دفعت شركة "جاما" التركية المنفذة لمشروع جر مياه الديسي إلى العاصمة عمان بدل أثمان أشجار حرجية واقعة على طريق مطار الملكة علياء، سيصار إلى إزالتها بهدف تركيب الأنابيب العملاقة هناك. ويأتي دفع الشركة للبدل المادي مقابل إزالة الأشجار، بعد أن أكد رئيس الوزراء سمير الرفاعي على ضرورة التنسيق الكامل مع وزارة الزراعة، وإشراك مندوب عنها عند دراسة العطاءات الحكومية لأي مشروع يتطلب إزالة أشجار حرجية لتفادي إزالتها، على أن يتم رصد المخصصات المالية اللازمة ضمن العطاءات لإعادة زرع شجرتين مقابل كل شجرة يتم إزالتها، أو تحويل هذه المبالغ إلى وزارة الزراعة/دائرة الحراج لإعادة الزراعة بعد الانتهاء من تنفيذ هذه المشاريع.
وفي الأثناء، كشفت مصادر مطلعة في وزارة الزراعة لـ"السبيل" أن شركة "جاما" دفعت زهاء 60 ألف دينار إلى صندوق رئاسة الوزراء، قامت الرئاسة بتحويلها لاحقاً إلى صندوق الحراج التابع لوزارة الزراعة.
وتتفاوت قيمة الأشجار الحرجية من حيث أعمارها وجودتها، وتقدر قيمة الشجرة الواحدة في المعدل بحوالي 30 دينارا.
من جهة أخرى، سيتم وعلى مراحل توريد بقية أثمان الأشجار الحرجية الأخرى، وستتم إزالتها تباعا من الجانب الأيمن على الطريق الصحراوي بناء على طلب وزارة المياه وشركة مياه الديسي.
وسبق التأكيد في اجتماع مسؤولي وزارة المياه وممثلي شركة جاما على عدم إزالة الأشجار إلا للضرورة القصوى، وبالتنسيق مع دائرة الحراج في وزارة الزراعة.
وتوقعت مصادر مطلعة أن تشمل المرحلة الثانية ما بعد طريق مطار الملكة علياء إلى مناطق المدورة ومعان، وتتضمن إزالة أكثر من 4000 شجرة على جوانب الطريق الصحراوي الذي يربط عمان بالمحافظات الجنوبية.
وفي المجمل، فإن أكثر من 10000 شجرة حرجية معمرة أصبحت مهددة بالإزالة حتى الانتهاء من مشروع الديسي، وهناك موافقة مبدئية من "الزراعة" على إزالتها من طريق المشروع.
ورغم أن العدد كان مرشحا للارتفاع أكثر، لكن جهودا كبيرة بذلت لمحاولة تركيب الأنابيب، دون اللجوء إلى إزالة الأشجار الحرجية قدر المستطاع، وكلما كان ذلك ممكنا، خاصة بعد أن طلب رئيس الوزراء سمير الرفاعي أوقف قطع الأشجار الحرجية أو التقليل من قطعها إلى الحد الأدنى.
وبرر الرفاعي قراره الموجه ضمن كتاب رسمي إلى عدة جهات حكومية من أبرزها وزارة الشؤون البلدية والمياه والري والأشغال العامة وأمانة عمان الكبرى، بالحفاظ على الثروة الحرجية لكون مساحاتها وأعدادها محدودة جداً.
من جانبها، أكدت مصادر "السبيل" في وزارة المياه أن الجهات الحكومية بما فيها وزارتا الأشغال العامة والزراعة ومديرية الأمن العام والجهات المعنية الأخرى تنسق فيما بينها لتسهيل مهمة تنفيذ أعمال مشروع الديسي، كل في اختصاصه، خاصة أن المشروع يتضمن مد أنابيب بطول 325 كم في نحو 42 شهرا، وحفر 55 بئرا إنتاجية، و10 آبار لغايات خاصة.
إلى ذلك، تزامن اقتلاع هذه الأشجار مع المباشرة في مشروع تشجير جوانب الطريق الصحراوي بنظام الواحات، بحيث تكون المسافة بين الواحة والأخرى (10).
وشهدت الفترة الماضية ازدياد ظاهرة إزالة وزارات ومؤسسات حكومية للأشجار الحرجية أثناء تنفيذ مشاريع وعطاءات مع شركات من القطاع الخاص.
وكان آخر قرارات إزالة الأشجار التي تمت من قبل سلطة المياه على الطريق الصحراوي عبر مشروع الديسي.
واللافت أن قرار رئيس الوزراء صدر مباشرة بعد البدء مشروع تشجير جوانب الطريق الصحراوي بنظام الواحات من قبل وزارة الزراعة، بحيث تكون المسافة بين الواحة والأخرى (10) كم.
وفي نفس الصدد، طالب ناشطون بيئيون بضرورة التنسيق بين أعلى المستويات بين مختلف الجهات الحكومية قبل وضع مخططات مد الأنابيب لمشروع الديسي على الطريق الصحراوي، مؤكدين أن ذلك لو حدث لأمكن وضع مخطط الأنابيب على بعد أمتار من الأشجار الواقعة على طريق تنفيذ المشروع، وبالتالي تتم المحافظة على هذه الثروة الحرجية.
وتساءلوا حول الآلية التي ستتبع لتعويض هذه الخسارة التي وصفوها بـ"الخسارة العظيمة" للأشجار، خاصة أن أول ما يشاهده السائح عند دخوله مدينة عمان طريق المطار المليئة بالمساحات الخضراء، علاوة على أنها من المناطق الحرجية النادرة في المملكة.
يشار إلى أن مساحة الأراضي الحرجية والغابات الطبيعية في الأردن تبلغ مليوناً وثلاثمائة ألف دونم، فيما لا تتجاوز المساحات الخضراء 1 في المئة من المساحة الإجمالية للمملكة.
ويتوقع أن ينجز مشروع الديسي الذي يبلغ طوله 325 كيلومترا من جنوب المملكة عام 2013 ليزود عمان بـ100 مليون متر مكعب من المياه.