يمسك ياسر أنبوب الغاز بيدين متعبتين كأنه يتلقف إكسير الحياة. الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثين، أدمن منذ طفولته استنشاق الغاز السائل في ظاهرة اعتبرها الأطباء محيرة وربطوها بعوامل نفسية لها علاقة بإصابة ياسر بمرض الصرع.
ويعود سبب إدمان ياسر، بحسب عائلته، الى بطء في نموه العقلي، ما دعاهم الى استخدام أساليب عنيفة لردع مشاكساته البريئة حيث كان والده يربطه بواسطة حبل بأنبوب الغاز ويتركه يوماً كاملاً من دون طعام ولا شراب. وعندما يأتي موعد الغداء أو العشاء يجد الصغير نفسه أمام أنبوب الغاز، فيحاول فتحه واستنشاق السوائل التي في داخلها. كرر الوالد فعلته. وكرر ياسر استنشاق الغاز حتى أصبح لا يكتفي بعد 23 سنة بشرب ثلاثة الى أربعة انابيب من غاز الطبخ.
شقيق ياسر أبو أحمد تحدث الى «الحياة» عن اكتشاف العائلة نتائج عقوبة الأب، قائلاً: «كان والدي يربطه بأنبوب غاز الطبخ بواسطة حبل حتى لا يستطيع الإفلات منه. وفي أحد الايام وجدناه يفتح رأس الأنبوب ويستنشق الغاز بقوة من دون ان يتأثر او يعاني من سميّة الغاز».
وأضاف: «بسبب اهمال والدي لأخي ياسر وكثرة معاقبته من دون النظر الى حاله الصحية والنفسية ومع تأخر ايصال وجبات الغداء اليه، كان لا يجد أمامه إلا الغاز السائل لشربه واستنشاقه».
أما جار العائلة علي جبار، فيؤكد أن ياسر «يستهلك يومياً حوالى 3 الى 4 أنابيب غاز. واذا لم يحصل عليها، فإن الحي بأكمله يدخل في حال إنذار لأنه يصاب بانهيار نفسي فيطرق الأبواب في شكل هستيري بحثاً عن الغاز السائل».
ويتابع: «عائلة ياسر دخلها محدود ولا تستطيع توفير هذه الكمية من أنابيب الغاز».
هذه الحال النادرة طرحت تساؤلات عن مقاومة جسد ياسر للمركبات الكيماوية السامة في الغاز السائل، إلا أن التحاليل الطبية فجّرت مفاجأة غريبة. فمدير مستشفى «الكرامة» الدكتور جبار الياسري أكد لـ «الحياة» انه «بعد إجراء التحاليل المخبرية والطبية على عينة من دم ياسر، تبين ان دمه سليم مئة في المئة، وعالي النقاوة، ما يجعله قادراً على التبرع به للآخرين»!
وبسبب عدم توافر امكانات لعلاج ياسر من ادمانه الغريب، أُغلق ملفه ومعه أمنيات عائلته في شفائه، لينتهي به الأمر مكبلاً بالسلاسل في منزل أخيه!