دعت وثيقة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الى إقرار صيغة مناسبة لخدمة العلم لمدة سنة دراسية تتوزع بين التدريب العسكري والمهني وخدمة المجتمع لترسيخ قيم المساواة والانتماء الوطني والانضباط بين الشباب.
واكدت الوثيقة التي استعرضها رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور عبد الاله الخطيب في مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء اهمية تطبيق عقوبات بديله لمرتكبي الجنح لتخفيف الضغط على السجون والمساهمة في خلق ثقافة ان العقاب يهدف الى التأديب والإصلاح وليس الانتقام.
وبينت الوثيقة التي حملت عنوان سيادة القانون أمان المواطن وامن الوطن أهمية عدم الملاحقة العشائرية للموظفين المخولين بحمل الأسلحة الذين اقتضت ظروف عملهم وواجبهم الرسمي استعمال السلاح ، مؤكدة ان العشيرة كانت دوما عنوان نخوة وقيم سامية وسندا للدولة وأجهزتها في بسط الأمن والسلم الاجتماعي.
ودعت الى استعادة مكانة التعليم في المجتمع من خلال تحسين الظروف الوظيفية للمعلم وتمكينه من التنظيم وفق اطار قانوني مناسب يكفل ادامة العملية التعليمية.
واشارت الى اهمية اعطاء معلومات واقعية عن الاحداث في وقت مبكر بدلا من إفساح المجال لتداول الشائعات والمبالغات.
وقال الخطيب إن الدول التي لا تقْدم وتبادر للاعتراف بالتحديات، خاصة تلك المتعلقة بسيادة القانون وهيبة الدولة وتقوم بمواجهتها بكل حزم، تتعرض لمخاطر متزايدة ويؤدي تأخرها عن معالجة تلك الظواهر إلى تضاعف التكاليف والتضحيات.
واضاف انه برغم نجاح الأردن في مواكبة التقدم الاقتصادي والتكنولوجي العالمي إلا أن تحديات أساسية ما تزال ماثلة أمامه فيما يتعلق بإصلاح جوانب عديدة من الحياة الاجتماعية والسياسية وترسيخ مكانة المجتمع المدني بما يضمن دوام سيادة القانون.
واكد الخطيب ان المجتمع المدني هو الرديف الحقيقي للدولة، وهو صمام الأمان للسلم الإجتماعي بما يخلقه من روابط مدنية طوعية بين المواطنين كافة .
وقال ان الفرصة قائمة للبدء في مراجعات شاملة لكل جوانب الحياة الأردنية بهدف إيجاد بيئة مجتمعية وطنية ترفض الإعتداء على القانون والإنتقاص من سيادته.
وبين اننا كأفراد ومجتمع مدعوون للتمسك بوحدتنا الوطنية ولحماية نسيجنا الاجتماعي والحفاظ على سلامة وطننا في مواجهة التحديات والإنعكاسات الناجمة عن التوترات الإقليمية وبخاصة على جبهة القضية الفلسطينية، لافتا الى ان المصلحة الوطنية العليا تقتضي بناء وفاق وطني عام لمعالجة التوترات الاجتماعية من خلال تعزيز سيادة القانون والإلتزام به، لنتمكن من خلق البيئة المجتمعية التي تحترم القانون وترفض وتقاوم خرقه وانتهاكه.
واشار الى ان التوصيات الواردة في الوثيقة لا تشكل وصفة نظرية، وإنما هي محاولة مشتركة لوضعنا أمام مسؤولياتنا الفردية والجماعية لضمان حماية أمننا الشخصي والوطني، مؤكدا ان المجلس ينطلق من قناعة تامة بتوفر الإرادة السياسية لتعزيز سيادة القانون والإلتزام به وبما يجسد وعياً وطنياً جماعياً بضرورة حماية إنجازاتنا الوطنية والبناء عليها وعدم السماح بتعطيل مسيرة التنمية والتقدم.
واوصت الوثيقة في محور سيادة القانون بالالتزام بعدم تجاوز إجراءات التقاضي في محكمة الجنايات الكبرى في قضايا القتل العمد مدة سنة وزيادة عدد هيئات محكمة الجنايات الكبرى وتوزيعها على الأقاليم و إعادة النظر في آليات التكفيل للمتهمين بحيث تتضمن مراجعة وتدقيق السجل العدلي الجرمي لاتخاذ القرار الذي يوازي بين حق المتهم وبين المصلحة العامة.
