أجرى مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية استطلاعاً للرأي العام حول حكومة السيد سمير الرفاعي بعد مرور مائتي يوم على تشكيلها في الفترة بين 1-4/7/2010. وبلغ حجم العينة الوطنية المكتملة للاستطلاع 1183 مستجيباً من أصل 1200، حيث رفض المشاركة في الاستطلاع 17 فرداً (أي بنسبة مشاركة 98.5%) أما بالنسبة لقادة الرأي فبلغ حجم العينة المكتملة 618 مستجيباً من أصل 700، إذ رفض المشاركة في الاستطلاع 82 فرداً؛ أي أن نسبة المشاركة في الاستطلاع كانت 88%.
لقد عكست نتائج هذا الاستطلاع بأن تقييم الرأي العام (العينة الوطنية) الحكومة، ورئيس الوزراء، والفريق الوزاري قد ارتفع مقارنة باستطلاع المائة يوم، وأصبح شبه متطابق مع توقعات مستجيبي العينة الوطنية في استطلاع التشكيل الذي نفذ قبل مائتي يوم.
إن ارتفاع تقييم أداء الحكومة في هذا الاستطلاع يتناغم مع ارتفاع تقييم الحكومة بالنجاح في المهام التي كلفت بها كما وردت في كتاب التكليف، إذ إن نسب المستجيبين الذين أفادوا بأن الحكومة كانت ناجحة في معظم الموضوعات التي كلفت بها كانت أعلى من نسب المستجيبين الذين أفادوا بذلك في استطلاع المائة يوم. ومع ذلك، فإن الرأي العام الأردني (العينة الوطنية) ما زال يقييم الحكومة بعدم النجاح في أربعة موضوعات أهمها: الحد من الفقر؛ والحد من البطالة، وهذه الموضوعات تعتبر من أولويات المواطنين.
إن تقييم أداء الحكومة بعد المائتي يوم ما زال ضمن النمط العام لتقييم حكومات سابقة، إذ اتسمت توقعات المستجيبين من العينة الوطنية بالتفاؤل والإيجابية عند التشكيل، ثم ما يلبث أن ينخفض تقييم أداء الحكومة في استطلاع المائة يوم، ثم يعاود ويرتفع أو يستقر في الانخفاض في استطلاع المائتي يوم بناء على قدرة الحكومة في التعامل مع الموضوعات التي كلفت بها أو الموضوعات الطارئة.
مما لا شك فيه، أن الحكومة في فترة المائة يوم الأولى قد تعاملت مع مجموعة من الأزمات مثل المشكلات التي رافقت إعلان نتائج التوجيهي، وأزمة عمال مياومة وزارة الزراعة، والبدء بإضراب المعلمين. بالمقابل فإن المائة يوم الثانية من عمر الحكومة لم تشهد مثل هذه الأزمات. إن الأزمات التي مرت بها الحكومة خلال المائة يوم التي انعكست سلباً على التقييم العام في استطلاع المائة يوم، لم تكن موجودة في الفترة اللاحقة؛ الأمر الذي ترجم في ارتفاع التقييم العام للحكومة.
إن المستجيبين في العينة الوطنية الذين قيموا الحكومة بإيجابية أكبر وانعكس تقييمهم هذا على ارتفاع التقييم العام للحكومة عزوا هذا التقييم إلى أسباب عدة أهمها: عدم وجود مشاكل كبرى في البلد، لأن أداء الحكومة جيد في إطار الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ولأنهم لمسوا تحسّناً بالخدمات العامة وبالذات الصحية، وتحسّن وضع قطاع التعليم، وإحساس المستجيبين بأن الحكومة تقوم بجهد من أجل تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، ولتحسّن الوضع الأمني الداخلي وانحسار العنف المجتمعي.
