قال رئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي ان الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه لا يحتاج من يدافع عنه فشخصيته ومواقفه القومية والوطنية وتضحياته في سبيل قضايا الامة العربية وبخاصة القضية الفلسطينية وانجازاته ومكانته وحتى جنازته أمور تتحدث عن نفسها.
واعتبر في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية بثتها مساء امس ان اتصال الدول ورؤسائها واجهزتها مع الخصوم والاعداء امر طبيعي وضروري وهي ممارسة معروفة ومستقرة عبر التاريخ فتاريخنا العربي والاسلامي مليء بالاتصالات مع الاعداء.
واضاف "وفي عصرنا قامت وتقوم جميع الدول بالاتصال مع اعدائها فالدول تفاوض الاعداء ولا تدخل في مفاوضات مع الاصدقاء والاشقاء والمهم ليس الاتصال ولكن الهدف ونتيجة هذا الاتصال".
وبين ان جلالة الملك المؤسس المغفور له الشهيد عبدالله الاول كان يدرك انه بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين ستقوم دولة يهودية فيها وانال الدول العربية التي استقلت حديثا قبل عام 48 لم تكن تملك القدرة العسكرية للحيلولة دون اقامة هذه الدولة اليهودية وبخاصة مع مواقف الدول الكبرى (بريطانيا ، فرنسا ، الاتحاد السوفياتي ، والولايات المتحدة الامريكية).
واضاف ان هذا الوضع دفعه للاتصال مع القادة اليهود وعرض عليهم اقامة حكم ذاتي لليهود في مدينة تل ابيب ومنطقة صغيرة محاذية وضمن اطار دولة عربية واحدة للحيلولة دون قيام دولة يهودية في فلسطين وهذا الكلام موثق حتى عند الجانب الاسرائيلي وليس عند العرب فقط.
واكد انه وبالنتيجة لم توافق القيادة اليهودية على ذلك وعندما انسحبت بريطانيا واشتعلت الحرب العربية قام الجيش العربي وكان في ذلك الوقت اصغر الجيوش العربية واقلها عددا وعدة خاض الحرب وقاتل بشرف وبطولة وتمكن برغم كل الصعاب المحافظة على الضفة الغربية وعروبتها وأهم من ذلك كله حافظ على عروبة القدس ولم تتمكن اسرائيل من احتلالها رغم الهجمات المتواصلة عليها وقال الجيش العربي لم يسلم اللد والرملة لكن حين كثفت اسرائيل هجماتها على القدس وكما قلت الجيش العربي كان عدده محدودا جدا وسلاحه محدودا جدا اخذ قرار بأن تتحرك القوات من اللد والرملة الى القدس للدفاع عنها والمحافظة على عروبتها وكان الترتيب انه مع انسحاب الجيش العربي ان يحل محله القوات العراقية التي كانت متواجدة هناك وكان التحرك تكتيكي فرضته ظروف المعركة والاولوية كانت للقدس ولم تتمكن القوات العراقية من المحافظة على اللد والرملة في ذلك الوقت.
الاتصالات مع اسرائيل لم تستمر قبل 48 كانت بهدف الحيلولة من قيام دولة يهودية في فلسطين والجيش العربي حافظ على عروبة الضفة الغربية والقدس حتى اخرج اليهود من القدس القديمة ووثيقة الاستسلام قائد الحامية اليهودية موجودة وموثقة واستسلموا وانسحبوا من القدس والجيش حافظ على عروية القدس.
ولفت الى انه بعد ذلك انقطعت الاتصالات حتى عام 63 ولم تكن اي اتصالات وبعد الخسارة في الحرب وانهيار اتفاقية الدفاع المشترك ومعروف ان تسليح الجيش الاردني العربي هو سلاح غربي تمت الاتصالات مع الجانب الاسرائيلي ولم تكن اتصالات سياسية وكان الهدف الوحيد هو تحييد معارضة اللوبي الصهيوني في امريكا ومعروف نفوذه على الكونغرس وعلى الادارة الامريكية وكان دائما يضغط لعدم تزويد الجيش العربي بالسلاح فكان الهدف تمكين الاردن من الحصول على السلاح والدعم من الولايات المتحدة فالسياق الطبيعي كان الاتصال لهدف محدد يخدم المصلحة الاردنية وبالتالي العربية للحصول على السلاح الامريكي.
وفي الوقت الذي لم تكن اتصالات اردنية مع الجانب الاسرائيلي كانت اتصالات بين بعض الدول العربية والاسرائيليين وهذه الامور موثقة وامامي كتاب من "ميديل ايست ميشين" يتكلم بالتفصيل عن الاتصالات التي جرت بين القيادة المصرية في ذلك الوقت مع اسرائيل والولايات المتحدة فالاتصالات لم تكن محصورة في الاردن ولم تكن في مراحل متزامنة في ذلك الوقت بل اتصالات من جهات مختلفة لاهداف مختلفة في مراحل مختلفة.
