كشفت مصادر صحافية يمنية أمس عن حالة قبلية نادرة في اليمن، لقبيلة حِميرية لا زال ابناؤها يعيشون حياة العصور الغابرة، ويرفضون كل أشكال الحياة الجديدة ويمتنعون عن استخدام أي من الصناعات الحديثة في عصرنا الحالي.
وذكرت أن قبيلة حميرية تسمى قبيلة (تلّب بن حمير) تقع على بعد 655 كيلو مترا من مدينة الحوطة بمحافظة لحج (320 كيلو مترا جنوب صنعاء) معظمها طرق وعرة وصعبة ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر سيارات الدفع الرباعي وبوقت لا يقل عن سبع ساعات.
وقال موقع (مأرب برس) إن أبناء وأحفاد (تلّب بن حسن الحميري) وهو أحد ملوك حمير وعددهم بالمئات يقطنون في منطقة تُلّب في يافع لبعوس بمحافظة لحج ويعيشون حياة ما قبل التاريخ الحديث وأن منطقة تُلَّب تعد إحدى المناطق الشهيرة في يافع الحميرية، بمحافظة لحج.
وأوضح أن تُلّب اليافعية الحميرية قرية جميلة تكسوها الخضرة وتحيط بها المدرجات الزراعية من كافة الجهات، وتتدفق عليها السيول في مواسم الأمطار، ويتميز أبناء تُلَّب بالطيبة والبراءة والكرم، وهي شيمهم.
ويصاب الزائر لأول مرة لهذه المنطقة بالدهشة عند رؤيته أبناء تُلَّب لغرابة شكلهم وطبيعة حياتهم وأجسادهم التي لا تكسوها الثياب إلا النزر القليل، ويسيرون حفاة الأقدام ويعملون في الزراعة ورعي الأغنام وتربية النحل فقط.
وعلى الرغم من أننا في القرن الواحد والعشرين إلا أن أبناء قبيلة تُلّب لازالوا يعيشون حياة العصور القديمة في هذه المنطقة المعزولة عن العالم تماما ويحتفظون باللغة الحميرية كوسيلة للتخاطب فيما بينهم.
وفي الوقت الذي يعيشون فيه معزولون عن العالم المحيط بهم، يمتنع أبناء تُلّب عن التعليم، حيث لا يتعلمون ويمنعون أبناءهم من التعلّم في المدارس العامة أو الخاصة، كما أنه إذا مرض أحدهم لا يتعالجون في المستشفيات أو في عيادات الأطباء وإذا أصيب أحدهم بمرض فيعالجونه بالعسل والأعشاب الطبيعية والكي فقط.
ويرفضون تزويج الآخرين من بناتهم كما يرفضون الزواج من الآخرين والمهر للفتاة فقط حفظ سورة من قصار السور القرآنية، كما يرفضون الاختلاط بالمجتمع الحديث ومواكبة التطورات الطارئة على الحياة العصرية.
وحياتهم تبدو وكأنهم يعيشون خارج المجتمع الذي ينتمون إليه، فهم غير مقيدين في جداول الناخبين بل ويقاطعون الانتخابات العامة ولا تصل إليهم لجان التعداد السكاني ولا ينتمون لأي توجه سياسي أو حزبي ويرفضون الانتماء لأي منها، لأنهم كما يقولون غير راضين عن السلطة التي لم تعدل بين الناس، كما أنهم غير راضين عن أي من الأحزاب والحركات السياسية الموجودة في الساحة اليمنية.
حاولت جماعات سلفية وصوفية وقيادات محلية من حزب الإصلاح ذي التوجه الاسلامي استقطابهم لكنهم رفضوا كل هذه المحاولات ويعتبرون أن الحالة القبيلة التي يعيشونها أفضل لهم.
وعلى الرغم من أنه لا توجد لأبناء قبيلة تُلّب الحميرية أي عداوات أو خصومات ومنازعات إلا أنهم يحملون السلاح على الدوام ويتأبطون أحزمة مليئة بالرصاص ويمتلكون أسلحة تراثية قديمة وجنابي (خناجر يمنية شهيرة) من النوع المرصع بالذهب والفضة ولا يمكن لأحدهم أن يفارق السلاح حتى في وقت النوم، كما أنهم يتعاطون القات أحيانا ولديهم طبائع وتصرفات لا يمكن البوح بها، يسمونها خصوصيات.
ويبدو الترابط الأسري قويا في قبيلة تُلّب الحميرية، غير أنهم يخفون نساءهم ويمنعونهن من الخروج إلا في حالات اضطرارية كما يقولون ولا يشاهدون التلفزيون، كما أن بث شبكات الهاتف المحمول غير موجودة في مناطقهم لامتناعهم عن استخدام هذه الخدمة.
يعيش أبناء قبيلة تُلّب الحميرية بمظاهر وحياة عصور ما قبل الميلاد، أطفال حفاة الأقدام لا ينتعلون الأحذية مطلقا، ويحتفظون برؤوس تغطيها تجاعيد الشعر الطويل غير المصففة، ولا يتحدثون مع الغريب عن منطقتهم إلا بكلمة واحدة وهي (ع النية)، حتى يأذن لهم زعيمهم بالحديث للغير أو يمنحهم الإذن بالكلام مع أي شخص غريب وصل إليهم من منطقة أخرى، ليظل شيخ المنطقة صالح محسن الحميري هو المتحدث فقط باسمهم فإذا أذن لشخص آخر بالحديث فيكون في نطاق محدود جدا.
أطفال قبيلة تُلّب يحملون السلاح على الدوام ويتباهون بها كما يستعرضون أجسامهم الحميرية أثناء ذلك، كما أن أسماءهم مميزة عن بقية الأسماء اليمنية الحديثة كاسم (دهشل) و(تبّع) و(ذي نواس) و(شمّر يهرعش) و'ذي القرن'، وغيرها، ويفتخر أطفالهم بأسمائهم وأشكالهم الحميرية، رغم أنهم محرومون من التعليم ويتوارثون عاداتهم القبلية جيلا بعد جيل