مواطنون يقعون فريسة الاحتيال يبحثون عمن يعيد لهم حقوقهم
ضحايا: تعرضنا للنصب و"المكسب الخفيف" غاية المكاتب
صحف إعلانية في دائرة الاتهام: لا نملك التأكد من غاية المعلن
فتيات: أجواء مشبوهة ومقابلات لا تخلو من «قلة أدب»
كتب/ أيمن توبة
مكاتب توظيف وشركات وهمية تدعي حاجتها لموظفين وتنشر إعلاناتها على صفحات الجرائد الإعلانية مستغلة حاجة الشاب للعمل، طالبة من كل متقدم مبلغا يتراوح بين (15-50) دينارا ثمنا لطلب التوظيف المحلي، ومئات الدنانير للتوظيف خارج الاردن. أحلام الحصول على وظيفة غالبا ما تنتهي بالنصب والاحتيال، فبحسب مواطنين التقتهم «المواجهة» وتم التغرير بهم من قبل هذه المكاتب، فانه لا توجد رقابة على هذه المكاتب، إلا أنه لا يزال العديد من المكاتب مستمرا بالاحتيال على الناس. «المواجهة» التقت مجموعة من المواطنين الذين قالوا انهم تعرضوا للنصب والاحتيال من قبل هذه المكاتب ورصدت تجاوزات لم تقف عند حد الاحتيال المادي، ما يجعلنا نضع علامة استفهام كبيرة، كبر عدد هذه المكاتب وضحاياها، وبحجم الاستهتار بحقوق المواطنين دون رقيب أو حسيب، رغم كثرة الشواهد وتعدد الاتهامات:.
ليس للتوظيف
أحد المتقدمين لهذه المكاتب (ويدعى أ.ع.م وعمره 30 عاما) روى تجربته بقوله «أخبرني ابن عمي أن هناك شركة بحاجة لمحاسب وذهبت معه وأحضرنا صورة عن الهوية وصورا شخصية، وقدمنا الطلب ودفعنا مبلغ 20 دينارا، وأخبرتنا الموظفة أنهم بعد يومين سيتصلون بنا». وتابع «وبعد فترة أخبرني ابن عمي أن المكتب لم يكن للتوظيف لأنه ذهب للمراجعة للتأكد إذا حصل على عمل فوجد شخصا آخر أخبره أن المكتب كان مستأجرا من قبل احدهم، ولا يوجد مكتب توظيف وانه هو صاحب المحل».
مجرد استغلال
تجربة أخرى للشاب (س.م 26 عاما) يقول فيها «ذهبت إلى أحد المكاتب ودفعت ثمن الطلب 30 دينارا، وقالت الموظفة (بعد توظيفك نأخذ من راتبك الأول 25% وعندما يكون هناك شواغر نرسل طلبك)»، حيث استغرب قائلا «لماذا وضعتم إعلانا يقول (بحاجة إلى محاسب) وبالأصل لا يوجد شواغر، أم أن الأمر مجرد استغلال؟». ويقول انه عندما طالب الموظفة بإعادة ما دفع لأنه لا يريد التوظف عن طريقهم رفضت بحجة أن الطلب أرسل إلى المدير ولا تستطيع إعادته، على الرغم من أن الأمر يعنيه «من باب المبدأ وعدم الشعور بالغباء وقبول استغلاله من أحد وليس من أجل المال فحسب» وفقا لتعبيره.
لا شاغر حاليا
وكان الشاب (ر.ح. ن 28 عاما) أكثر حرصا، حيث قال «توظف أخي عن طريق أحد هذه المكاتب منذ حوالي سنتين، وقد ذهبت بدوري الى مكتب، وطلبت الموظفة مني مبلغ 50 دينارا ثمن الطلب وقالت ان المكتب يأخذ الراتب الأول عند التوظيف، فرفضت أن أدفع لأن أخي عندما توظف أخذوا 20% بعد توظيفه ولم يأخذوا قبل ذلك ثمن طلب، ثم انهم لا توجد لديهم وظيفة حاليا».