وقال ان الجبهة كانت مشتعلة ومتكررة في الخمسينات بدأت في قبية واخر هجوم نهاية عام 66 في قرية سموع وكانت معركة وهجوم كبير استشهد فيها 50 من قواتنا المسلحة وحرس الحدود وعلمنا فيما بعد ان اسرائيل كانت تخطط لحرب لاحتلال الضفة الغربية وكانت تريد ان تكون الحرب في ذلك العام 66 ولم تتمكن بسبب صمود الجيش العربي في الضفة الغربية اضافة للاتصالات التي قام بها الملك حسين واجلت اسرائيل الحرب وفي عام 67 كان استمرار لما بدأته اسرائيل في السموع عام 66 ، وقبل الحرب عام 67 كانت العلاقات بيننا ومصر شبه مقطوعة كان هناك خلافات بين الدول في المواقف لكن عندما شعر المغفور له الملك حسين ان المنطقة مقبلة على حرب وبدأت اسرائيل تهدد سوريا وقامت مصر باغلاق مضائق تيران وربط المغفور مع ما حصل في ذلك الوقت ما حصل بالسموع شعر ان اسرائيل ستشن هجوم على الدول العربية فذهب الى القاهرة واجتمع مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر واخبره انه وقع على اتفاقية بين مصر وسوريا وكان رد جلالة الملك انه على استعداد للتوقيع على نفس المعاهدة معك ولا داعي للتحضير لأي شيء جديد فقط اتوا بالمعاهدة المصرية السورية بنفس المعاهدة ونوقعها ونضع الاردن مكان سوريا هيكل يدعي ان الملك حسين لم يكن جادا في دخول الحرب عام 67 وانه اتفق مع اسرائيل وامريكا على اطلاق ما وصفه السيد هيكل بـ"رصاصة صوت" حتى انه استكثر علينا قنبلة صوتية يقول رصاصة ، ويقول ان جلالة الملك اختار الفريق المصري عبدالمنعم رياض لقيادة الجيش الاردني هذا الكلام غير صحيح ، فجلالة الملك لا يعرف الفريق عبدالمنعم في ذلك الوقت ولا يعقل ان يظل ضابط معين في الجيش المصري لقيادة الجيش الاردني ويدعي هيكل ان الفريق رياض حضر الى عمان مع الملك حسين في طائرته وهذا لم يحصل ، فهو زار الأردن لأول مرة بعد عودة الملك بيوم واستلم قيادة الجيش في بداية حزيران وهيكل لم يكن موجود ولو كان اي صحة لاتهامات هيكل فهل يعقل ان الملك لم يكن جاد ويوقع اتفاقية دفاع مشترك مع مصر ويسلم قيادة جيشه الى ضابط مصري واذا كان يريد ان يبقى خارج المعركة فكيف يدخل المعركة ولماذا دخلها اذا كان هذا الهدف.
واضاف قائلا: اليوم الذي بدأت فيه المعركة والقتال قام الجنرال المعين من الامم المتحدة للإشراف على اتفاقية الهدنة بزيارة عمان ونقل رسالة من اسرائيل يدعون فيها ان الهجمة فقط على مصر وان الاردن ليس طرف في الحرب اذا لم نختر ان يدخلها وكان جلالة الملك يدرك تماما ان الهدف الاسرائيلي هو لتمكينهم من احتلال الضفة الغربية قبل سيناء والجولان وان الضربة لمصر تمكين احتلال الضفة وجلالة الملك جاوب وانا شاهد على تلك الرسالة بنفسي ، جوابي على هذه الرسالة ستأخذونه من مدفعيتنا ودباباتنا وطائرتنا فالهجوم على مصر هو هجوم عل الاردن والامة العربية بكاملها فكيف ينسجم هذا الموقف وهذه الحقائق مع الادعاءات التي نسمعها والتي تشكك بهذا الموقف؟ السيد هيكل كما كان يصر انه من اقرب المقربين للرئيس الراحل عبد الناصر وانه الى جانبه دائما ومستشاره الأول ، اقول في اليوم الثاني من بدء المعركة في يوم 6 ـ 6 عام 67 ارسل عبدالناصر هذه البرقية الى جلالة الملك واذا كان السيد هيكل قريب من عبدالناصر كما يصر من المؤكد انه علم بهذه البرقية ان لم يكن كتبها بنفسه يقول فيها "اخي الملك حسين تلقيت برقيتك وانني لاقدر اننا نواجه لحظة من تلك اللحظات التي تمر فيها الامة في تاريخها والتي تتطلب شجاعة تفوق طاقة البشر ، عندما يكتب التاريخ سوف يذكر التاريخ لك جرأتك وشجاعتك وسوف يذكر للشعب الأردني الباسل انه خاض هذه المعركة فور ان فرضت عليه دون تردد ودون اي اعتبار الا اعتبار الواجب والشرف ، ان العدوان قد فرض علينا وكان علينا مجابهته بكل ما فيه من قوة وما فيه من غدر وتواطؤ ، ان القرار الذي اراه هو ان نختار ثاني الحلول التي تفاهمت عليها مع الفريق عبد المنعم رياض وهي اخلاء الضفة الغربية الليلة على ان نضع في اعتبارنا رأيكم الأول الخاص بتدخل مجلس الامن لايقاف القتال.. ان تاريخ الامم فيه الاخذ والعطاء وفيه التقدم والتراجع فليكن فيما نختاره في هذه اللحظة الحاسمة وان كان اختيارا عصيبا علينا خطوة نستطيع ان نتقدم منها.