وطالبت بالتوفيق بين النصوص الواردة في قانون العقوبات وقانون أصول المحاكم وقانون منع الجرائم بما يكفل إزالة أي تعارض بينها اضافة الى سن تشريع يضمن للمواطن المطالبة بحقه في التعويض عن الأحكام والعقوبات الصادرة بحقه والمشوبة بالتعسف في تطبيق القانون.
كما طالبت بإنشاء مؤسسة اجتماعية أهلية تعمل بالتعاون مع وزارتي العدل والتنمية الاجتماعية لتوفير الرعاية المناسبة لأسر السجناء ذوي الاحكام الطويلة وكذلك المحكومين الذين قضوا مدة محكوميتهم لدمجهم في المجتمع.
واوصت الوثيقة كذلك باعتماد برامج للتدريب والتعليم المستمر للقضاة والمحامين تتواكب مع متطلبات إعداد دليل للإجراءات الأمنية لتنظيم العلاقة بين رجال الأمن والمواطنين، على أن يكون هذا الدليل الذي يجب أن يتسم بالوضوح والشمولية مُعلَناً ومتاحاً للجميع.
كما دعت الى الفصل التام بين صلاحيات المحاكم وصلاحيات الحكام الإداريين ومنع ازدواجية الملاحقة و تحديد صلاحية الحاكم الإداري في القانون بحيث لا تشمل القضايا الحقوقية وضمان حق المواطن في الاستعانة بمحامٍ للدفاع عنه أمام الحاكم الإداري أو من يمثله.
وطالبت بتعديل قانون الأسلحة النارية والذخائر لسنة 1952 بهدف منع حمل السلاح منعا كاملا وفرض مزيد من القيود على اقتنائه وحصره في أضيق نطاق، وتجريم حيازة السلاح الأتوماتيكي وتغليظ عقوبة اقتنائه أو حمله أو الإتجار به.
وفي محور التعليم العام دعت الوثيقة الى مراجعة المناهج بهدف تخليصها من الأعباء الكمية غير المجدية أو غير الضرورية وتطويرها، والارتقاء بطرق وأساليب التدريس بما يساعد في تنمية شخصية الطالب وقدراته على التفكير والتحليل واعتماد اختبار لقياس المعيار الوطني للتحصيل المدرسي في اللغة والعلوم والرياضيات.
كما دعت الى التوسع بإنشاء الصفوف المختلطة في المرحلة الابتدائية، وزيادة أعداد المعلمات في المراحل الإلزامية في مدارس الطلاب وتفعيل دور المرشد التربوي بصفته حلقة وصل بين الطالب والمعلم والأسرة ومراعاة رفد المدارس خارج العاصمة ومراكز المحافظات الكبرى بالكوادر التعليمية ذات الخبرة والتأهيل، وبشكل خاص في المجالات العلمية، وكذلك بالوسائل التعليمية اللازمة، لسد الفجوة الحادة في نوعية التعليم التي تعاني منها تلك المناطق.
وفي محور التعليم الجامعي اكدت ضرورة مراجعة سياسات القبول في الجامعات بحيث تستند إلى أسس المنافسة العامة والقدرة على التحصيل العلمي، والبدء بالتخفيض التدريجي المبرمج لأعداد المقبولين على غير تلك الأسس وصولاً بها إلى نسبة محددة محصورة فعلياً في المناطق والفئات الأقل حظاً، وبما يكفل تنميتها لإيصالها إلى المستويات الوطنية ضمن مدة زمنية معلنة تنتفي بعدها الحاجة إلى اعتماد تلك النسبة، وجعل القبول في الجامعات على المستوى الوطني بما لا يحصر قبول الطلبة في محافظاتهم، ويساهم في جعل الجامعات مؤسسات للاندماج وبناء الشخصية الوطنية للطالب.
ودعت كذلك الى إعتماد برامج توجيه إلزامية عند دخول الطلبة إلى الجامعات وتضمين المتطلبات العامة موادا للتربية الوطنية والثقافة المدنية والقانونية، بما في ذلك حقوق الإنسان و ذلك لتعزيز الهوية الوطنية، اضافة الى إعادة صياغة دور عمادات شؤون الطلبة بصورة تعطيها دوراً حقيقياً لإحياء البيئة الجامعية من خلال تخطيط وتنفيذ فعاليات لامنهجية توجه وتطور طاقات الطلبة وتبني شخصياتهم وثقافاتهم، وتطوير أساليب التدريس الجامعي بعيداً عن التلقين والروتين وبما ينمي القدرات التحليلية والبحثية للطلبة.