«قلة أدب»
بعض مكاتب التوظيف تجاوزت النصب المادي الى قضايا تحرش، حيث تقول طالبة في كلية الاقتصاد (م. ر 21 عاما) «قرأت إعلانا يقول (بحاجة إلى موظفة في شركة طبية) وأخبرتني السكرتيرة أنه مكتب توظيف، وذهبت وإذ بفتاة تخرج من المكتب وهي تقول (شو قلة الأدب بدك موظفين ولا رقاصين) وعندما سمعت ذلك خرجت ولم أعد أثق بأي إعلان».
ضليل الفتيات
أما (ع.هـ 22 عاما) -طالبة معهد- فشرحت حكايتها متألمة بقولها «ذهبت للمقابلة بعد أن قرأت إعلانا في احدى الصحف الاسبوعية المتخصصة بالاعلانات عن حاجتهم لمحاسبة لشركة... بدا المكتب أشبه بالمنزل، ألوان حمراء وبيضاء خافتة، وبينما كنت جالسة دخلت فتاة وبقيت منتظرة وبعد أن خرجت دخلت وتحدث معي المدير بتعبير مزعج (...) وقلت له (أنا في مقابلة عمل أم ماذا؟)، وخرجت باكية لإحساسي بالخوف والظلم». ولفتت «لو كانت فتاة غيري ضعيفة الشخصية لكان استطاع إقناعها بأمور خارجة على الأدب بحجة أنه يريد موظفة، ولا سيما أن اغلب الفتيات بعمري بحاجة للعمل وليس لديهن خبرة بالحياة ليستطعن الوقوف بوجه شخص كهذا». وأوصت كل فتاة بأن تتأكد أن الجهة المعلنة هي شركة أو مكتب أو عيادة طبيب وليست منزلا وضع فيه مكتب لتضليل الفتاة».
مكسب خفيف نظيف
اما (س. ز. ي 33 عاما) فقال «كنت في زيارة الى مكتب لأحد أصدقائي، وبالصدفة رأيت طابورا في البناية فسألت صديقي عن هذا الطابور فاجابني انه مكتب لتقديم طلب توظيف». وتابع متألما لما وصفه بعدم وعي الناس «وعندما سألت احدهم كيف علمت بهذا المكتب قال قرأت إعلانا بأنهم بحاجة إلى مندوبين واتصلت فطلب مني المجيء وإحضار صور شخصية ومبلغ 20 دينارا». ويضيف «بحسبة بسيطة فإن صاحب المكتب يحصل على ستمائة دينار إذا جاءه في اليوم عشرون شخصا، ولذلك يعمد الى وضع اعلانات اكثر في هذه الصحف، وهذا أسلوب خفيف نظيف لجني المال».
«مكاتب للنصب»
وأوضح (ح. ن 35 عاما) أن الأمر لا يقتصر على مكاتب التوظيف داخل البلد، بل أيضا على التوظيف خارجه، لافتا الى ان هذه المكاتب كانت منذ زمن تطلب 35 دينارا ثمن المعاملات، ثم اضطرت لتخفيض ما تتقاضاه اليوم إلى 20 دينارا في محاولة لكسب ثقة الناس بعد أن ذاع صيتها بأنها «مكاتب للنصب» وفق وصفه.
عقود وهمية
وفي تجربة أخرى مع مكاتب التوظيف في الخارج قال طبيب الأسنان (ط.م) لـ»المواجهة» «قدمت أوراقي ووقعت على العقد على أن يكون السكن في مبنى محترم وأن لدي كفيلا هناك، وعندما سافرت لم يكن أي من بنود العقد حقيقيا». وتابع «عدت إلى بلدي واتصلت بأخي لأنه محام وذهبت إلى المكتب الذي وقعت العقد معه وطالبته بالمبلغ الذي دفعته وهددته بأني سأرفع دعوى عليه ولدي نسخة من العقد المزيف، وفعلا أعاد لي المبلغ». وطالب الدكتور بأن «يقدم المعلن وثائق تثبت تعامله مع الشركة التي بالخارج، وأن يكون الشخص على اتصال مع الشركة المعلنة لا عن طريق مكتب».
