اصبح التسول بكافة اشكاله مهنة لا تقتصر على الكبار فقط, بل علموا ابناءهم الاساليب المختلفة وجعلوها مهنة متوارثة بينهم, عند الاشارات, في الحافلات الكبيرة, في المؤسسات الحكومية والخاصة, عند ابواب المطاعم والاسواق, حتى وصلت الى المقابر, التي لم تسلم من زيارتهم للتسول من القلوب المفعمة بالحزن والالم على فراق محبيهم.
من مقبرة سحاب وهي احدى المقابر الكبرى, تجدهم ينتشرون كل يوم وبعد الانتهاء من الدفن يبحثون عن الغنائم, يطلقون العنان لالسنتهم بالدعاء للمتوفى ويستجدون اهله لنيل المراد, ابو كارم توفى الله والده, يروي »للعرب اليوم« ما حصل معه هناك " كنت في حالة حزن شديد على والدي وبعد دفنه بدأت امرأة - ترتدي النقاب - تسأل اين ابناؤه وكوني الكبير اتجهت ناحيتي وبدأت بالبكاء والنواح على والدي وتدعو له ايضا مما اثار في قلبي الالم والحزن وتناولت ما بجيبي واعطيتها اياه, مع علمي بان تصرفي خطأ ولكنهم يلتصقون بك ويجعلونك تفقد اعصابك اكثر فاكثر".
وفي السياق تحدثت ام حسن "اذهب برفقة ابنائي لزيارة زوجي المتوفى بعد صلاة العيد وآخذ معي الكعك لاوزع عن روحه الا اني اواجه مشكلة كبيرة من المتسولين وما ان تدخل يبدأون بطلب الاموال وحين اقدم لهم الكعك يرفضون, والغريب كيف يسمح المسؤولون لمثل هؤلاء بالدخول الى المقابر".
احد المتواجدين للخدمة هناك قال "لا نعرف كيف ينتشرون وبالذات صباح ايام العيدين تأتي عائلات باكملها للتسول وقد دربوا على البكاء والنحيب السنتهم تنظم من الدعوات ما يجعلك تدفع من دون تفكير. واستغرب منهم هذا الاسلوب فقد زاحمونا على رزقنا من الاموال والحلويات ولا تفكر انهم فقراء فاغلبهم لديهم سيارات, ويكون معهم لباس قديم يرتدونه قبل دخولهم المقبرة وبعد الانتهاء يركبون سياراتهم ويغادرون".
سالم المالحي كان يحاول معرفة هذه الظاهرة التي ازعجته كثيرا كلما اتى لزيارة موتاه وفي احدى المرات تكلم مع احدهم وكان مسؤولا عن جماعة من المتسولين وقال له انه يمتلك شركة ويريد عمال نظافة براتب 100 دينار شهريا على شرط ان يتركوا هذه المهنة التي تسيء للمتواجدين وحتى لبلدنا المتحضر ولكنهم رفضوا وقالوا له لا تقطع رزقنا فنحن نلم ما يقارب الـ 30 ديناراً يوميا اي بمعدل 900 دينار شهريا وهو ما يعادل راتب صاحب الشركة ويمكن راتبهم اكبر".
مديرة الرقابة الصحية والمهنية في امانة عمان الدكتورة ميرفت مهيرات قالت أن هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير وقت الذروة في وقت صلاة الظهر والعصر وفي ايام العطل حيث يأتي المتسولون على انهم زوار للمقبرة وبعد دخولهم يقومون بتغيير ملابسهم, و كل يوم يكون لدينا 15 جنازة نقوم بالاستمرار بمكافحة واعطاء الموضوع أهمية كبيرة بالتنسيق مع لجنة مكافحة التسول حيث تمت مخاطبتهم مرتين هذا العام وتم التنسيق فيما بيننا بعمل 9 حملات تم خلالها القبض على 9 سيدات و6 رجال من جنسيات غير أردنية ولكن هناك حاجه لان يكون هناك حملات أكبر في الوقت نفسه يجب ان يكون هناك تعاون من قبل المواطنون في الابلاغ عند رؤيتهم المتسولين, وبعد ما عرضته جريدة »العرب اليوم« سنقوم بالمباشرة بوضع رقم خاص في المقبرة من اجل الابلاغ عن اي شخص يمارس التسول لتسهيل القاء القبض عليه بالتنسيق مع الجهات المعنية, إضافة لوضع لوحات تنبيه للمواطنين لعدم اعطاء المتسولين المال, فالمتسولون لا يحفظون حرمة المقبرة و يلقون فيها مخلفاتهم و يرحلون,و سنعمل على حل هذه المشكلة في أقرب وقت ممكن".