وقال لقد كان جلالة الملك الراحل يعتقد ان الهدف الاسرائيلي الاول هو احتلال الضفة الغربية ولم يكن الهدف الاسرائيلي مرتبط بان الاردن وقف مع مصر او سوريا ، فاسرائيل هدفها احتلال الضفة الغربية وعندما قرر الملك حسين أن ينضم الى الموقف المصري والسوري كان بهدف توحيد الجبهة العربية لانها كان يعلم ان الحرب لم تكن على مصر وسوريا بل جميع الجبهات والهدف الرئيسي الضفة الغربية ، وكان مدرك ان الحرب مقبلة وان اسرائيل تحضر لها وكما ذكرت ان تقديراته كانت الحرب بعد السموع نهاية عام 66 وارسل رسالة الى الرئيس عبدالناصر ان الحرب على وشك أن تبدأ ويجب أن نكون مستعدين ، ويشير السيد هيكل الى هذه الرسالة ويقول انه بسبب البيروقراطية لم تصل الرسالة الى عبدالناصر وانه اطلع عليها وكأنه رسائل الملوك يطلع عليها هيكل ولا تصل الى رئيس الدولة.
وبين انه كان واضحا ان اسرائيل تخطط لجميع الجبهات العربية ولكن الهدف الرئيسي هو الضفة الغربية وبالتالي كان الموقف منسجما وكان هدف الملك حسين ان تكون هنالك جبهة عربية واحدة تقاتل للدفاع ليس تدافع عن جبهة واحدة بل على كل الجبهات.
واقول حول مزاعم هيكل بان رئيس هيئة الاركان الاردني طلب من امريكا نقل الطائرات الاردنية الى قبرص رغم وجود اتفاقية دفاع مشترك مع مصر وقال هذه من حكايات السيد هيكل الغريبة ، اولا - وهذه الامور موثقة - كان سلاح الجو الاردني في ذلك الوقت صغير جدا فكان لدينا 21 طائرة هوكر هنتر وهي الطائرات العربية الوحيدة التي غارت على اسرائيل عام 67 ، فعندما ارسلت اسرائيل طائراتها للهجوم على مصر في الضربة الاولى قامت طائرات سلاح الجو الأردني بالغارة على اسرائيل وعادت الطائرات لتتزود بالوقود والعتاد وعندها اسرائيل ادركت خطر حتى سلاح هذا الجو الصغير فشنت هجمات عنيفة على قواعدنا العسكرية ومطاراتنا ودمرت جميع الطائرات الاردنية ففقدنا الـ 21 طائرة "هوكر هنتر" التي كانت عندنا واستشهد الشهيد الطيار فراس العجلوني وفي محاولة اقناع من القاعدة للغارة الثانية على اسرائيل.