واوصت الوثيقة بإيفاد أوائل الطلبة في الجامعات الرسمية إلى جامعات عالمية مرموقة بهدف رفد الهيئات التدريسية بالكفاءات اللازمة، وفقاً لأسس واضحة وشفّافة، وتشجيع الجامعات على تنظيم برامج تبادل دراسي وثقافي لطلبتها وأساتذتها مع الجامعات العالمية بما يتيح لهم التفاعل مع مجتمعات جامعية متقدمة، والالتزام بالمعايير الأكاديمية للتعيين والترقية في الجامعات والتوقف عن استنزاف موارد الجامعات على أجهزة إدارية متضخمة، وتطوير مؤشرات حول أعداد الإداريين إلى الأكاديميين في الجامعات الرسمية وبناء شراكات بين إدارات الجامعات والمجالس والاتحادات الطلابية بحيث يتولى الطلبة مسؤولية إدارة بعض المرافق المخصصة لأنشطتهم، وكذلك وضع آليات واضحة يمكن ضبطها لمنع تفشي الواسطة والمحسوبية في العملية التعليمية فيما يتعلق بالامتحانات والتقييم، واعتماد معايير ملزمة لقواعد سلوك الطلبة لمنع استخدام العنف وخرق القانون، والانفتاح على المجتمع والتفاعل مع مؤسساته المختلفة لتوفير أعداد كافية من الفرص التدريبية للطلبة خلال دراستهم.
وفي محور الشباب اوصت الوثيقة بإقرار صيغة مناسبة لخدمة العلم لمدة سنة دراسية تتوزع بين التدريب العسكري والتدريب على أعمال مهنية وخدمة المجتمع، بهدف إيجاد آلية فعالة للاندماج بين الشباب وترسيخ قيم المساواة والانتماء الوطني والانضباط بينهم، وضرورة وجود وزارة خاصة بالشباب لوضع قضاياهم و أولوياتهم أمام مجلس الوزراء، ويمكن تحويل وزارة الثقافة إلى وزارة للثقافة والشباب.
واشارت الى اهمية زيادة برامج التمويل الميَّسر وتوجيهها إلى الشباب لمساعدتهم في إيجاد مشروعات صغيرة ومولدة للدخل في مختلف المجالات بدلاً من انتظار فرص عمل يحتاج الحصول عليها في أحيان كثيرة لفترات طويلة، والربط بين مبادرات التشغيل الوطنية والجهات والمؤسسات المعنية بالشباب.
وطالبت بتنظيم برامج خدمية وثقافية موجهة للشباب وإتاحة المرافق اللازمة كالملاعب والمراكز الثقافية والعلمية والأندية،وإيجاد منابر وطنية للاستماع لمشاكل الشباب ونقلها إلى صناع القرار لصياغة السياسات المناسبة لمعالجتها.
وفي محور دور المؤسسات المجتمعية اكدت الوثيقة اهمية التزام وسائل الإعلام بدور إيحابي فيما يتعلق بسيادة القانون والإلتزام به، وألا تكون الإثارة دافعاً أساسياً في إبراز التوترات المجتمعية.
واعطاء معلومات واقعية عما يقع من أحداث في وقت مبكر، بدلاً من إفساح المجال لتداول الشائعات والمبالغات التي هي في كل الأحوال أكثر ضرراً من المعلومات الواقعية .
ودعت الوثيقة نقابة الصحفيين الأردنيين إلى عقد ملتقى وطني للإعلام لدراسة المسؤولية الأدبية للصحافة ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية لتكون جزءأ من الجهد الوطني لإشاعة ثقافة سيادة القانون ومكافحة العنف، بعيداً عن الإثارة وتغذية السلوكيات العصبوية المؤذية لوحدة وتماسك المجتمع. كما دعت الى تعزيز الروابط والأطر السياسية المدنية والتطوعية بين أفراد المجتمع لتفعيل دور المجتمع المدني في تشكيل صمام أمان للسلم الاجتماعي، والتأسيس موضوعياً لقيام مصالح مشتركة بين أوسع فئات المجتمع بما يعزز الهوية الوطنية الجامعة بمنأى عن الهويات الفرعية.
واكدت الوثيقة اهمية تفعيل دور الخطاب الديني التسامحي في تعزيز منظومة الأمن الشامل في المجتمع على سائر المسارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بما في ذلك دوره في السياسات الوقائية التي ترمي إلى نزع مكامن العنف والغلو والتطرف في التعامل مع الخلافات والصراعات، والتوعية بمخاطر العنف على الأفراد والمجتمع وآثاره السلبية.(بترا)