تفاؤل في اوساط الاعلاميين عقب اعلان تأسيس المحطة, وخيبة امل في يوم اطلاق البث
* استثمار اكثر من 20 مليون دينار في المرحلة الاولى والتمويل كان على الدوام محل تساؤل !
* تعطيل البث يوم موعد الانطلاق, والشائعات تنصب حول خلافات بين عليان وجهات رسمية على الاموال
* اتفاقية البيع »لعجائب« اثبتت ان عليان كان مالكا شكليا للمحطة وانه جرى تمويله وتسجيل الشركة باسمه
* »عجائب« مولت الشركة بـ 7 ملايين دينار لسد نفقاتها العاجلة وكانت امام خيارين إما التصفية او البيع
* مسؤولون كبار مارسوا ادارة الملف خارج الاطر الرسمية واشرفوا على تفاصيل البيع وإعداد الاتفاقيات
* العواملة يتملك غالبية اسهم المحطة بعد ان تم تصميم اتفاقية تتضمن حوافز كثيرة لرفع قيمتها وزيادة اقبال المستثمرين عليها
* المركز العربي المالك الجديد للقناة يتفاجأ بتنصل الجهات الرسمية من تنفيذ ما تضمنته الاتفاقيات والبث يتعطل من جديد
* الخسائر تتراكم والتزامات المحطة تتجاوز الـ 61 مليون دينار, والعاملون دون رواتب منذ شهور وبدء حملة التسريحات
* »عجائب« تطلب من المركز العربي شراء حصتها في القناة والخلافات تتصاعد من جديد حول سعر السهم
* ادارة المحطة في حالة تذمر وشد مع مختلف الاجهزة الرسمية,وشعور بالندم للدخول في المشروع من الاساس
* الحكومة تدخل على خط الازمة وتتفاوض لشراء المحطة وتتفاجأ بالمديونية وبسعر السهم بعد اعادة الهيكلة وتعلن تخليها عن الشراء
* الازمة تتصاعد والتلفزيون يحجز على موجودات المحطة لعدم تنفيذها اتفاقية البث التي لم تنفذها اصلا الجهات الرسمية
* اعتصامات مستمرة للموظفين, والديون تتراكم, والبنوك تطالب بمستحقاتها, ومقاولو البناء يريدون اموالهم, وقضايا مالية بدأت تُرفع على المحطة
* المشهد لقناة لـ atv: استثمار بملايين الدنانير, وتجهيزات اعلامية وفق احدث التكنولوجيا, واستديوهات تحاكي ما في الغرب, وتعطل في البث والاسباب مجهولة والخاسر هو الاعلام الوطني
* يبقى التساؤل الاكثر جدلا: ما هي مصادر تمويل المشروع؟, هل كان من الخزينة؟, اذا كان كذلك فلماذا لم تتدخل الدولة في حل الازمة واذا كان التمويل من المساعدات فكيف جرى استخدام الاموال دون علم مجلس الوزراء؟
* بقاء المحطة متوقفة عن البث, وتصاعد الازمة بين المالكين سيجعل من ملف القضية مادة خصبة لمجلس النواب المقبل
* في النهاية..من سيدفع تكاليف تلك الخسائر سواء كانت في الاموال التي انفقت او في تطوير الاعلام ومؤسساته؟
العرب اليوم- سلامة الدرعاوي
في الاول من شهر آب سنة 2007 نشرت صحيفة الغد على صدر صفحتها الرئيسية خبرا موسعا تحت عنوان ينطلق اليوم البث الرسمي لقناة atv كأول قناة تلفزيونية أردنية خاصة مستقلة,وكانت القناة بدأت بث إشارتها الترويجية على قمر النايلسات Nilesat 102 على تردد 12303 H< في الثامن عشر من تموز (يوليو) من نفس العام.
الخبر الموسع وصف المحطة الوليدة بانها تجمع عنصر التنويع في ما تتضمنه من برامج ثقافية وترفيهية وبرامج القضايا العامة وبرامج الأطفال, إضافة إلى النشرات الإخبارية والبرامج السياسية والبرامج الرياضية, في حين اعتبرها الزميل محمد ابو رمان في مقاله في ذات العدد بانها قناة اردنية مستقلة خاصة متنوعة اخبارية تمثل نقلة نوعية في الاعلام الاردني, جرى الاعداد المكثف لها ولبرامجها خلال اكثر من عامين , وانتظر الاردنيون على شاشات التلفاز لالتقاط شارة البث في ذلك اليوم دون ان تظهر القناة, مما اثار حينها تساؤلات هامة عن الاسباب الخفية التي عطلت البث.
بعد عام تقريبا وتحديدا في الاول من شهر آب من سنة 2008 اعلن المالك الجديد للمحطة ان القناة استعادت حظوظها في ايجاد بث لها على الترددات الفضائية بعد مرور اكثر من عام على تعذر اطلاقها, وان البث الرسمي سيبدأ في الاول من كانون الثاني سنة ,2009 ويتكرر السيناريو السابق, والقناة تتعثر من جديد في الخروج للمشاهدين ولغاية الان ما زال الحال على ما هو عليه, فالمحطة موجودة والكادر متوفر والاجهزة مركبة والبرامج جاهزة والبث معطل.
قناة لـ ATV احد ابرز الملفات الغامضة التي شهدتها الساحة الاردنية خلال السنوات القليلة الماضية, اثارت الحيرة بين اوساط المراقبين والاسرة الاعلامية التي تفاجأت اصلا بولادتها, الحديث عنها كان كثيرا من جهات مختلفة ومتعددة, والكل رأى فيها متنفسا للرأي الاخر, وقفزة في الحريات العامة وبديلا عن التلفزيون الرسمي الذي ابتعد كثيرا عن وجدان الاردنيين, بسبب امكاناته وموارده الضعيفة وعدم قدرته على مواكبة التطورات الاعلامية المتسارعة, وبدلا من اطلاق المحطة جرى وأدها باسلوب غامض ورغم ان ملكية القناة ظاهريا هي للقطاع الخاص متمثلا برجال اعمال لهم باع في العمل الاعلامي الا ان الواقع الفعلي يدلل بوضوح على وجود اياد خفية تدير المحطة من خلف الكواليس.
