزع بالاسواق العربية منذ الف عام وهو احد الكتب الشهيرة للجاحظ حسب الكاتب والباحث وليد حسني الذي كشف النقاب عن هذه الحادثة عبر محطة الحوار وهو يتحدث عن منع كتابه الذي يحمل اسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بعنوان 'وصايا الذبيح'.
وحسب الرواية التي صدمت نخبة المثقفين اكتشف من يقرأ ويراقب النصوص باسم الشعب الاردني وهو موظف حكومي دوما ان كتاب الجاحظ وردت فيه عبارات تخدش الحياء العام.
حسني ومن وحي تجربته الشخصية قال لـ'القدس العربي' وبسخريته المعهودة انه تحقق من بعض الاكتشافات المذهلة وهو يراجع ادارة الرقابة على المطبوعات املا في انقاذ كتابه.
بين الاكتشافات الطريفة ان الكتب والمؤلفات التي تمنع من دخول البلاد وتحتجز في المطار كالمهربات والممنوعات يتم 'اعدامها' بطريقة لافتة لاحقا حيث تتحول الى 'اطباق بيض' بعد تسليمها او بيعها حسب الوزن والكمية. ولم يستبعد حسني وهو يسخر بمرارة من المشهد ان طبق البيض الذي اشتراه لاطفاله الاسبوع الماضي قد يكون احد فصول رواية مقموعة او ممنوعة، لكنه ليس وحده في الميدان فقد فشلت نداءات المثقفين والكتاب التي حاولت اقناع الحكومة بأن زمن مصادرة الكتب والمؤلفات ولى من غير رجعة، فيما لا يزال معنيون بالامر يؤكدون بأن وجود ادارة حكومية لمراقبة المطبوعات اصلا مسألة غير ضرورية في زمن الاتصال الالكتروني.
وقبل الجاحظ وكتاب صدام حسين صادرت السلطات مؤلفا مثيرا لمدير المخابرات ووزير الداخلية الاسبق نذير رشيد تضمن بعض مذكراته ولاحقا اضطر الرجل لتهريب بعض النسخ من بيروت بطريقته الخاصة.
ورغم توالي الاحتجاجات على فكرة مراقبة الكتب والمطبوعات ومصادرتها واعدامها الا ان السلطات مصرة على تقاليدها في هذا الاتجاه رغم ان الغالبية الساحقة من الكلام المهم والممنوع يقراه الاردنيون بل ويكتبونه على الشبكة الالكترونية، كما يقول الباحث المتخصص بالتاليف الالكتروني لطفي عمر الذي يرى ان قمع الكتب الآن هو الوسيلة الافضل لاشهارها.
ومن الواضح وفقا للآلية المتبعة ان المؤلفات والمطبوعات المصادرة تحتجز لفترات طويلة في مستودعات المطار الحكومية انتظارا لفترة الطعن القضائي قبل المباشرة بشحنها لمصانع الكرتون خصوصا في حال عدم وجود من يسأل عنها، حيث لا يجازف المؤلفون واغلبهم فقراء بمصاريف الدعوى القضائية وحيث تمتنع السلطات عن تسليمهم مذكرة رسمية بقرار اعدام الكتاب صالحة للطعن في المحكمة.
هذا الوضع المربك واجهه الشاعر الشهير ماجد المجالي صاحب القصائد الحارة في السياسة والحب والاقتصاد فبدلا من انتظار الفرج من مقص الرقيب اصدر قبل اسابيع ديوانه الشعري الجديد الكترونيا عبر قرص مدمج 'سي.دي'.
وخلال ساعات في ليلة ماطرة جدا وبوسيلة ترويج بسيطة تمثلت برسالة خلوية باع الرجل ثلاثة آلاف نسخة من ديوانه الشعري المدمج دون الحاجة للوقوف على محطة الرقيب او حتى مفاوضته كما قال لـ'القدس العربي'.