وعلى الرغم من عدم وجود فروق إحصائية ملحوظة في تقييم المستجيبين حسب الجندر (الجنس) فإن المستجيبات الإناث كنّ أكثر إيجابية في تقييم الحكومة من المستجيبين الذكور. فيما كانت الفئة العمرية (36 - 45) من المستجيبين هي أقل الفئات إيجابية في تقييم الحكومة. وكانت فئة ذوي التحصيل العلمي أكثر من ثانوي هي الأقل إيجابية في تقييم الحكومة مقارنة بفئة التحصيل العلمي ثانوي فأقل. كما كانت فئة المستجيبين التي يبلغ الدخل الشهري لأسرها أكثر من (750) ديناراً، هي الفئة التي قيّمت الحكومة بسلبية أكبر من فئة المستجيبين التي يبلغ دخل أسرها الشهري أقل من (750) ديناراً.
وتشير نتائج هذا الاستطلاع وبمقارنته باستطلاعات تقييم أداء حكومات سابقة، إلى أن فجوة الثقة ما بين المواطنين والحكومة ما زالت قائمة. وعلى الرغم من أن التحسن في تقييم أداء الحكومة من قبل الرأي العام يعكس أن هنالك إمكانية لتجسير فجوة الثقة هذه، فتجسيرها بين المواطن والحكومة يتطلب تحقيق: أولاً أن يكون تقييم الرأي العام لأداء الحكومة، والرئيس، والفريق الوزاري تقييماً إيجابياً ويعكس معدلات تتجاوز حتى نسب المستجيبين الذين توقعوا بنجاح الحكومة عند التشكيل، ثانياً: أن يعكس تقييم أداء الحكومة نجاحها في معالجة الموضوعات التي كلفت بها، وبخاصة الموضوعات التي يعتبرها المواطن أولويات له. وكانت في هذا الاستطلاع مثلها في استطلاعات سابقة موضوعات ذات طبيعة اقتصادية (ارتفاع الأسعار، والبطالة، والفقر، والوضع الاقتصادي العام للبلاد).
لقد تراجع أداء الحكومة من جانب عينة قادة الرأي في هذا الاستطلاع، إذ انخفض مقارنة مع تقييم أدائها في استطلاع المائة يوم، وكان أقل، بشكل جوهري، من توقعات قادة الرأي عند تشكيل الحكومة. وجاء هذا التراجع في التقييم العام لقادة الرأي متناغماً مع التراجع في تقييم نجاح الحكومة في معالجة الموضوعات التي كلفت بها. فلقد قيمت عينة قادة الرأي الحكومة بالنجاح في 13 موضوعاً مقابل عدم نجاحها في 19 موضوعا. ومعيار النجاح هنا هو حصولها على 50% من المستجيبين.
لقد عكست نتائج هذا الاستطلاع أن تقييم عينة قادة الرأي للحكومة هو أقل إيجابية من تقييم العينة الوطنية، وهذا كسر لنمط عام كان شبه سائد في استطلاعات لحكومات سابقة، إذ كان تقييم قادة الرأي لحكومات سابقة أكثر ايجابية من تقييم العينة الوطنية. إن استمرار تقييم عينة قادة الرأي بالاتجاه السلبي لأداء الحكومة قد ينعكس لاحقاً على تقييم العينة الوطنية، وبخاصة أن تقييم فئات القيادات الحزبية والقيادات النقابية والمجتمع المدني والصحفيين (وهي فئات تمتلك وسائل تأثير على الرأي العام) كان الأكثر سلبية بين فئات قادة الرأي.
أما حول تقييم الرأي العام وعينة قادة الرأي لقدرة الحكومة على تطبيق وتنفيذ إجراءات تقع في صلب ضمان نزاهة وحرية الانتخابات النيابية المقبلة، فإن آراء العينة الوطنية وعينة قادة الرأي تعكس أن هنالك حوالي ثلث مستجيبي العينة الوطنية وحوالي 40 - 50% من مستجيبي عينة قادة الرأي يساورهم الشك في قدرة الحكومة على تطبيق العقوبات المتضمنة في القانون حول شراء الأصوات وبيعها وإدعاء الأمية، وتنظيم الطعون في عملية الأصوات المنقولة، وفي إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة.
ومازالت نسبة الذين أفادوا بأنهم سوف يصوتون في انتخابات نيابية تجري غداً متدنية، إذ أفاد بذلك 57% من العينة الوطنية.