البداية.... عليان يفاجئ الجميع
الولادة لقناة الـ Atv كانت عقب الاحتلال الامريكي للعراق سنة ,2003 عندما بدأ الحديث يتنامى في اروقة جهات رسمية عن ضرورة تطوير المشهد الاعلامي وانتاج نموذج جديد يحاكي آخر التطورات العالمية ويقدم وجها جديدا عصريا للدولة الاردنية الفتية, ويقدم تلفزيون وطن يغطي الاحداث ويقدم التحليلات والرأي الآخر باسلوب مهني رفيع يعزز من مبدأ الحريات ويرفع من وتيرة العمل الديمقراطي ويوسع قاعدة المشاركة.
هنا ظهر المستثمر الجديد على الساحة الاعلامية محمد عليان ناشر جريدة الغد التي كانت في ذلك الوقت تحت التأسيس بشكل ونوعية غير معهودة في المشهد الاعلامي المحلي, وجنبا الى جنب انشغاله باطلاق صحيفته, اعلن عليان عن مشروع كبير يتضمن اطلاق قناة فضائية شاملة ضمن مشروع اعلامي متكامل يسعى الى تأسيسه يتضمن الاعلام المرئي والمسموع والمقروء..
وعلى الرغم من كبر حجم المشروع من حيث القيمة الاستثمارية كان واضحا وجود خطوات تأسيسية كبيرة تتم على ارض الواقع, فجريدة الغد انطلقت بحلة جميلة في شهر آب من سنة 2005 وبدات باخذ مكانتها في الاعلام الاردني, والحديث ينتقل تدريجيا الى المشروع الثاني الملاصق لمبنى الصحيفة في شارع مكة التجاري, واخذ المشهد العملي للقناة ينمو سريعا بعد ان تم تشييد مبنى ضخم لهذه الغاية, هنا تسارعت وتيرة الاستعدادات لاطلاق المحطة بعد ان تم استقطاب اعلى الكفاءات الإعلامية والخبرات لتشغيل القناة في اسرع وقت ممكن, واستطاع مالك القناة عليان شراء احدث المعدات التكنولوجية الاعلامية المتوفرة في السوق الدولية واستقطابها للمحطة الوليدة, وبدا للمراقب ان الاردن مقبل على نقلة استثمارية نوعية في الاعلام بشكل غير تقليدي كما كانت العملية في السابق, وعند نقطة الانطلاق ومشاهدة ولادة اول قناة اردنية خاصة تمت عملية الخنق الاولى.
20 مليونا مصاريف التأسيس ورحلة البحث عن تمويل
عليان الذي استطاع ضخ ما يقارب الـ 20 مليون دينار في تأسيس مختلف وحدات المحطة وفق احدث التجهيزات واجه معضلة مع جهات رسمية في اطلاق شارة البث التي كانت على جاهزية كاملة, ولم يُعرف لماذا تنامت وتيرة المشاكل بين مالك القناة عليان واجهزة الدولة المختلفة لدرجة ان عليان بدأ بالبحث عن مصادر تمويل لمحطته الوليدة من مصادر عدة لعل ابرزها محاولته الشهيرة في تحويل الشركة التي اسسها لتملك القناة وهي الشركة الاردنية المتحدة للبث التلفزيوني من شركة ذات مسؤولية محدودة الى شركة مساهمة عامة تتداول اسهمها في البورصة وتكون اسهمها متاحة لكافة الراغبين بشراء او تملك اسهم, الا ان محاولته لم تنجح وتم رفض الطلب من هيئة الاوراق المالية التي رأت في تلك المحاولة مخالفة صريحة لتعليماتها التي تحظر عملية التحويل من شركات خاصة الى مساهمة قبل مرور عامين على التأسيس وتحقيق ارباح مالية ملموسة وليست دفترية.
هنا في هذه المرحلة بدأت حالة من الاحباط تسود اوساط الاعلاميين العاملين في محطة ATV بسبب وضع الانتظار الزمني الذي يعيشونه منذ اسابيع لاطلاق البث الرسمي للمحطة على الهواء.. والذي كان مقرراً له في بداية الشهر لولا قرار هيئة الاعلام المرئي والمسموع منعه بدعوى عدم اكتمال اجراءات البث.
القناة تحت رحمة الهيئة
في المرحلة الاولى عُيّن الاعلامي الاردني المعروف مهند الخطيب مديرا ل¯ ATV الذي عمل على توفير كادر كامل لتشغيل المحطة, لكنه اضطر الى الانتظار طويلا هو والموظفون لقرار هيئة الاعلام المرئي والمسموع للسماح بالبث.
ادارة المحطة عاشت لشهور في حالة قلق وترقب وهي تخوض مفاوضات واتصالات مع الجهات الرسمية لحل المشاكل العالقة بأسرع وقت للبدء بالبث الا ان الحل كان بعيدا جدا.
وبحسب مدير المحطة السابق مهند الخطيب وفي تصريح صحافي له الى وسائل الاعلام انه لم يحدث اي تطور على موضوع البث.
ومن الواضح ان هناك مماطلة في قضية البث لافتا الى ان هيئة المرئي والمسموع طلبت من القناة استكمال اجراءاتها وبعد ذلك تم طلب استكمال اوراق اخرى وهذا مؤشر على ان هناك مماطلة.
ونفى الخطيب حينها ما تردد مؤخرا حول حدوث تغييرات في القناة او مجلس ادارتها وقال ان سببها تعطيل العمل.
وفي اطار الحديث عن منع بث محطة atv التلفزيونية سرت شائعات خلال هذه الفترة عن وجود نية لدى مجلس ادارة المحطة اجراء تغييرات على بعض المناصب الادارية لديها وفي مقدمتها منصب المدير العام الذي يشغله الاعلامي مهند الخطيب,الا ان رئيس مجلس ادارة المحطة محمد عليان نفى امام عدد من العاملين في المحطة صحة هذه الشائعات.
