تحرك مجلس شورى الاخوان المسلمين اعلى هيئة قيادية في الجماعة لتطويق بوادر انشقاق ضخم ربما يزلزل اركان هذه الجماعة بعد ان فشلت الحركة الاسلامية (الجماعة والحزب) في اقناع الراي العام برواية متماسكة لما قام به الرجل الثاني في «العمل الاسلامي» ارحيل غرايبة عندما عرض في واشنطن فكرة «الملكية الدستورية». ودخلت الحركة الاسلامية اثر الازمة التي خلفها غرايبة في منطقة الخيار الثالث ما بين الحمائم والصقور وهي تتعامل مع استحقاقات اول مواجهة داخل الأطر القيادية في مؤسساتها الممثلة بحزب جبهة العمل الاسلامي وجماعة الاخوان المسلمين .وهو الامر الذي دفع رئيس مجلس الشورى الدكتور عبد اللطيف عربيات لعقد اجتماع طارىء للمجلس بحضور المراقب العام همام سعيد لبحث تداعيات الازمة التي احدثها الرجل الثاني في «العمل الاسلامي» من جهة ولنزع فتيل الازمة الناشبة بين الامين العام للحزب زكي بني ارشيد ونائبه غرايبة من جهة اخرى وهي الازمة التي نشبت بعد ان تبرأ الرجل الاول من تصريحات نائبه حول مبادرة «الملكية الدستورية» وكذلك الازمة التي خلفها موقف الناطق الاعلامي باسم الجماعة جميل ابو بكر حول ذات القضية الامر الذي دفع غرايبة لتقديم شكوى تنظيمية بحقهما.وكان الغرايبة قد ابدى انزعاجه من موقف الامين العام للعمل الاسلامي عندما اعلن ان مبادرة غرايبة لم تحصل على موافقة المراقب العام ولا نائبه وهو ما يعني نقص اهم بند تنظيمي فيها وان نائبه تعجل في طرحها .ولم يتخذ بني ارشيد هذا الموقف منفردا وانما تبعه بذلك قادة في المكتب التنفيذي للاخوان اعتبرت مواقف غرايبة شخصية ولا تمثل بالضرورة موقف الحركة رغم تبنيها لدعوات الاصلاح السياسي والدستوري.وابلغ قيادي في الحركة الاسلامية «الدستور» ان الحركة دخلت في ازمة سياسية كبيرة وان تيار الاعتدال الذي دفع باتجاه عقد مجلس الشورى للتنصل رسميا وبقرار من اعلى هيئة قيادية من فكرة «الملكية الدستورية» تجنبا لاي صدام مع الحكومة .وكان وسطاء قد نصحوا تيار الاعتدال في الجماعة لنزع فتيل الازمة التي احدثها الرجل الثاني في العمل الاسلامي فيما لم تخرج الحكومة عن صمتها وبقيت تراقب تداعيات المشهد السلبي الذي فاقمه غرايبة .ولعل الخيارات فيما يخص احدث ازمة بين الاسلاميين والحكومة لم تعد محدودة بل احادية ، فقد رسمت الحكومة امام قادة ورموز جبهة العمل الاسلامي دربا واحدا لسلوكه وطلبت منهم التقدم باتجاه هذا الدرب علي ان يحصل النقاش والحوار لاحقا.وفي باطن موقف الحكومة كلام اكثر حرجا بالنسبة لقادة الاخوان المسلمين ، فالمطلوب منهم واضح وهو عودة النخبة الكلاسيكية في قيادة الاخوان والتخلص من الرموز المتشددة في مجلسي الشورى في الجماعة والجبهة واقرار نوع من التفكيك التنظيمي والعودة الى ما قبل الانتخابات الاخيرة في جبهة العمل الاسلامي ما يعني اعادة الكثير من الامور الى ما كانت عليه قبل التحول الاخير.وظهر ذلك واضحا من خلال مواقف رموز القيادات الاسلامية المحسوبة على الجناح المعتدل في الحركة مثل الدكتور عبداللطيف عربيات والمراقب العام الاسبق عبدالمجيد ذنيبات من مبادرة غرايبة.وهذا ما يفسر الدعوة الطارئة لالتئام اعلى هيئة قيادية في الجماعة برئاسة الدكتور عربيات ويؤشر ذلك على ان الحركة الاسلامية بصدد الانحناء للعاصفة ، فقد سمح التوتر وتلمس الجدية في الخطاب الرسمي بتنشيط الخلايا المعتدلة في الحركة الاسلامية وبمحاصرة ما زالت قليلة نسبيا للتيار الصقوري المتشدد خصوصا بعد ان اقتنع قادة الحركة بان الحكومة ستمضي في المواجهة السياسية الحالية بعد ان ضغطت على العصب الحيوي للجماعة من خلال قضية جمعية المركز الاسلامي التي ينظر اليها بعض رموز الاخوان انها المرحلة الاولى على طريق الوصول الى تقليم اظافرها.وباختصار وكما يرى البعض فاذا لم يخضع الاخوان المسلمون لقواعد اللعبة الجديدة فالحكومة مستعدة لاستخدام ما لديها من اوراق يمكن ان تكون رابحة واهمها ورقة الوضع القانوني لجمعية الاخوان المسلمين المرخصة كجمعية خيرية وليس كحزب سياسي وكذلك ورقة الفساد الذي تتحدث عنه الحكومة في جمعية المراكز الاسلامية التي تمثل العمود الفقري للجماعة.