صحيفة العرّاب

ماذا يريد ترامب من العالم ومن أميركا؟

 ماذا يريد ترامب من العالم ومن أميركا؟

المتابع للأحداث يلاحظ أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحرك بقرارات حادة ومثيرة للجدل، سواء على الساحة الدولية أو داخل الولايات المتحدة، مما يربك العالم بشكل شبه يومي. فما الذي يسعى إليه هذا الرئيس المثير للجدل؟
لفهم ذلك، لا بد من العودة إلى فترة ولايته السابقة، واستعراض الأهداف التي كان يسعى لتحقيقها، والتي يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسية:
1. الحد من النفوذ الصيني: كبح تصاعد القوة الاقتصادية والعسكرية للصين.
2. تنفيذ ما سُمّي بصفقة القرن: إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط وفق رؤيته.
3. مواجهة الدولة العميقة داخل أميركا: التصدي لقراراتها، خاصة في القضايا المتعلقة بالتحولات الاجتماعية، وخفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي.
هل نجح في تحقيق أهدافه؟
أولا : الصين
خلال رئاسة بايدن، استمرت الصين في تعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري، حتى اقتربت من السيطرة على الاقتصاد العالمي، بينما شهد الاقتصاد الأمريكي تراجعا. واحد ابرز المؤشرات على هذا التقدم هو تفوق الأسطول البحري الصيني في بعض الجوانب على نظيره الأمريكي، إلى جانب تطور الصناعات الجوية والتكنولوجية والعسكرية.
ثانيا : صفقة القرن
واجهت هذه الخطة إخفاقا كبيرا، لا سيما بعد حرب أكتوبر، التي أجهضت تطلعاتها. كما لعبت مواقف العاهل الأردني والشعب الأردني دورا أساسيا في إسقاطها.
ثالثا : الشأن الداخلي الأمريكي
ترامب تعرض لانتقادات وإهانات شديدة بسبب التحقيقات والقضايا التي طاردته، ما شكل أحد أكبر إخفاقاته.
عودة ترامب.. وتكتيكاته الجديدة
ترامب يعود إلى البيت الأبيض وهو يحمل إرث الماضي وإخفاقاته، ويسعى لتعويض ما فشل في تحقيقه سابقًا عبر استراتيجيات جديدة، يمكن تلخيصها كما يلي:
1.  الصين والمواجهة غير المباشرة
يدرك ترامب أن الصين باتت قوة لا يُستهان بها، ولذلك يلجأ إلى الضغط على دول أخرى مثل كندا والمكسيك والدنمارك ودول الشرق الأوسط، ضمن استراتيجية تقوم على مبدأ ( اضرب الأضعف ليخشى الأقوى)، بهدف التأثير غير المباشر على الصين وأوروبا.
2.  صفقة القرن والاستراتيجية البديلة
يعتمد ترامب هنا على مبدأ ( المطالبة بالكثير للحصول على القليل)  حيث صعد من لهجته تجاه الدول العربية، محاولا فرض الإملاءات والضغوط المالية والسياسية، دون إدراك لصمود الشعوب، التي لم تثنها سنوات الحصار والدمار عن مواصلة مقاومتها.
3. الشأن الداخلي وصراع الدولة العميقة
ترامب يسعى لاستعادة هيبته التي سلبتها منه الإدارة السابقة والقضاء الفيدرالي، من خلال تفكيك نفوذ الدولة العميقة وتجاوز قراراتها. كما أن جزءا من قراراته الخارجية المثيرة للجدل يبدو وكأنه يهدف إلى تشتيت الانتباه عن التغييرات الداخلية، من عمليات إقالة وإعادة هيكلة المراكز القوية داخل الإدارة الأمريكية.
ورغم كل ذلك، قد تكون الدولة العميقة نفسها هي من أرادت عودة ترامب، لتحقيق أهداف معينة، قبل أن تنقلب عليه لاحقا، مما قد يقود الولايات المتحدة إلى مرحلة من الفوضى وربما صراع داخلي غير مسبوق.
والله أعلم.
الباشا زياد عوض القيسي