الاسباب غامضة بين الجهات المختلفة
وبدأت المشكلة تتفاقم, وفي اليوم الذي حددته القناة للبث عندما طلبت هيئة المرئي والمسموع منها الفصل بين البث الفضائي والارضي معتبرة الاتفاقية المعمول بها غير قانونية.
في تلك الاثناء تحدثت المعلومات المتداولة بين الاوساط الاعلامية المتابعة لما يجري ان الخلافات تتجاوز موضوع الاجراءات الشكلية والموافقات والتراخيص الى قضايا اخرى تمس مضمون البث.
كما ذكرت اوساط اعلامية اخرى وجود خلافات حول رغبة احدى الجهات الرسمية بمراقبة مضمون البرامج التي ستبث على المحطة وهو ما رفضته ادارة المحطة.
وكانت هيئة الاعلام المرئي والمسموع قد طالبت في كتابها ان تكون البرامج المعروضة على القناة الارضية مختلفة عن تلك التي ستبث على الفضائية.
واعتبر الخطيب في بيان صحافي ان الهيئة في مماطلتها هذه عن طريق تبادل الكتب الرسمية تحاول اضاعة الوقت الامر الذي سيترتب عليه خسائر مالية كبيرة.
كل تلك الاحداث التي رافقت تعطيل البث لم تقدم المعلومات التي توضح اسباب المشكلة وعلى العكس, ساد الغموض والبلبلة, فالبعض يرى وفقا لمعلومات من مصادر مطلعة ان محطة ATV التلفزيونية كانت قد حصلت على الترخيص بناء على استئجارها وصلة بث من مؤسسة الاذاعة والتلفزيون على اساس بث ارضي وفضائي, لتفاجأ المؤسسة ان المحطة قامت بالتعاقد مع المدينة الاعلامية الحرة لتقوم بالبث الفضائي من خلالها الامر الذي يخل بنصوص العقد بين الجانبين وبنصوص الترخيص وتشير ذات المصادر الى ان المحطة لم تف بالتزاماتها المالية مع مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وكذلك مع هيئة الاتصالات.
الى ذلك يعتبر البعض ان مشكلة المحطة قانونية وعليها ان تنظم امورها الادارية مع هيئة المرئي والمسموع والاخيرة انتظرت ان تستوفي المحطة اجراءاتها الادارية واستكمال بعض النواقص الادارية الواجب توافرها بعد الترخيص.
وكشفت بعض المصادر ان المحطة الى جانب وجود نواقص لديها في اجراءاتها لديها التزامات مالية لم تقم بدفعها تقدر بأكثر من 3 ملايين دينار موزعة على مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وهيئة الاتصالات مؤكدة ان (قضية المحطة) هي انها لم تستوف اجراءاتها فقط ولا يوجد اي اسباب اخرى.
وبحسب مصادر مؤسسة الاذاعة والتلفزيون فأن المحطة لم تقم حتى الان بدفع ايجار القناة الثانية في التلفزيون الاردني التي قامت باستئجارها لغايات البث منذ اكثر من عامين ليترتب على المحطة مبلغ مليونين ونصف المليون ايجار القناة يجب دفعه للمؤسسة اضافة الى ان مشكلة المحطة في آلية البث من خلال المدينة الاعلامية الحرة الامر الذي نفته مصادر في قناة ATV
يشار الى ان قرار ايقاف البث لاحقته مجموعة من الاشاعات والاتهامات تتلخص بأن هناك استهدافا لمنع الاستثمارات الاعلامية وتحديداً الفضائية.
وكانت الهيئة قد رخصت 14 محطة تلفزيونية وفضائية و21 محطة اذاعية تبث على الهواء منذ اشهر الامر الذي ينفي اي حديث عن رفض الهيئة منح تراخيص او سعيها لرفض اي فضائية.
من هو مالك القناة؟
ومع كل ذلك تبقى المحطة معطلة عن العمل, وتتراكم الخسائر وترتفع التكاليف وتزداد الامور سوءا.
محمد عليان نجح بعد تلك المرحلة في ايجاد شركاء ماليين جدد معه في المشروع واستطاع ان يحصل على خمسة ملايين دينار من ثلاثة شركاء محليين وبطريقة سرية لم يعلم بها احد, وتم وضع المبلغ وديعة في احد البنوك المحلية الصغيرة, واستطاع عليان الحصول على قرض مقداره خمسة ملايين دينار بكفالة الوديعة, الا ان المشاكل بين عليان وجهات رسمية مختلفة تنامت وبدأت تطفو على السطح خاصة مع رفض هيئة المرئي والمسموع الموافقة على البث وتعطيله, وهو امر دفع الشركاء الجدد في المحطة الى مطالبة عليان بالاموال التي دفعوها له, لان البث لا يزال معطلا وان هناك غموضا عن اسباب هذا التعطل, وكانت المفاجأة حين ابلغ عليان شركاءه انه لا يملك القناة وحده بل ان هناك جهات رسمية هي صاحبة القناة, وهو شخص جرى تسجيل القناة باسمه من الناحية الصورية فقط, وان تلك الجهات قررت بيع القناة لجهات اخرى, لذلك تعطل البث.
عليان يخرج من المحطة و»العجائب« تتملك
بعد ايام قليلة تفاجأ الوسط الاعلامي بخبر توقيع اتفاقية بيع عليان قناة لـ ATV الى شركة تسمى عجائب للاستثمار مسجلة في سجلات وزارة الصناعة والتجارة باسم محمد خالد عصفور ويرأس مجلس ادارتها الاعلامي راضي الخص ويديرها زيد الرشدان, ولم تتم الاشارة من قريب ولا من بعيد الى قيمة صفقة البيع وهنا بدأت مرحلة جديدة في تاريخ القناة الوليدة التي لم تر النور بعد خروج مالكها الصوري الاول محمد عليان من المشهد, وبدء عملية ترميم جديد لعل وعسى ان تكون خيرا للقناة المثقلة بالديون بسبب تأخر البث وتنامي المصاريف وتزايد فوائد القروض وتعثر تدريجي في السداد.