السيد هيكل يقول اننا طلبنا ارسال طائراتنا الى قبرص ولا اعلم كيف ستصل الى قبرص ، ونحن في حالة حرب وظهور اي طائرة فوق اسرائيل ستدخل في معركة والطريق الثانية ماذا؟ فوق سوريا ولبنان هل السوريون لا يعلمون ذلك؟ ولماذا لا ترسل الى قبرص وليس الى اي مطار عربي آخر في السعودية أو العراق أو اي مكان آخر؟ هذا الكلام ليس له أساس من الصحة ولا أدري من أين يأتي السيد هيكل بهذه الخيالات التي يعتمد عليها في كثير من قصصه وحكاياته؟؟ وقال بعد الكارثة التي حلت في الـ 67 واحتلال اسرائيل للضفة الغربية بكاملها والقدس وسيناء والجولان ومناطق في جنوب لبنان كانت هناك ضرورة سياسية للاتصال والهدف مرة ثانية نعود للمعيار والمقياس الوحيد لاي اتصال (الهدف والنتيجة) الهدف كان في شقين أولا: رعاية المواطنين الفلسطنيين الاردنيين تحت الاحتلال وكان لا بد من وجود اتصالات لنتمكن من المحافظة على بقاء اهلنا في الضفة الغربية وعلى العناية بهم والسبب الثاني: محاولة اقناع اسرائيل بضرورة الانسحاب من الاراضي العربية المحلتلة جميعها الى حدود 67 مقابل اقامة سلام عادل ودائم وهذه الاتصالات لم تكن محصورة في الاردن وتتم بعلم القادة العرب المعنيين وأحيانا تتم بطلب منهم وبالتالي كانت جزءا من التحرك العربي السياسي ، ونمتلك الوثائق الكثيرة ومحاضر جلسات وحتى لا يعتب علينا السيد هيكل فساستعمل الوثائق المصرية.
فالسيد عبدالمجيد فريد كان أمينا عاما لرئاسة الجمهورية العربية المتحدة منذ عام 1959 وحتى وفاة الرئيس جمال عبدالناصر وكان بحكم منصبه يحضر جميع الاجتماعات ويدون المحاضر وهذه المحاضر التي نشرها السيد عبدالمجيد تثبت ما يتعلق بشأن الاتصالات ، ونحن عندنا محضر اجتماع قمة الخرطوم.
لكن ساتكلم من المحضر المصري لقمة الخرطوم والتي عقدت في 29 ـ 8 ـ م67 وهذا كلام الرئيس المصري جمال عبدالناصر في القمة لا بد أن ندرك جميعا ان هنالك أمرا حيويا وعاجلا وهو استعادة الضفة الغربية والقدس في اقرب وقت ومن أجل تحقيق هذا الهدف العاجل أنا قلت للملك الحسين أمام الوفد الجزائري في القاهرة وأكرره اليوم في هذه القاعة وأمامكم جميعا لأن اي تأخير في استعادة القدس والضفة الغربية سيساعد على تغيير معالمها لتصبح في النهاية جزءا من اسرائيل ، اني أرى ان يذهب الملك حسين كي يتفاهم مع الامريكان ويتفق معهم على استرجاع الضفة الغربية وأنا على استعداد أن اذكر هذا على الملأ لأن امريكا وحدها هي التي تستطيع أن تأمر اسرائيل برفع يدها عن الضفة الغربية.
واشار الرفاعي الى ان علاقة الاردن بالولايات المتحدة بدأت منذ العام 1959 عند زيارة جلالة الملك الراحل الى واشنطن وان العلاقة كانت تقوم على قواعد الاتصال الدولية وتقوم بين دولة دولة واجهزتها المحتلفة وليست علاقة شخصية.
واضاف ان هيكل يعلم ان التسريبات الصحفية الامريكية التي حدثت عام 1977 وتناولت وجود علاقة بين الملك الراحل والسي اي ايه كانت تهدف الى الضغط على الملك الراحل والانتقام منه لعدم قبوله دخل محادثات كامب ديفيد.
واشار الى ان الاردن كان اول دولة تقوم بطرد السفير الامريكي من اراضيها وهو ما حدث عام 1970 عندما نصح السفير الامريكي في عمان مساعد وزير الخارجية الامريكي بعدم زيارة الاردن لانه بحسب ادعاء السفير غير قادر على حمايته وهو ما اعتبره الحسين اهانة لكرامة الاردن فطلب من الحكومة طرد السفير.
وقال الرفاعي ان الاردن لم يكن يبحث عن دور في فلسطين وكان همه الاول اعادة الاراضي المحتلة ليقرر بعدها الشعب الفلسطيني شكل علاقته مع الجوار وطريقة ادارته لبلاده والاسرائيليين كانوا يحاولون دوما الوصول الى تسوية مع الاردن وصلت في احدى المرات الى انهم عرضوا %98 من اراضي الضفة باستثناء القدس مقابل اتفاق سلام مع الاردن الا ان الملك الحسين كان يرفض التنازل عن ايا من حقوق الفلسطينيين.
وقال ان هيكل يتحدث ويروي القصص مما قرأ وسمع وينتقي من ذلك ما يوافق اهواءه وتوجهاته ولكنني ارويها كما شاهدتها وكنت حاضرا على على مواقف الملك الراحل لذي كان يضع مصلحة الاردن وفلسطين فوق كل اعتبار.