ويبدو ان الحراك داخل الحركة الاسلامية بدأ يتفاعل وسط صراعات تنظيمة طاحنة بين «الصقور» و «الحمائم» مما يشير الى احتمالية اعادة خلط الاوراق الاخوانية واعتماد نظرية «التضحية» بمن يثير «الغبار» السياسية في العلاقة بين الحكومة والاخوان .وتشعر الحكومة الان بعد جملة الممارسات التي ارتكبتها جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسية جبهة العمل الاسلامي بان واجبها المباشر يتطلب «تقليم اظافر» هذه الجماعة بعد تمادي بعض الصدارة في «العمل الاسلامي» والذي بات وجودهم مؤشر قلق وحذر بالنسبة للحكومة ، فوجوه قيادة الاخوان تغيرت وزعيم حزب الجبهة زكي بني ارشيد قال علنا بانه يمثل غالبية اعضاء الجبهة وميولهم التفكيرية معتبرا ان الاطر المتحركة في الشارع الاخواني لم تعد تقبل بعد الان الادوار الوظيفية بل تبحث عن شراكات.وما سمح لبعض قادة العمل الاسلامي تجاوز حدود وقواعد اللعبة السياسية وكسر اخلاقيات العلاقة التاريخية بين الحكومة وجماعة الاخوان هو تسارع التفسخ والانهيار التي طالت وتطال اقدم واعرق جماعة سياسية دينية في البلاد بعد ان شهدت تفسخات غير مسبوقة وخلافات متصاعدة . خيارات الازمة بين الاسلاميين والحكومة اصبحت احادية الان ولانقاذ ما يمكن انقاذه من تاريخ وسمعة هذه الحركة فانه امام قادة الاخوان المسلمين الذين ابعدوا العودة الى واجهة الجماعة والتخلص من الرموز التي عبثت بارث العلاقة التاريخية مع الحكومة الشوري ولم يتقدم احد في الجانب الحكومي بالاعلان رسميا عن هذه الشروط لكن قيادات الاخوان تتحدث عنها في مجالسها الخاصة ، علي ان السيناريو البديل في حالة امتناع الحركة الاسلامية عن الخضوع جاهز ايضا ويدرس علي اضيق المستويات في الاطر الجبهوية وهذا السيناريو يطلق يد الحكومة باسم القانون لاعادة انتاج مشهد الاخوان المسلمين في ضوء اللعبة القديمة عبر اثارة المخالفات السياسية والامنية التي يرتكبها التيار المتطرف داخل الحركة بتهمة التواصل مع تنظيم غير مشروع في الساحة الاردنية هو حركة حماس وعبر طرح الورقة الرابحة او التي يمكن ان تربح ممثلة بتحديد شروط جميع الاخوان القانونية كجمعية خيرية مرخصة علي هذا الاساس ولا يحق لها العمل في السياسة. ويفهم من كلام بعض كبار المسؤولين بان الحكومة ماضية قدما في موقفها الحالي لمحاسبة الاسلاميين علي مخالفاتهم وبان الفرصة قد تكون متاحة لاعادة طرح ورقة البعد القانوني في التنظيم الاخواني.غير ان اللافت ان التحرك السريع لقيادات الاعتدال في الجماعة لعقد جلسة طارئة لشورى الاخوان يؤشر على ان الجماعة الاخوانية بصدد الانحناء للعاصفة فقد سمح التوتر وتلمس الجدية في الخطاب الرسمي بتنشيط الخلايا المعتدلة في الحركة الاسلامية وبمحاصرة ما زالت قليلة نسبيا للنخب المتشددة او الصقورية خصوصا وان تصريحات كبار المسؤولين في الاجتماعات الرسمية وفي الاجتماعات مع كتل البرلمان تؤكد بان الحكومة ستمضي قدما والى اخر المشوار في المواجهة السياسية الحالية التي تهدف برأي السلطات لاعادة القطار الاخواني الي السكة القانونية فيما تهدف برأي قادة الحركة الاسلامية لاخضاع الجماعة الاخوانية. ويبدو ان فلسفة الاخضاع هذه تجد ترحيبا لدى الراي العام. واذا لم يخضع الاخوان لقواعد اللعبة الجديدة فالسلطة مستعدة لاستخدام ما لديها من اوراق يمكن ان تكون رابحة واهمها ورقة الوضع القانوني لجمعية الاخوان المسلمين المرخصة كجمعية خيرية وليس كحزب سياسي وكذلك ورقة الفساد الذي تتحدث عنه الحكومة في جمعية المراكز الاسلامية التي تعتبر الشريان الاساسي والمركزي .وسط هذه التقاطعات تكتفي الحكومة بمراقبة المشهد الاخواني رغم ان لديها برنامجا معدا بعناية فائقة وبسقف مرتفع وهو سقف يعيد خلط الاوراق وانتاج الواقع الموضوعي.