التساؤل الاكثر الحاحا في ملف القناة حتى تلك الحادثة تحديدا في هذه المرحلة هو كيفية حصول عليان على تمويل تجاوز لـ 20 مليونا خلال شهور قليلة اذا لم يكن هو الصاحب الفعلي للمحطة, فهل كانت عملية التمويل مخالفة للقانون, لان مجلس الوزراء لم يتخذ قرارا بعملية تمويل انشاء قناة فضائية وتسجيلها باسم شخص يكون هو المالك من الناحية الصورية.
الا ان هذا قاد البعض من المحللين والمراقبين لتطورات ملف قناة لـ ATV الى الحديث ان عليان لم يكن يملك خيارات كثيرة لاطلاق البث دون تسوية امور ما زالت الى يومنا هذا غامضة مع جهات رسمية ثبت انها فعليا هي من يملك القناة بدليل اتفاقية البيع لشركة العجائب دون ان يقبض عليان ثمن البيع, مما يؤكد ملكيته الشكلية للقناة.
من مول القناة؟
البعض يرى ان اموال قناة لـ ATV كانت جزءا من مساعدات امريكية جرى تقديمها للمملكة في اطار تعزيز الديمقراطية وتحسين صورة امريكا في الشرق الاوسط, مما يدفع المراقبين الى طرح تساؤلات عدة اهمها حول قانونية استخدام اموال المساعدات دون اشراف مباشر او رقابة من قبل مؤسسات الدولة المعروفة؟ ولماذا لم تقم الدولة نفسها باجهزتها بتأسيس قناة جديدة باستخدام تلك الاموال؟, البعض يرى ان الشكل الجديد في المساعدات الامريكية الخاصة بالاعلام كان يتطلب وجود جهات اهلية لتنفذ مشاريع تحسين صورة امريكا في العالم العربي بعيدا عن اجهزة الدولة واعلامها الذي عادة لا تثق الشعوب في مضامين رسائلها.
لعل هذه الطريقة هي التي تفسر غياب اي دور حكومي علني فيما يتعلق بآلية صرف اموال قناة لـ ATV لانها لو كانت اموالا نابعة من الخزينة العامة لكان الامر مختلفا بالنسبة لمجلس الوزراء الذي سيضطر حينها للتدخل في كل صغيرة وكبيرة حول كيفية انفاق الاموال.
ورغم وجود مخالفات دستورية وقانونية واضحة في عملية تمويل قناة لـ ATV, إلا ان جوهر اسباب الخلاف بين المالك الشكلي والمالك الحقيقي ما زالت غامضة, وهي التي وأدت المشروع بعد الولادة.
بدايات متعثرة وبدء مفاوضات بيع جديدة
المالك الجديد للقناة وهي شركة عجائب للاستثمار بدأت خطواتها الاولى في العمل بالبحث عن حلول لتسويق المشروع المثقل بالديون, والذي بدأ الموظفون سلسلة اضرابات لعدم حصولهم على رواتبهم, في البداية حصلوا على تمويل مؤقت من جهات رسمية يقدر بحوالي 7 ملايين دينار لتسديد النفقات العاجلة التي لا تقبل التأخير مثل رواتب العاملين, الا ان الحل كان ينصب على اتجاهين للخروج من الازمة, إما تصفية المشروع نهائيا او بيعه, وهنا بدأت مرحلة جديدة انصبت اساسا على تسويق عملية البيع بعد ان تم غض الطرف عن مسألة التصفية لتداعياتها السلبية الداخلية والخارجية,وقام المالك حينها العجائب بعرض الشركة على العديد من المستثمرين المحليين والعرب, ولم تنجح تلك المحاولات بسبب تخوف المستثمرين من كبر حجم التزامات القناة المالية ومشاكلها الفنية والادارية, واشرفت الشركة على اعلان افلاسها ولم تدفع رواتب الموظفين الذين تجاوز عددهم لـ 500 موظف وعامل لمدة ثلاثة شهور متتالية.
هنا بدأت مرحلة جديدة في عمر القناة, ففي بداية سنة 2008 قام المستثمر الاعلامي طلال العواملة مالك المركز العربي للانتاج الاعلامي بالتقدم بطلب لشراء الشركة التي تملك القناة, وكان ذلك بواسطة كتب رسمية وجهت الى رؤساء جهات رسمية وحكومية معا, وبدات عملية المفاوضات للبيع, وقدم الاتفاق على مراجعة تقييم الوضع المالي للقناة بسبب عدم وجود سجلات مالية صحيحة عن اصولها ونفقاتها وهيكلها المالي الختامي, لغياب الادارة المحاسبية السليمة في القناة عند التأسيس, وقد تم ذلك باتفاق مكتوب, وباشراف مسؤول رسمي رفيع المستوى جرى توقيع مذكرة تفاهم بين المركز العربي وشركة عجائب تضمنت ان تتم عملية البيع للقناة وفقا للقيمة المعدلة لصافي الاصول, اي بعد تعديل حسابات الشركة وتحديد مركزها المالي الحقيقي, فقد تم تعيين مدققي حسابات لهذه الغاية من طرف شركة عجائب ومن طرف شركة المركز العربي.
خسائر بالملايين
وبعد مراجعة حسابات الشركة المالكة للقناة تبين ان قيمة صافي اصولها كانت تبلغ -25 مليون دينار, حيث تبين انه كان على الشركة حينها التزامات ب¯ 61 مليون دينار, بينما كانت اصولها فقط 36 مليون دينار, وبعد عملية تفاوض طويلة قام ممثلو شركة عجائب بزيادة قيمة صافي اصول الشركة للمحافظة على حصة لشركة عجائب في رأسمال الشركة المالكة للقناة, حيث تعهدوا باطفاء ذمة شركة عجائب البالغة 18 مليون دينار وبالغاء ذمة للتلفزيون الاردني بلغت 10 ملايين دينار سببها اصلا عقد لم يتم تنفيذه, لتأجير البنية التحتية للقناة الثانية الخاصة بالتلفزيون الاردني للشركة, وباعفاء الشركة ايضا من ذمم حكومية مستحقة عليها, كما تم التعهد بمنح امتيازات اخرى كتحويل مقرها ومقر شركة المركز العربي الى مناطق اعلامية حرة خاصة.
