تعاني نقابتا المهندسين والأطباء، كبرى النقابات المهنية في الأردن، من إشباع وركود في تخصصاتهما، في ظل قلة فرص العمل أمام منتسبيهم وصغر حجم السوق.
ومؤخرا، دعت نقابة المهندسين في نشرتها الإرشادية، للابتعاد عن دراسة تخصصات كثيرة، في ظل عدم حاجة السوق المحلي لها نهائيا.
إلا أن نقابة الأطباء لم تكن ببعيدة أيضا، حيث أكد نقابيون أن هناك 22 ألف طالب طب على مقاعد الدراسة في الجامعات الأردنية، و20 ألفا آخرين يدرسون في الخارج، بمجموع 42 ألف طالب.
وحذّر نقابيون من أن هؤلاء ينتظرهم "المجهول” إن لم يتم وضع حلول سريعة، والتي منها زيادة موازنة وزارة الصحة وفتح برامج إقامة إضافية وتطوير العمل الطبي في المملكة بشكل حثيث.
وأكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أواخر نيسان (أبريل) الماضي، أن مجلس التعليم العالي ماضٍ بتنفيذ الخطة التدريجية لتحديد العدد المقرر للقبول في تخصصي الطب وطب الأسنان في الجامعات الرسمية للأعوام 2023-2028.
وقرر المجلس في العام الجامعي المقبل، قبول 800 طالب فقط في تخصص الطبّ البشري في جميع الجامعات الأردنية الرسمية، وسيكون هناك تخفيض للعدد المقرر للقبول في تخصص طب الأسنان بنسبة 20 %.
وفي التخصصات الصحية، فإن التخصصات الراكدة في القطاع العام منعدمة، بحسب إحصائيات ديوان الخدمة المدنية.
إلا أن التخصصات المشبعة هي التمريض، علم التمريض، الصيدلة، دكتور صيدلة، صناعة الأسنان، علوم طب الأسنان المساندة، العلوم الطبية المخبرية، المختبرات والتحاليل الطبية.
وقالت عضو مجلس نقابة الأطباء رئيس لجنة ضبط المهنة د. مها فاخوري، إن النقابة ومنذ عام 2016، وجهت كتابا لوزارة التعليم العالي تتطالب فيه بعدم منح تراخيص لكليات طب جديدة.
وأوضحت فاخوري في حديثها أن عدد الأطباء المسجلين في ذلك العام كان بحدود 29 ألف طبيب وكانت البطالة قد بدأت تتفاقم بخاصة وأن موازنة وزارة الصحة بشكل عام تناقصت والتعيينات شحيحة.
ولفتت إلى أنه من ضمن التوصيات أيضاً، تقنين مقاعد كليات الطب كما في العالم كله "لكن للأسف كانت خصخصة التعليم قد بدأت وتمويل الجامعات الحكومية تناقص، لذلك كانت كليات الطب وطب الأسنان والصيدله هي المصدر الرئيسي للتمويل”.
وأوضحت فاخوري أن عدد خريجي الجامعات الأردنية ارتفع، في حين وصل عدد الأطباء الممارسين لـ15 ألف خريج، أغلبيتهم في الطب العام.
وأكدت أن مجالات التخصّص وبرامج الإقامة داخل المملكة قليلة أيضا ما يخلق ركودا في السوق وقلة أعداد الأخصائيين.
وقالت إن كل ذلك أثّر على جودة الخدمة المقدمة للمواطن الأردني، وزادت المخالفات في ترخيص العيادات مع اشتداد المنافسة.
وأضافت فاخوري أن "الحديث يطول عن تأثير الاستثمار في التعليم والصحة على المهنة بشكل عام”.
وتابعت: "أعتقد أنه يجب إعادة النظر في أسس القبول في كليات الطب وعدم الاعتماد على معدل التوجيهي فقط”.
وقالت "نحن كنقابة، كتبنا وصرّحنا عبر كل المنابر أن من يريد أن يدرس الطب، عليه أن يعلم أن الطريق طويل وقد تستهلك البطالة سنين عمره إذا لم يكن هنالك قرار سياسي بزيادة موازنة وزارة الصحة لزيادة عدد الأطباء وزيادة فرص التخصص لهم”.
وشددت فاخوري على أن التوعية هي دور النقابة، كما هو دور وزارة التربية والتعليم والمدارس بفتح أعين الطلبة على أسواق العمل والمهن المطلوبة.
ووفق إحصائيات ديوان الخدمة المدنية، فإنه لا يوجد أي تخصص هندسي مطلوب في القطاع العام حاليا.
وأشارت تلك الإحصائيات إلى أن تخصصات الهندسة الجيولوجية، الصناعية، الطبية الحيوية، الكيماوية، المعمارية، الميكانيكية، الآلات، الاتصالات، البيئة، التعدين، التكييف والتبريد، السلامة العامة، السيارات، الطيران، الطاقة المتجددة، القوى، المواد، المياه والصرف الصحي، الميكاترونكس، تكنولوجيا الصناعة/ مشبعة وراكدة.
وأظهرت النشرة الإرشادية الرابعة عشر، الصادرة عن دائرة الشؤون النقابية في نقابة المهندسين، والمتعلقة بالتخصصات الهندسية، وحاجة سوق العمل لكل منها، ركودا تاما في كافة تخصصات الهندسة وتخصصاتها الفرعية، مستثنى من ذلك تخصصا الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية والطاقة المتجدّدة والمستدامة.
وشهدت التخصصات الهندسية ركودا، نظرا للإقبال المتزايد على دراسة التخصصات الهندسية المختلفة، وتوفر هذه التخصصات في معظم الجامعات الأردنية، الذي قابله تراجع شديد في فرص العمل نتيجة اغلاق الأسواق محليا وإقليميا ودوليا.
وتعتبر نسبة المهندسين في الأردن الأعلى عالميا مقارنة بعدد السكان، حيث بلغت النسبة في آخر تعداد مهندسا واحدا لكل 41 مواطنا.
من جهته قال نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، إن النقابة أخذت على عاتقها البحث عن أسواق مختلفة محليا وإقليميا وعالميا من أجل توفير فرص تدريب وتشغيل لمنتسبيها، رغم الازدياد الهائل في أعداد الخريجين والذي يشكل عبئا كبيرا على النقابة، وما تبعه من جملة تحديات تواجه المنطقة من إغلاق أسواق مختلفة وتدني الوضع الاقتصادي في كافة دول العالم.
ودعا الزعبي الطلاب الذين اجتازوا امتحان التوجيهي، إلى تلافي الازدياد في أعداد الخريجين من طلبة الهندسة العاطلين عن العمل.
وأشار إلى أن هناك بعض التخصصات التقنية مطلوبة بحذر أيضا، وبعضها الآخر مشبع وراكد.
ووفقا لآخر الأرقام الصادرة عن النقابة، فقد بلغ عدد المنتسبين للنقابة 196898 مهندسا ومهندسة، فيما بلغ عدد الطلبة على مقاعد الدراسة 39203 طلاب في الجامعات الأردنية، و 3500 طالب وطالبة على مقاعد الدراسة في جامعات خارج المملك