خيم على ملايين البيوت في مصر حالة من الحذر والترقب بسبب الأنباء التي تتردد عن قرب عودة مليون موظف وعامل مصري من العاملين في دول الخليج بسبب الأزمة العنيفة التييواجهها إقتصاد تلك الدول.
ومن المعروف أن مئات القرى والمدن المصرية تعيش أسرها على رواتب شهرية يرسلها عوائلها هناك فبين كل أسرة شاب أو شابين يعملون إما في الخليج أو الأردن وليبيا.
وقد تضررت الأوضاع الإقتصادية لتلك الأسر بسبب التراجع المطرد في أجور العاملين هناك.
وقد أشارت معلومات إلى أن زيارة الرئيس مبارك وعدد من كبار المسؤولين لبعض العواصم العربية خلال الفترة الماضية كان السبب الرئيسي لها هو حض زعماء تلك الدول على الإبقاء على العمالة المصرية هناك وعدم الإستغناء عنها في محاولة يهدف منها النظام المصري للسيطرة على الأوضاع الإقتصادية المتدهورة في بلاده حيث تخيم على القاهرة بوادر أزمة خانقة.
وعلى رأس الدول التي بدأت في الإستغناء عن العمالة المصرية الإمارات المتحدة والتي بدأت إجراءات الإستغناء عن مائة وستين ألف مصري نصفهم تلقوا بالفعل إفادات تشير إلى الإستغناء عنهم وفسخ عقودهم الموقعة بينهم وبين الجهات التي قامت بالتعاقد معهم.
وتبذل الخارجية المصرية خلال الوقت الراهن جهوداً مكثفة حيث توجه عدد من مسئوليها مؤخراً لعواصم خليجية بناء على مناشدات الجاليات المصرية هناك من أجل التوصل لحلول مع مسئولين خليجيين بهدف إثناء حكومات بلدانهم تأجيل قرار تسريح العمالة المصرية هناك.
وقد تدفق العديد من المصريين بالخليج على مقر السفارات المصرية هناك خاصة أبناء الجالية المصرية في الإمارات من أجل طلب الوساطة من الدبلوماسيين المصريين للبقاء في وظائفهم بينما طالب العديد من الذين تم الإستغناء عنهم في دبي وأبوظبي والشارقة وعجمان الحصول على إعفاءات جمركية للسيارات التي كانوا قد إشتروها خلال فترة عملهم هناك.
وتتجه أنظار المسئولين المصريين للمملكة العربية السعودية حيث تتواجد أكبر الجاليات المصرية في الخليج خشية أن تسفر الأزمة الإقتصادية العالمية والتي تضرب آثارها بقوة في العديد من بلدان العالم وقد اشارت مصادر داخل وزارة القوى العاملة المصرية عن نية مئات الشركات السعودية عزمها تسريح العمالة المصرية بسبب تردي أوضاعها الإقتصادية.
وتنتاب الأسر المصرية التي يعمل أبناؤها في الخارج القلق بعد أن أكدت المعلومات عن أن العديد من تلك الشركات في الرياض وجدة وعدد من المدن السعودية بدأت فسخ عقود العديد من العمال.
كما يواجه العديد من العاملين المصريين بنظام الكفيل في المملكة مشاكل ضخمة بسبب تردي اوضاعهم وتهديد الكفلاء بقرب تسريحهم.
وقد إعترف عدد من المسئولين المصريين بان الأزمة القادمة والتي تطرق الأبواب بقوة غير مسبوقة على مدار الثلاثيت عاماً المنصرمة.
ومما يكشف عمق الأزمة التي بدأت تضرب جذور الإقتصاد المصري قرار وزارة المالية طرح أذون خزانة في الأسواق بقيمة تسعة مليارات جنيه بالإضافة لزيادة الإقتراض الداخلي بواقع 32مليار جنيه خلال الشهور الثلاث الأخيرة.
كما كشف تقرير صادر عن جماعة الإدارة العليا أن حجم خسائر مصر ستبلغ مع نهاية العام الحالي 25 مليار جنيهفضلاً عن توقعات بفقد مائتي الف وظيفة في الداخل.
وأوضح نفس التقرير عن أن الخسائر تعود لتراجع أعداد السائحين القادمين على مصر أما تحويلات العاملين بالخارج فمن المتوقع أن تبلغ نسبة تراجعها إلىتسعة مليارات دولار وقد ظلت تلك التحويلات على مدار السنوات الماضية تمثل العمود الفقري فلإقتصاد المصري جنباً إلى جنب مع إيرادات قناة السويس وبيع البترول.
واعترف عدد من الوزراء بعمق الأزمة التي تنتظرها مصر للحد الذي دفع بوزير المالية بطرس غالي لأن يشير بأن سنوات عجاف ستخوضها مصر خلال المرحلةالمقبلة وأن طوفان الأزمة الأزمة الذي يواجه العالم من المستحيل أن تنجو منه مصر. وتوقع أن يستمر تأثير الأزمة عدة أعوام.
وفي ذات السياق أعربت وزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي عن مخاوفها على أوضاع العاملين المصريين في الخليج وشددت في تصريحات خاصة للقدس العربي بأن الحكومة لن تتخلى عن وضع كافة الضمانات من اجل حماية حقوق العمالة المصرية في الخارج.
ودعت العاملين لأن يهتموا بالحصول على مايثبت تلك الحقوق ووصفت الأزمة بأنها عالمية وأنه ليس بوسع أي نظام أو حكومة أن يتغلب عليها مهما كان وضعه الإقتصادي قوياً.
غير أن قوى المعارضة المصرية دعت الحكومة التي يرأسها أحمد نظيف عدم المضي قدماً في الإنفاق ببذخ على المسئولين والوزارات المختلفة وضرورة الشعور بالمسئولية تجاه ملايين العاطلين وأسرهم الذين سيواجهون واقع أشد بؤساً.