بناء على التعهدات السابقة تم تخفيض التزامات الشركة الى 33 مليون دينار فقط, وتم بتاريخ 10 تموز سنة 2008 توقيع اتفاقية شراء اسهم لبيع 86.4 بالمائة من رأسمال الشركة الاردنية المتحدة لشركة المركز العربي, وتضمنت الاتفاقية ان صافي القيمة الدفترية لاصول الشركة هي 1.3 مليون دينار, حيث ان الشركة لدى توقيع اتفاقية شراء الاسهم لم تكن تمسك حسابات اصولية بسبب ترك محاسبي الشركة العمل فيها لعدم دفع رواتبهم, ولان ادارة الشركة رفضت توقيع كتاب مدققي حسابات الشركة الذي يتضمن الاقرار بصحة واكتمال المعلومات المالية التي قدمت للمدققين, فقد تم تضمين اتفاقية شراء الاسهم شروطا تمنح الحق لشركة المركز العربي بالتأكد من حسابات الشركة من حيث صحة واكتمال الاصول والالتزامات, على ان يتم قيد اية فروقات محاسبية قد تتبين على شركة عجائب.
الحسابات الختامية الحقيقية
بعد قيام المدققين باصدار بيانات مالية صحيحة للشركة تبين ان صافي قيمة اصولها وقت البيع كان -1.2 مليون دينار وليس +1.3 مليون دينار وذلك بسبب الاخطاء المحاسبية في حسابات الشركة, وقامت شركة المركز العربي بمطالبة شركة عجائب بتعويضها عن هذا الفرق بالسعر,كما قامت شركة المركز العربي بمطالبة شركة عجائب بدفع حصتها كشريك من المبالغ الاضافية التي تحتاجها الشركة لتمكينها من العمل, حيث قامت شركة المركز العربي وحدها بتمويل الشركة.
وبعد عدة جلسات بين المركز العربي ومسؤولين رسميين تبين ان هناك اعتقادا بان قيمة الشركة كانت اعلى من القيمة التي بيعت بها, على اعتبار ان استثمارا بهذا الحجم ومبنى زادت تكلفته على 10 ملايين دينار عدا عن تجهيزاته لا بد ان تكون قيمته اعلى من 1.3 مليون دينار, وقد اثبتت شركة المركز العربي ان هذا الاعتقاد غير صحيح, وانه نابع عن سوء فهم لعملية البيع التي تضمنت ايضا تحمل التزامات الشركة التي زادت عن 33 مليون دينار.
وتشمل هذه الديون قروضا بنكية 8 ملايين دينار, وديونا لمقاولي انشاء المبنى وموردي التجهيزات والاصول الثابتة والبرامج 8 ملايين دينار, ومستحقات حكومية لضريبة الدخل والضمان الاجتماعي ومؤسسات حكومية اخرى مقدارها 2 مليون دينار, وان ما تم دفعه خلال الادارات السابقة والذي يقدر بحوالي 27 مليون دينار تم انفاق معظمه على مصاريف جارية في الشركة من قبل مالكيها السابقين, ولا يدخل في تقييم الشركة عند البيع, وان الشركة كانت مفلسة عند دخول شركة المركز العربي, وكان البنك بصدد الحجز على ممتلكاتها, وتراكمت عليها العديد من القضايا, وعجزت عن دفع رواتب موظفيها الذين بدأوا حملة اعتصامات متتالية, واصبحت القناة حديث الشارع.
خلافات الشركاء
وقد عرضت شركة المركز العربي احالة الموضوع لمحكم او لمدققي حسابات, الا ان شركة عجائب رفضت هذه الحلول لتعرض بيع حصتها المتبقية في رأسمال الشركة للمركز العربي, الا ان عجائب ربطت تنفيذ التزامات الحكومة الواردة في اتفاقية شراء الاسهم بقيام شركة المركز العربي بتقديم سعر مقبول لشراء حصة شركة عجائب, مع ان قيمة هذه الحصة كانت اصلا تحت الصفر وقت البيع كما ثبت من واقع حسابات الشركة المدققة ونتيجة لرفض طلال العواملة مدير المركز العربي دفع مبالغ بدون وجه حق كثمن لحص شركة عجائب في رأسمال الشركة, فقد تم تعطيل اعمال الشركة بايقاف تراخيص البث التلفزيوني, التي يفترض منحها للشركة حسب اتفاقية شراء الاسهم وايقاف تنفيذ التزامات الحكومة الواردة في اتفاقية شراء الاسهم, وقد اكدت شركة عجائب عدم تقيدها بتنفيذ هذه الالتزامات مع انها تمت بموافقة كبار المسؤولين في مؤسسات الدولة.
تجدر الاشارة ان شركة المركز العربي تحملت ديون ومصاريف الشركة منذ دخولها كمساهم, كما قامت باستثمار مبالغ كبيرة في تجهيز مبنى الشركة والاعداد للبث, حيث لم يكن المبنى مكتملا, ويوجد نقص كبير في التجهيزات.
إلا أن شركة عجائب أصرت على قيام شركة المركز العربي بدفع مبلغ لا يقل عن 5 ملايين دينار مقابل حصتها مع عدم تقديم مبررات لطلب هذا المبلغ, على الرغم من أنه على شركة عجائب أن تعوض شركة المركز العربي عن الفرق في قيمة البيع وعن حصتها في خسائر الشركة كونها شريكا, وهذه مبالغ تزيد على 4 ملايين دينار, وبتاريخ 14/01/2010 رضخت شركة المركز العربي وعرضت مبلغ 4.4 مليون دينار لعجائب مقابل حصصها في الشركة وذلك لإيقاف الخسائر وتمكين الشركة من العمل.
