مطلوب ارض في عمان القديمة ، في أي منطقة ، مع مستأجرين أم بدونهم؟. البناء قديم تراثي له حديقة ، أم بناية قديمة؟. اسئلة روتينية يعدها سماسرة العقارات في عمان ، ولكنها في الواقع تبرز مدى الاهتمام التجاري بشراء وبيع البيوت القديمة في عمان.
سماسرة العقارات ، صغارا كانوا ام كبارا يعملون بطريقة منظمة ودؤوبة ، كل منهم يعرف وظيفته وكل يعرف عمولته والكل يعمل باجتهاد للحصول على مبتغاه . علي وهو اسم “مستعار” لأحد كبار سماسرة عمان قال : هناك وسطاء صغار عملهم اليومي يقتضى التوجه نحو الاحياء في مناطق عمان التي سمح تنظيم امانة عمان وفق المخطط الشمولي باقامة بنايات شاهقة فيها.هناك يجولون في الشوارع ، ويدخلون بيوت المالكين ويبدأون باقناع اصحاب البيوت ببيعها ، وللوصول الى مبتغاهم يمارسون عملية ضغط جماعي ، تبدأ بالبقال الذي له عمولة اذا ما جرت الصفقة ، وتنتهي بالجار ليقنعوهم بييع بيوتهم ، وإذا ما كان السكان من المستأجرين فان التفاوض يجري معهم لمعرفة المبالغ المطلوبة للخلو.
يعرف هؤلاء السماسرة عمان جيدا ، ويجوبون شوارعها وهم على دراية بسكانها الكائنين والراحلين ، المستأجرين والمالكين والمسافرين والمقيمين ، يعرفون شوارعها جيدا ، اغلبهم لا يملكون مكاتب عقارية ، ولكنهم يجتمعون في مكاتب قريبة الاختصاص والاهتمام. فمثلا ، تجد ان بقالا في وسط البلد لا يمارس مهنة التجارة منذ عقود ولكن الغبار والطاولات القديمة ورفوف محله الصغير لا تمنعه من التداول بارقام عالية جدا وخيالية ، فبيت قديم في منطقة جبل عمان مساحته نحو200متر مربع يقدر ثمنه بنحو نصف مليون دينار ، رقم يبدو خياليا ولكن السماسرة يؤكدون ان التعامل يجري حاليا على هذا الاساس ، فالعقار يقع على تقاطع طرق ، ويصلح لاقامة مطعم سياحي تراثي .
اما عن الفلل القديمة والقصور الصغيرة في مناطق عمان القديمة ، فيقول السماسرة انها عادة ما تكون مثار اهتمام التجار والراغبين في الشراء ولكن اشكالات الوراثة تعقد عمليات البيع وتعطلها في اغلب المرات ، وبما ان عقارات عمان القديمة وسط البلد باتت نادرة وقليلة ، فحركة البيع والشراء العقاري انتقلت الى مناطق اخرى من عمان القديمة مثل جبل اللوبيدة وجبل عمان وجبل الحسين والعبدلي القديم.
وعند السؤال : من يشترى العقارات ، فان الجواب المتعارف عليه بين سماسرة العقار في عمان هو نفسه : اردنيون يعيشون ويعملون في الخارج ومستثمرون عرب ، هؤلاء يشترون العقارات مرتفعة الثمن ، ويتفق سماسرة على ان اموال العقارات تغدق في عمان بالملايين ، ومبالغ خيالية لعقارات وبيوت قديمة. ويقول سمسار قديم في عمله : لا اعرف ، كل ما ادركه انني بت اتكلم عن الملايين وكانها لا شيء او كأنه طبيعي ان تدفع هذه المبالغ.
اما عند التساؤل عن هوية البناء والمكان في عمان ، واهمية الحفاظ على الابنية التراثية وحماية شكلها وفن عمارتها وقوامها في احياء عمان القديمة ، يضحك السماسرة ، ويقولون “بدنا نعيش ، ولكل شيء سعره ، وسعر بيوت العاصمة ملايين”. امّا هويتها… فمن يشترًي يخطط لها. الدستور