مكتب توظيف: هناك أشخاص بضمير ميت
من جهته قال مدير أحد مكاتب التوظيف (خالد. ح) «لدينا عقود عمل مع الشركات الضخمة لتأمين موظفين وفقا لحاجتهم ونأخذ عمولة 30% من أول راتب». وأوضح «في حال جاء شخص يريد العمل إذا لم يكن هناك شاغر نخبره بعدم توافره حاليا ولا نأخذ طلب توظيف إلا عند توافره، وكنا نأخذ ثمن طلب 20 دينارا من أجل تكاليف الخدمات (أجور إعلانات وموظفين ومندوبين) أما الآن فنكتفي بالعمولة عند التوظيف». وبحسب المدير فانه «كل أسبوع هناك 30-50 وظيفة و50% يتم توظيفهم لأن ليس كل المتقدمين يوافقون على العمل لسبب ما كالوقت أو الراتب». وعن الوثائق التي تطلبها الجريدة منه كي تنشر إعلانه قال «أنا وكيل إعلاني لأكثر من جريدة ولدى الجريدة بيان باسمي، حيث أحصل على حسم لقاء الإعلانات التي أنشرها». وعن احتيال بعض الأشخاص قال «كل شخص يخشى على سمعته ولست مضطرا أن أشوهها من أجل 20 او 30 دينارا، ولا أريد أن أستغل الشباب فقد يكون أحدهم لا يملك سوى 20 دينارا في جيبه، الله أعلم بحالته، ولذلك فقط عند توافر العمل أعلن عن الحاجة إلى موظفين». وكشف أن «هناك بعض الأشخاص أصحاب الضمير الميت وأعرف أحدهم يقوم بوضع حوالي 20-40 إعلانا على الرغم من عدم حاجته إلى موظفين ويأتيه شباب بالآلاف ويأخذ ثمن طلب 20- 40 دينارا، وحتى يحفظ ماء وجه في حال اشتكى أحدهم يقنعه ويؤكد له أنه وضع إعلانا بصيغة شاب بحاجة إلى عمل، وهو وكيل إعلاني لإحدى الجرائد».
ضوابط إعلانية
وأشار عدد من المواطنين الى ان وجود هذه الصحف الاعلانية وسعر الإعلان القليل فيه يشجع بعض الأشخاص على وضع إعلانات بحجة أنهم بحاجة لموظفين، مستغلين حاجتهم للعمل سواء كان الاستغلال ماديا أو معنويا، داعين الى وضع ضوابط إعلانية ملزمة من شأنها ردع من يستغل الغعلان لأغراض مشبوهة.
صحيفة إعلانية: لا ضوابط سوى أخلاقنا
بدوره أوضح مدير جريدة اسبوعية متخصصة في الاعلانات ان «الإعلان يجب أن يكون ضمن حدود الأدب». وأضاف «أنا لا استطيع أن أعرف ان واضع الإعلان غايته النصب أو لاأخلاقية، وليس من مسؤوليتنا التدخل بالناس، فسياستنا تعني حماية المستهلك وفق الإمكانات». وأكد «لدينا بيان عن كل معلن، رقمه ورقم الهوية، ويوقع أنه في حال قدم معلومات خاطئة فانه مسؤول عنها». وأوضح «لدينا قسم تدقيق للتأكد من الإعلان والشهادة والأصول مؤلف من خمسة أشخاص وندرس العبارات التي يضعها المعلن فان ورد في الاعلان مثلا (بحاجة إلى شابة لخدمة معاق أو شخص) فنحن نرفضه لان صيغته مشبوهة، ونأخذ من المعلن معلومات محددة (سكرتيرة تجيد الكمبيوتر...)». وعن مراقبة الإعلانات المبوبة أجاب «هي عبارة عن مركز خدمة يضبط من صيغة الكلام ولا نستطيع أن نعلم صدقه فهناك اكثر من 1000 اعلان مبوب، وفق الإمكانية وضمن الأصول، وخلال يوم ونصف يقرأ المدقق هذا الكم الهائل من الإعلانات، ومن المستحيل أن نتأكد من كل إعلان فلا ضوابط سوى أخلاقنا». وأعطى مثالا عن المراقبة بقوله «نحن لا ننشر إعلانا دون الحصول على وثائق تثبت صحة المنتج، مثلا منذ فترة أراد أحدهم أن نضع له إعلانا لشركة فطلبنا شهادة الوكيل الحصري، واكتشفنا أن البضاعة صينية والمصدر الحقيقي ليس ألمانيا كما تقول صيغة الإعلان، فرفضنا الإعلان لأنه مضلل للمستهلك وأوقفنا حملة إعلانية بقيمة 100 ألف دينار».