ضحية صراع القوى
من الواضح ان حالة الشد بين اطراف معادلة القناة ما كانت لتصل الى هذا النحو دون وجود اياد خفية لها قدرة على تجميد الوضع واختراق الاتفاقيات والتغول على جهات مختلفة اثرت سلبا على حل المشكلة, وكان واضحا للعيان ان جهات مسؤولة كانت تدير ملف القناة منذ البدايات الاولى لعملية التأسيس, وان التطورات الدراماتيكية في العلاقة بين تلك القوى التي كانت تسيطر على المشهد العام للبلاد سنة 2007 ادت الى تفاقم الازمة.
تلك القوى باشرت بادارة الملف من منطلق الخلافات التي كانت تعتري علاقاتها فيما بينها, وكان الخلاف واضحا بينهما منذ بدايات التأسيس للمحطة وكيفية ضخ اموال التمويل للمشروع, فبعد ان تراكمت الديون وازدادت التكاليف مع تعطل في البث اختلفت جهات رسمية في سبل المعالجة, فالبعض اراد التصفية للمشروع والتخلص منه نهائيا, في حين رأى آخرون بضرورة العمل على بيعه واسترداد الاموال التي تم ضخها في المحطة.
الصراعات السابقة دفعت تلك القوى الى تكييف مجموعة من القرارات والترتيبات لاعداد وأد ناعم للمحطة دون اثارة الرأي العام, فعمدوا الى الضغط على الحكومة السابقة لتوفير مظلة حوافز جديدة للمحطة في سبيل زيادة قيمتها وجاذبيتها للمشترين, وتم التدخل في قرارات ادارية مباشرة لبعض الدوائر لتعطيل اية محاولات للمالكين في حل مشاكلهم بعيدة عن تلك الصراعات, بمعنى انه تم توظيف سلطتهم في تجاوز عمل مؤسسات رسمية وتطويعها نحو قرارات خاصة بهم.
الحكومة تدخل على خط الازمة وتفشل في الحل
على اية حال تتغير الحكومة وقبلها تغيرت قيادات الصف الاول في احد اهم مركزين سياسيين لصناعة القرار ويتغير المشهد الكامل للملف, في هذه الاثناء تدخل حكومة الرفاعي على خط الازمة, وبتاريخ 16/01/2010 طلب رئيس الوزراء من طلال عواملة بيع حصص شركة المركز العربي للحكومة مقابل قيام الحكومة بدفع المبالغ التي استثمرتها شركة المركز العربي في الأردنية المتحدة, والتعهد بتنفيذ العقود السابقة بين شركة المركز العربي والأردنية المتحدة, وتعويض شركة المركز العربي عن جهودها في إدارة الشركة, وحوافز أخرى مثل ضمان مشاريع إنتاج لشركة المركز العربي سواءً من خلال التلفزيون الأردني أو الشركة الأردنية المتحدة.
وحينها قال وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام الدكتور نبيل الشريف في خبر منشور يوم الثاني من شهر ايار الماضي بأن شراء المحطة من قبل الحكومة مسعى ما زال قائما ولكن الحكومة حريصة على أن تكون الاتفاقية منصفة لجميع الأطراف وأن تضمن الحفاظ على المال العام.
وأكد الشريف نحن حريصون على أن يحصل مالك المحطة على المبلغ الذي دفعه لشرائها ولكننا مؤتمنون على المال العام, وما زلنا نأمل أن تكون الاتفاقية ملبية لتوقعات جميع الأطراف وبما يضمن الحفاظ على المال العام.
وختم الشريف قوله: اتمنى أن نصل الى اتفاقية تكون منصفة ومجزية ونستثمر المحطة والبنية التحتية المهمة دون شروط وبحيث تكون منصفة للجميع.
الحجز على موجودات المحطة
وتتسارع التطورات على ملف القضية في هذه الفترة, حيث انه وبتاريخ 17/02/2010 قامت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بمطالبة الشركة بدفع مستحقات للتلفزيون الأردني عن عقد سابق لم يتم تنفيذه بين الشركة الأردنية المتحدة والتلفزيون الأردني وأعتبر لاغياً بموجب إتفاقية شراء الأسهم, وقد ردت الشركة على التلفزيون الأردني ورفضت هذه المطالبة غير القانونية بموجب كتاب رسمي وتم ارسال نسخة منه لرئيس الوزراء, وقامت شركة المركز العربي بإعداد مطالبة مالية بالمبالغ المستحقة لها مقابل موافقتها على بيع الأسهم للحكومة حسب الأسس التي اقترحها رئيس الوزراء إلا أن الحكومة أبلغت شركة المركز العربي بعدولها عن قرارها شراء الشركة بعد مفاوضات استمرت ستة شهور تقريبا والقناة معطلة عن البث والديون تتراكم.
حينها قال الوزير الشريف في تصريح صحفي له اثناء تواجده امام اعتصام نفذه العاملون في القناة الذين جرى انهاء خدماتهم وعدم دفع رواتبهم أن مفاوضات الحكومة مع مالك القناة الحالي طلال العواملة باءت بالفشل وذلك يعود للمغالاة الأخير في طلب سعر البيع الذي أدى إلى انهيار المفاوضات.
ونتيجة لعدم الإتفاق على عملية البيع, فقد ظهرت النتائج مباشرة, حيث قام التلفزيون الأردني بمقاضاة الشركة والحجز عليها مطالباً بمبلغ 11 مليون دينار غير مستحق وبشكل غير قانوني وأحيل النزاع إلى المحكمة. كما أوقف مراقب الشركات قرار الهيئة العامة للشركة القانوني بإطفاء خسائرها, كما قام البنك الدائن باعلان الحجز على مبنى الشركة وبيعه بالمزاد العلني, واحيل هذا النزاع ايضاَ الى المحكمة, وقام العديد من الدائنين والموظفين المنهية خدماتهم من الشركة بمقاضاة الشركة وبدأت حملة إعلامية شرسة ضد مالك المركز العربي حول هذا الموضوع, وتعطل المشروع بالكامل.
