خلافا لبقية اعضاء البرلمان الاردني يسعى ثلاثة نواب جدد في لعبة التشريع الاردنية المثيرة دوما الى الجلوس في 'اعتم' زاوية ممكنة ومظلمة بعيدا عن الاثارة والضجيج بسبب الاضواء المبهرة المسلطة عليهم دون واكثر من غيرهم.
النواب الثلاثة هم محمد الظهراوي ومحمد جبرين وعبد الله جبران، وهذا الثلاثي يتميز عن 117 نائبا اخر في البرلمان الاردني بخاصية غير معهودة في السياسة الاردنية، فهم ابناء شرعيون ومسجلون نظاميا في حركة التحرير الفلسطينية فتح.
وحتى اليوم لا احد يعرف كيف تمكن ثلاثة من ابناء الحركة الفلسطينية ونشطائها في الساحة الاردنية من الوصول لقبة البرلمان عبر صندوق الانتخاب الشرعي، او حتى كيف ولماذا تم تمكينهم من ذلك.
ولكل من النواب الثلاثة 'قصة خاصة' في النجاح بالانتخابات لا تنقصها الاثارة وتتخذ طابعا شخصيا او عائليا لكن مجموعهم اصبح ظاهرة مستجدة وغير مسبوقة في البرلمان الاردني، فالجميع يراقبهم والجميع يرغب باستقطابهم وتحولوا فجأة من صفة 'لاجىء' على هامش الحياة السياسية في الاردن الى لاعبين منظمين ومسيسين في اهم حلقات صناعة القرار وهو وضع استثنائي، كما قال الحجوج لاحد النواب المخضرمين.
وقصة نجاح الثلاثي الفتحاوي تبدو مثيرة الى حد ما، فثلاثتهم ورث مقاعد عن مناطق كان يمثلها بالعادة الاخوان المسلمون من حلفاء حركة حماس لكن لكل منهم ظرف مختلف، فممثل مخيم البقعة جبران وهو على الاطلاق 'افقر' اعضاء البرلمان الاردني استفاد من فروقات الاصوات التي تتيحها الدوائر الفرعية فائزا بالمقعد بسبب تناقضات وتعاكسات حيتان المخيم من الاثرياء والمسيسين جدا.
ورغم ان المعارضة الفلسطينية نشطة جدا في المخيم الا ان الموظف البسيط في وزارة الزراعة الاردنية عبد الله جبران حقق الفوز بعد حملة دعائية متواضعة جدا قوامها ابريق شاي دائم في الزقاق وملصقات تبرع بها بعض الاصدقاء في الازقة.
قصة الحجوج تبدو اكثر اثارة، فالرجل عاد قبل اسابيع فقط من رام الله خاسرا لمعركته الانتخابية على هامش انتخابات المؤتمر الحركي السادس الاخير وخاض غمار التجربة بعمان فحقق الفوز.
ومن الواضح اجتماعيا وعشائريا ان الحجوج رئيس نادي العودة في مخيمات الزرقاء فاز لسبب واحد فقط، ففي منطقة الزرقاء حيث يسكن كان اقاربه الذين يمثلون عشيرة عملاقة تعود في جذورها لقرى 'الدوايمة' في فلسطين المحتلة عام 48 ينتخبون بالعادة ودوما احد ممثلي قبيلة بني حسن الاردنية المعروفة بصلاتها الجيدة مع الفلسطينيين، وهؤلاء شعروا بأنهم يستطيعون انتخاب احدهم لتمثيلهم وهو ما حصل فاستفاد الحجوج.
ويبقى الظهراوي وهو الاكثر ميلا للصمت الذي لا احد يعرف كيف ومتى اعتلى مقعد التمثيل عن منطقة الرصيفة شرقي العاصمة عمان وهو مقعد كان حكرا بالعادة على رموز الاخوان المسلمين.
المهم في الموضوع ان ثلاثي فتح في البرلمان الاردني بدأ يميل للكمون والترقب، فهو يشكل ظاهرة سياسية تحصل لاول مرة في تاريخ البرلمان الاردني وبنفس الوقت اتفق الثلاثي على تجنب لفت الانظار واثارة الاضواء في موقف ممكن ومحتمل بسقف زمني لا يزيد عن ستة اشهر فقط، فحتى لو قرر ثلاثي فتح الصمت لن يتركهم الاخرون بحالة السكون.. هذا انطباع نائب مخضرم من طراز بسام حدادين.
بسام البدارين ـ 'القدس العربي'