سقطت "ام فاروق" في أرض منزلها من هول الصدمة عندما ابلغها شخص انتحل صفة رجل امن، ان إحدى السيارات دهست ابنها فاروق اثناء عبوره لشارع الجامعة، ولاذ سائقها بالفرار، طالبا منها الذهاب الى مستشفى الاستقلال حيث تم إسعاف ابنها.
وتقول ام فاروق "سقطت ارضا استغيث الله ان يلطف بنا جراء هذا الخبر السيئ، والذي تبين فيما بعد انه محض كذب وافتراء كان المقصود به تدمير مشاعري كأم وأن تعيش أسرتي في معاناة وهي تعيش نبأ وفاة أحد أفرادها، في الوقت الذي انقطعت وسائل الاتصال مع فلذة كبدي فاروق بعد ان سرق منتحل صفة رجل امن هاتفه النقال".
تواصل ام فاروق ليلها ونهارها وهي تنظر الى ابنها فاروق (20 عاما)، فمشاعرها تفيض حبا وحنان على اسرتها وتحديدا ابنها الاكبر فاروق، بعد ان عاشت اما ثكلى مدة اربع ساعات بسبب خبر كاذب من شخص عابث سرق هاتف ابنها.
وتبدأ القصة عندما أصيب فاروق بأنفلونزا حادة توجه على اثرها الى عيادة الطبيب في مستشفى الاسراء لإجراء فحوصات مخبرية، ولدى وصوله هناك التقى احد الاشخاص ليسأله عن مكان عيادة الطبيب، حيث قدم الاخير نفسه على أساس انه موظف صيانة في المستشفى.
وأثناء مرافقته لفاروق الى عيادة الطبيب غافل فاروق وسرق هاتفه الخلوي.
وعندما افتقد فاروق هاتفه النقال تذكر ان الشخص الذي كان يرافقه الذي اختفى فجأة، هو من سرق هاتفه، ليتوجه على الفور الى امن المسشتفى لإبلاغم بالحادثة، لكنهم اكدوا ان سارق الهاتف النقال ليس موظف صيانة كما يزعم ولا يعمل في المستشفى.
وعلى إثر ذلك توجه فاروق الى مركز امن صويلح وقدم شكوى بسرقة هاتفه الخلوي، واثناء ذلك بدأت والدته تقلق عليه جراء تأخره عن العودة الى المنزل، سيما وان مكان سكنه لا يبعد عن المستشفى، ما دفعها الى الاتصال بفاروق، ليرد عليها سارق الهاتف معرفا بنفسه انه من البحث الجنائي وأن صاحب الهاتف دهسته سيارة اثناء عبوره الشارع ولاذ صاحبها بالفرار، "لكننا (البحث الجنائي) تمكنا من القبض عليه، فيما تم اسعاف صاحب الهاتف الى مستشفى الاستقلال وحالته الصحية خطرة بنسبة 90%".
أم فاروق كادت ان تغيب عن الوعي من هول الصدمة، قبل ان تتوجه الى الله بالصلاة والدعاء بقولها "اللهم الطف بحالنا".
اتصلت ام فاروق بزوجها لتطلب منه ان يسارع بالحضور الى مستشفى الاستقلال، وعندما استفسر عن السبب ابلغته وهي تجهش بالبكاء ان فاروق بين (الحياة والموت).
"تدافع الاهل والاقارب والاصدقاء الى مستشفى الاستقلال فالخبر السيئ سرعان ما انتشر"، بحسب ام فاروق، ولدى وصولهم والاستفسار من موظفي الاستقبال أخبروهم انه لم تردهم اي حالة أسعاف باسم (فاروق).
لكن الاب المكلوم والأم الثكلى مع وقف التنفيذ، اعتقدوا ان ادارة المستشفى تتحايل عليهم برفضها اخبارهم عن سوء وضع فاروق الصحي، فيما أقسم موظفو المستشفى بأن حالة فاروق لم تسجل لديهم.
وفي هذا الوقت لم يكن سارق الهاتف يرد على اتصال من ذوي فاروق باستثناء هاتف والدته المسجل في قائمة الاسماء بكلمة (ماما)، حيث اتصلت الام مرة ثانية وأبلغته رد المستشفى، الا ان السارق ابلغها ان المستشفى ترفض ان تذكر لهم الحقيقة، موضحا ان فاروق أدخل الى غرفة العمليات وحالته سيئة، وأنه من الصعب مشاهدته.
اثناء ذلك حضرت سيارة أسعاف الى طوارئ المستشفى، فسارع ذوو فاروق إليها لمشاهدته ليكتشفوا انها لا تعود الى فاروق.
لم ييأس الاب فحاول الوصول الى غرفة العمليات، الا ان ادارة المستشفى أكدت للمرة الثانية ان المعلومات التي وردتهم غير صحيحة، وفي اتصال ثالث اجرته الام طلبت من سارق الهاتف ان يتحدث مع زوجها ابي فاروق الذي طلب منه ان يعرفه بنفسه وان يذكر له تفاصيل حادثة الدهس.
وعرف سارق الهاتف بنفسه بأنه "العقيد عبدالله الرواشدة من البحث الجنائي"، ثم قال "في حقيقة الامر ان ابنكم فاروق توفاه الله نتيجة حادثة الدهس وهو حاليا في ثلاجة الموتى في مستشفى الاستقلال، لكن ادارة المستشفى لا تريد ان تفجعكم بهذا النبأ"، وأنه رفض ان يقول للأم ان ابنها فارق الحياة خوفا على مشاعرها، ثم طلب من الأب ان يتوجه الى مركز امن الرشيد، لغايات اخذ افادته.
فجع الاب بالخبر المؤلم، وتوجه لزوجته ليخبرها بقلب شجاع مؤمنا بقضاء الله وقدره، قائلا "فاروق مات (...) ابننا فاروق مات (...) يعني مش راح يرجع"، سقطت الام داخل المستشفى مجهشة بالبكاء، بينما دخلت اخت فاروق بغيبوبة من هول الصدمة، ثم طلبوا من ادارة المستشفى ان يسمحوا لهم بمشاهدة في الثلاجة، لكن ادارة المستشفى عادت لتأكد للمرة العاشرة بأن فاروق لم يصلها".
توجه ذوو فاروق الى مركز امن الرشيد، ولدى وصولهم هناك، كان فاروق قد عاد من مركز امن صويلح الى منزله في تلاع العلي سيرا على الاقدام، ليجد ان لا أحد في البيت فأجرى اتصالا مع والدته من هاتف منزله الارضي للاستفسار عنها، فردت عليه شقيقته وصعقت عند سماعها صوته، لتقول له "فاروق بعدك عايش" وعندما اجابها بنعم، اخبرت والدتها التي طلبت منه البقاء في المنزل وإغلاق الابواب والنوافذ لحين وصولهم.
ما هي الا حظات حتى وصل الجميع الى المنزل وعانقوا فاروق عندما شاهدوه حيا، ليكتشف ان أسرته تلقت خبر وفاته وتعاملت على انه فارق الحياة.
عائلة زماميري احتفلت على نطاقها بحضور الاهل والاقارب بسلامة فاروق، وذبحت له خاروفا "ذا القرنين" ووزعته لوجه الله تعالى، حمدا وشكرا.
وبالأمس سأل فاروق أمه، ماذا تريد هدية في عيد الام، لكنها لم تطلب منه شيئا سوى ان يبقى امامها لتنظر اليه.