وتطور ملف القناة سريعا بعد تلك الاحداث كان أحدث فصولها إلقاء الحجز الاحتياطي على موجودات القناة من قبل محكمة بداية عمان بعد قيام إدارة التلفزيون الأردني بتحريك دعوى قضائية ضد إدارة القناة للمطالبة بمبلغ عشرة ملايين دينار بدل استئجار خدمات القناة الثانية للتلفزيون وهو الإجراء الذي اعتبرته إدارة قناة ATV باطلاً من طرف التلفزيون الأردني نظراً لأن هذه الديون غير مستحقة بقرار من الحكومة في وقت سابق عندما قامت شركة المركز العربي للإنتاج الإعلامي بشراء أغلب أسهم القناة مع بقاء نسبة قليلة من الأسهم باسم شركة العجائب التي تمثل الحكومة برعاية وإشراف وموافقة مؤسسات الدولة الراسخة ومنها الديوان الملكي والحكومة ممثلة في حينها بوزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة.
ووصفت إدارة القناة في بيان صدر عنها وتم توزيعه على وسائل الإعلام طلب إلقاء الحجز الاحتياطي على موجودات الشركة لغايات التقاضي بالتصرف الفردي المتسرع من التلفزيون الأردني, نظراً لأن الأساس الذي قام عليه القرار وهو عقد استئجار القناة الثانية من التلفزيون الأردني لم ينفذ بسبب عدم سماح الحكومة لمحطة ATV بالبث حينذاك وهو الشرط الذي تم على أساسه إلغاء العقد واعتبار الديون المترتبة على القناة بموجبه غير مستحقة وتم إلغاؤها من ديون الشركة لغايات زيادة قيمتها, أي الشركة عند بيعها للمركز العربي وذلك بحسب اتفاق خطي مع الحكومة السابقة تمت صياغته من قبل وزير العدل أيمن عودة وبرعاية عدد من كبار شخصيات الدولة منهم رئيس الديوان الملكي باسم عوض الله ورئيس الوزراء نادر الذهبي الذي أصدر تعميماً رسمياً للوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية لتنفيذ بنود اتفاقية شراء الأسهم الموقعة مع شركة المركز العربي, والتي نفذت الحكومة جزءا منها وتلكأت في استكمال تنفيذ الجزء المتبقي, وقد هدفت شروط الاتفاقية إلى تخفيض التزامات الشركة لزيادة قيمتها عند البيع, وتضمنت بنود هذه الاتفاقية قيام الحكومة بمنح حق تشغيل القناة الثانية لمحطة ATV حصرياً, وهو الحق الذي تتمسك به قناة ATV وتمتلك حرية التصرف به بحسب ما جاء به البيان.
وأضاف البيان, أن التلفزيون الأردني, وخلافاً للاتفاقية المبرمة مع الحكومة, استمر في استخدام القناة الثانية طوال الفترة الماضية, وأن تحريك هذه الدعوى, التي لا تمنع إدارة ATV من ممارسة أعمالها بشكل طبيعي, يأتي بعد تعليق المفاوضات بين الحكومة وإدارة القناة حول صفقة الشراء التي انسحبت منها الحكومة دون البحث في تفاصيلها المالية, في محاولة لاستخدام أساليب وصفها البيان بالمتعسفة لدفع مالك القناة لبيعها بسعر رمزي لا يغطي التكاليف التي تم دفعها في القناة تمهيداً لانطلاق بثها الذي كان من المقرر أن يبدأ مطلع العام الجاري.
وكشف البيان, أن قرار إلغاء ديون ATV لصالح التلفزيون الأردني, تم تأكيده في اجتماع في رئاسة الوزراء بحضور رئيس الوزراء نادر الذهبي ووزير الدولة للإعلام والاتصال ناصر جودة الذي كان يرأس مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون وضم مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون جرير مرقة ومسؤولي إدارات التلفزيون الإردني, وأن إدارة القناة تحتفظ بمراسلات رسمية بهذا الخصوص تتضمن التزام الحكومة بإعفاء القناة من الالتزامات المترتبة عليها لصالح التلفزيون.
وأشار البيان أن طلب الحكومة من إدارة المركز العربي للإنتاج الإعلامي شراء أسهم ATV, قبيل توقيع اتفاقية شراء الأسهم المشار إليها جاء متزامناً مع اعتصام الموظفين في ذلك الحين والذين لم يتقاضوا رواتبهم طوال فترة أربعة شهور وفي ظل تعثر مالي للشركة دفعها لمخاطبة وزارة الصناعة والتجارة بهدف إشهار إفلاسها, قبل أن يتدخل المركز العربي لإنقاذ المشروع تجاوباً مع مطلب الحكومة.
وأشاد البيان حينها برئيس الوزراء سمير الرفاعي, معتبراً أن رئيس الوزراء الذي قام بمقاربة عدد من الملفات الحساسة بجرأة وحزم هو الأقدر على إنهاء قضية لـ ATV بشكل يحفظ الحقوق لأصحابها وإغلاق هذا الملف الذي تعاقبت عليه أربع حكومات دون أن يشهد حلاً مرضيا للأطراف ذات العلاقة بالمشروع.
وناشد البيان جلالة الملك, وضع نهاية لأزمة القناة المتعثرة, مؤكداً أن القائمين على المشروع وضعوا نصب أعينهم التوجهات الملكية السامية التي دعت إلى وجود إعلام أردني مهني ومستقل يستطيع أن يقدم صورة مشرفة عن المجتمع الأردني المتنوع والدولة الأردنية الحديثة وأن هذا الهدف ما يزال حلم إدارة المحطة والقائمين عليها.
