وجهة نظر مطبخ الحكومة الاردنية الحالية في تركيبة وطبيعة الحملة التي تشن ضدها بسيطة ومباشرة ويعبر عنها رئيس الوزراء سمير الرفاعي عندما يشير الى ان الحكومة تميز بين نوعين من الحملات الاعلامية او السياسية ضدها، الاول هو النقد البناء وهو ما تطلبه الحكومة وتستفيد منه وتستثمره احيانا للصالح العام، والثاني هو التعرض الشخصي المتكرر للرفاعي نفسه او لافراد الطاقم الوزاري.
الطراز الاول قال الرفاعي امام 'القدس العربي' في جلسة غير مخصصة للنشر انه يرحب به ويطلبه، اما الثاني فسيسقط شعبيا برأيه ودون تدخل الحكومة او السلطات لان الرأي العام في البلاد يفرق بين النقد والشتائم ويطالب الشتامون وهم كثر في الواقع في لحظة ما بقلب الصفحة واستحضار الخطوة التالية.
والفكرة هنا بسيطة، ويساندها وزير الاتصال وشؤون الاعلام علي العايد الذي يعمل بمنهجية بعيدة عن الاضواء والتشنج على تطوير مشروع هيكلي متكامل لتطوير الاداء والخطاب الاعلامي في البلاد.
وتستند الفكرة على ان مطبخ الحكومة قرر استراتيجيا انه لا يشعر بالاستفزاز من كثرة التعرض الشخصي في بعض مستويات الاعلام لرئيس الوزراء وحتى عائلته في بعض الاحيان، وكذلك لشخوص الطاقم الوزاري احيانا، من حيث الاصل والمنبت، واحيانا من حيث الخلفية والاتهام المسبق قبل قياس الاداء والمنجز والعمل.
وبهذا المعنى لا تخفي الحكومة قرارها بتجاهل ظاهرة الشتائم والردح التي تطال الطاقم وتعتبرها حجة على اصحابها، ولدى الطاقم الرسمي العامل بمعية الرفاعي الادوات المؤهلة لقياس تأثير حملات بعض الصحافيين والمواقع وتجمعات النشطاء على انحيازات وموقف الرأي العام الذي يتكاثر من يدعون الابوة له.
وتفعيل هذه الادوات انتهى بالخلاصة التي توصل لها الرفاعي على اساس ان قافلة الحكومة ستواصل العمل والانتخابات ستجري بنزاهة، وان المواطن الاردني والقارىء يستطيع التمييز في المحصلة بين مستويات النقد الايجابية المعتادة وبين التركيز على الجوانب الشخصية والعائلية في مظاهر الشذوذ عند بعض الاطراف.
ومن المرجح في السياق ان وزارة الرفاعي مستمرة في دفع ثمن المجازفة الاكبر التي اقترفتها مع بدايات تشكيلها والمتمثلة في تفعيل مقررات 'مدونة السلوك الاعلامية' التي همشت مساحة لا يستهان بها من المال الذي كان يدفع لبعض المؤسسات ولبعض الاعلاميين على شكل وقف الاشتراكات والاعلانات ومنع الاعلاميين من العمل في الجهاز الرسمي.
ويساند ذلك التصور بأن ضحايا مدونة السلوك التي اقرتها وزارة الرفاعي هم الاكثر شراسة في التعرض للحكومة والتحرش بها وفي غالب الاحيان اتهامها.
لكن الحكومة من جهتها مالت سياسيا ونقابيا خلال الايام القليلة الماضية لاحتواء بعض الجبهات المعادية بشدة لتوجهاتها وهو الهدف الذي يفترض ان الحكومة تسعى لتحقيقه من خلال اللقاء الاول الذي عقد امس بين وفد وزاري رفيع المستوى برئاسة الرفاعي وقادة النقابات المهنية، حيث انتهى لقاء الامس بتبادل العتب والملاحظات قبل تشكيل لجنة مشتركة هي الاولى من نوعها بين حكومة والمعارضة النقابية بهدف التواصل الدائم.
وعلى نفس طريق الاحتواء تراهن الحكومة على لقاء الرفاعي بعد غد السبت بوفد قيادي من جبهة العمل الاسلامي سيضم اربع شخصيات بينها الصقوري الشيخ زكي بني ارشيد والشيخ حمزة منصور احد ابرز قادة الاعتدال، وهو لقاء سيناقش بالضرورة ملف الانتخابات والملاحظات المتبادلة.