وختم البيان بالتأكيد على أن إدارة ATV بصدد استئناف قرار الحجز بالطرق القانونية, وأمام القضاء الأردني المعروف بنزاهته, مشيرة إلى أنها تملك من الوثائق والبراهين التي تؤسس لبطلان مطالبة التلفزيون الأردني غير المستحقة والتي لم تأخذ, بحسب تعبير البيان, الاعتبارات السياسية والإعلامية والالتزامات الحكومية المرتبطة بالمشروع, وانعكس بشكل سلبي على سمعة الشركة وتعاملاتها, وأن الشركة تحتفظ بحقها في المطالبة بالتعويضات المناسبة مشيرة في الأثناء أن مثل هذه المعالجة للمشاريع الاستثمارية والنكوص عن الاتفاقيات الموقعة من شأنه أن يكلف الخزينة المزيد من الأعباء المالية الأمر الذي يتناقض مع توجه الحكومة المعلن لتخفيض النفقات وتشجيعها لحرية العمل الإعلامي.
وفي ظل عدم السير في اجراءات لحل الملف وتداعياته فان المشهد المقبل سيتسم بزيادة الاشكاليات بشدة,حيث ستقام العديد من القضايا ضد الحكومة التي خالفت القوانين في مرات عديدة فيما يتعلق بهذا الملف مثل قرار مراقب الشركات غير القانوني واخفاء قرار لمجلس الوزراء صدر رسمياً بمنح شركة المركز العربي والشركة الأردنية المتحدة ترخيص اقامة مناطق اعلامية حرة خاصة.
وكما قال احد الاعلاميين المقربين من مشروع المحطة انه:يفترض ألا مصلحة لأحد أو جهة في تعطيل محطة تلفزيونATV, فهذا المشروع يشغل مئات الشباب, ويمكن أن يقدم لسوق العمل في الأردن والخليج وسائر أنحاء العالم كفاءات إعلامية وفنية نادرة ومهمة, ويتوقع أن يكون قادرا على اجتذاب إعلانات تجارية واسعة, وسيحرك المشاركة العامة والتفاعلية مع القضايا المحلية واليومية بين المجتمع والسلطات وبين السلطة والقطاع الخاص وبين المجتمعات والقطاع الخاص, وأيا كانت المشاكل والأسباب القانونية والتنظيمية العالقة فإنه يمكن تسويتها دون توقف المحطة, فالحكومة قادرة بأدواتها القانونية وعلاقاتها وولايتها على المصالح العامة أن تحصل جميع الحقوق العامة والخاصة وتحميها دون أن تعطلها أيضا, وثمة مئات إن لم يكن آلاف القضايا بين الحكومة والشركات وبين الشركات بعضها البعض وبين الشركات والمواطنين التي تجري متابعتها وتسويتها دون اللجوء إلى وقف الأعمال وتعطيلها.
هذا المنع لقناة لـ ATV التلفزيونية والذي استمر أكثر من المتوقع يثير كثيرا من التكهنات والتفسيرات والتحليلات التي تضر بالأعمال وموقعها في السوق والحياة العامة واليومية, ويثير قلقا عاما حول المؤسسية والشفافية المفترضة في إدارة الأعمال وتنظيمها, وبخاصة أنه يترافق مع مجموعة كبيرة من الأحداث والممارسات, مثل قضايا الانتخابات البلدية والمياه والغذاء والتي تعزز مخاوف المواطنين والمجتمعات وأصحاب الأعمال والمصالح.
قصة محطة لـ ATV, غريبة وغامضة, لكن ما هو واضح جدا ان ملايين قد انفقت على هذا المشروع وان وقتا ثمينا قد اهدر لاسباب يجهلها الرأي العام الاردني.
لا يمكن رمي الكرة في ملعب المالك الحالي للقناة, ولا اعتبارها قضية عُمّالية, إذ تمثّل الحكومة طرفاً مباشراً فيها, وجزءاً أساسيا من مأساة هذه القناة وملايين الأموال المهدورة فيها, والعَطَلة التي تلازمها منذ تأسيسها, وما تلا ذلك من عمليات بيع وشراء, تمثل ذروة الاستخفاف بعقول الناس والرأي العام!.
اليوم, المحطة جاثمة في شارع مكة بكل معداتها وتجهيزاتها المتطورة, والمشهد العام ان هذا الاستثمار بعشرات الملايين عاجز عن ان يرى النور نتيجة فقدان الحوار المنطقي والعقلاني لحل ملف ما زال الى يومنا هذا غير واضح الاسباب التي تجعل من الجهات الرسمية تبتعد عن خطوات الحل بشكل يؤدي في النهاية الى ترجمة التوجيهات السامية في ايجاد تلفزيون وطن مكمل للتلفزيون الاردني ويحدث نقلة نوعية في هيكل الاعلام الوطني
بقاء ملف الATV غامضا على هذا النحو, وبقاء مسؤولي الدولة ساكنين عن اي تحرك للخروج من الازمة سيجعل من هذا الملف بكافة تداعياته وتفاصيله مادة خصبة لمجلس النواب المقبل الذي من المؤكد انه سيفتح صفحاته تحت القبة, وهو امر قد يشكل احراجا لجهات رسمية متعددة لا احد يرغب في تناول دورها في تطورات الملف, وقد يطال ذلك شخصيات كانت على رأس المسؤولية اثناء ادارتها للمحطة عن بعد.
هل يحق لنا أن نطرح سؤالاً عن الثمن الباهظ وهل »المحطة« ضحية لصراع مراكز القوى ام نتيجة الارتباك والارتجال وغياب المؤسسية, في التعامل مع هذا الملف, وانتفاء أبسط قواعد الشفافية والنزاهة والمصداقية لحل الخلافات!
ومن يتحمل هذه الكلفة الباهظة في وأد تجربة إعلامية كان يمكن أن تكفل للأردن فضائية إعلامية خاصة محترفة تمثل رصيداً مهماً للدولة والمجتمع في عصر الإعلام والعولمة والفضائيات؟.