أصدر حزب التيار الوطني الأحد بيانا شرح فيه الحيثيات والمعطيات التي دفعت كتلة الحزب في مجلس النواب إلى منح حكومة سمير الرفاعي الثقة.
وقال الحزب أن رد الحكومة على مناقشات الثقة النيابية تضمن استجابات ومقاربات واضحة لما طرحه (التيار الوطني) في الكلمة التي ناقشت الثقة بالحكومة وقدمت خلالها برنامجا للعديد من القضايا وتصورات حيال الكثير من المشاكل واقترحات حلولا لها.
وأكد الحزب في بيانه على صبغته البرامجية التي يعبرها الأساس في بناء المواقف من الحكومة، تأييدا ومعارضة.
مشيرا إلى أن منح الحكومة الثقة جاء على سبيل التسليف المرتبط بتحقيق إنجازات يمكن للكتلة استردادها إن حادت الحكومة عن جادة الصواب. وعرض البيان لسلسلة من نقاط التوافق التي وردت في رد الحكومة مع برنامج الحزب والتي قال أنها استوجبت منح الثقة بوصف ذلك نوع من الفعل السياسي والديمقراطي الحقيقي والمنطقي.
تاليا نص البيان: بيان صادر عن حزب التيار الوطني قرأ حزب التيار الوطني وتابع باهتمام شديد ردود الفعل التي أنتجها منح كتلة الحزب الثقة لحكومة السيد سمير الرفاعي وحرص على أن يدقق في مضامين وغايات هذه الردود بكل موضوعية..
والحزب وهو يقدر غضب البعض وعتب الآخر فإنه يود ومن باب احترامه وتقديره لكل الآراء ووجهات النظر وصدق بواعثها الوطنية أن يوضح الحقائق التالية: إن حزب التيار الوطني حزب برامجي يبني موقفه من أي حكومة، بما فيها الحكومة الحالية، على أساس البرنامج بغض النظر عن شخص رئيس الوزراء وفريقه، لأن الأساس الذي تحاكم عليه الحكومات، بفهمنا، هو مدى تنفيذها لبرنامجها، والأمر عندما مقرون بمدى تمسكها به، فإن هي التزمت وحققت إنجازات معتبرة ساندناها وإن تراجعت عنه وقصرت حاسبناها.
وحزب التيار الوطني، لطالما شدد في غير مناسبة أن علاقته بالحكومة، تأييدا ومعارضة، مرتبط بمدى قرب وبعد هذه الحكومة عن برنامج الحزب وجملة المبادىء الذي أسس عليها (التيار الوطني)، وأن كتلة الحزب النيابية تسير وتهتدي، تشريعيا ورقابيا، بهذا المنهج الذي يحدد مساراته البرنامج، ولا شيء سواه. ونؤكد هنا أن الثقة التي منحتها كتلة الحزب للحكومة لا تعدو كونها تسليفا للثقة تستطيع الكتلة استردادها في أي وقت تشعر فيه أن الحكومة حادت عن جادة الصواب أو انقلبت على برنامجها خصوصا في الجوانب التي توافقت مع برنامج الحزب الذي خاض على أساس انتخابات مجلس النواب السادس عشر.
ولقد كانت كتلة الحزب أكثر من واضحة عند مناقشتها الثقة بالحكومة وهي تشير إلى أن منحها الثقة يرتبط بما سيتضمنه رد الحكومة "من استجابات ومقاربات مع برنامج الحزب"، فنحن لا نتوهم في حزب التيار الوطني من أن أي حكومة في الدنيا لا يمكنها ان تحمل برنامج فريق نيابي بأكمله وتلتزم بتنفيذه مديرة ظهرها لوجهات نظر الآخرين، خصوصا وإنها ليست حكومة أغلبية برلمانية فالمنطق الذي اتبعناه في مناقشة الحكومة ومفاوضتها أن تلتزم بأخذ أكبر قدر من القضايا التي طرحت في البرنامج ولخصت في كلمة الكتلة، وهو ما تحقق برأينا وما بات بعده التصويت بحجب الثقة عن الحكومة ضربا من العبث السياسي يجانب السلوك الديموقراطي القويم. إذ أن بمقدور الجميع أن يراجعوا برنامج كتلة التيار الوطني في مناقشة الثقة ويدققوا في رد الحكومة على مناقشات النواب عندها سيكون من السهل إطلاق الأحكام واتخاذ المواقف السليمة بعيدا عن تمنيات البعض ومواقفهم المسبقة والجامدة التي بعضها ينطلق من موقف شخصي أو سياسي لا يقبل الجدل والحوار والر أي الآخر. وحال تحققت المراجعة التي نرغب فإن الإعلاميين والحزبيين والسياسيين والرأي العام سيعيدون تقييم موقفهم من منح كتلة التيار الوطني الثقة للحكومة بما يفضي إلى فهم أسباب هذا المنح والمنطق الذي حكم قرار الكتلة ومن خلفها الحزب.
وهنا نشير إلى بعض الاستجابات والمقاربات التي تضمنها رد الحكومة على ما طرحته كتلة الحزب واستوجب منحها الثقة: أولا: في موضوع التعليم.. أن برنامج حزب التيار الوطني تضمن طلبا واضحا بمراجعة امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) بما ينتهي إلى إلغائه ومراجعة مضمون التعليم وآلياته، بكل مستوياته للارتقاء به عبر الانتقال من التعليم التلقيني إلى تشجيع الإبداع والبحث العلمي وتنمية المهارات.. ودعم الطلاب غير المقتدرين وتطوير مهارات المعلمين. وكان رد الحكومة على ذلك أنها أكدت "إجراء مراجعة دقيقة لامتحان الثانوية العامة.. تعرض نتائجها على ذوي العلاقة وتأخذ مداها في الحوار تمهيدا للوصول إلى صيغة جديدة".. وقالت أيضا " بمراجعة سياسات التعليم العالي وطبيعة مخرجاته وتوجيهه حسب متطلبات سوق العمل".. وكذلك تحدثت صراحة عن "تطوير آليات دعم الطالب الجامعي لتمكينه من مواجهة الظروف المالية بقروض من دون فوائد أو ضمانات".. وقدمت الحكومة في ردها جملة من المحفزات للمعلمين من تحسين أوضاعهم المعيشية وإنشاء مركز لتطوير مهاراتهم".
ثانيا: في مجال البلديات.. طالبت كتلة التيار الوطني بمراجعة قرار دمج البلديات وإعادة النظر في قانون البلديات.. وشددت على أهمية اللامركزية والمجالس المحلية ودورها في التنمية السياسية والمشاركة في صنع القرار.. وجاء رد الحكومة بأن أكدت "ضرورة إعادة دراسة عملية دمج البلديات".. والتزامها بـ"إعداد مشروع قانون معدل لقانون البلديات" وكذلك "إرسال مشروع قانون اللامركزية إلى مجلس النواب".. وأيضا تأكيدها التشاور مع مجلس النواب في شأن أسس موحدة لانتخاب المجالس المحلية". ثالثا: في الشأن الصحي.. طالبت الكتلة من بين ما طالبت به تحقيق الاكتفاء الصحي في الأقاليم والمحافظات ورفع سوية الخدمات الصحية فيها. وقد ردت الحكومة بإعلانها "إعداد دراسة دقيقة وشاملة لتحديد الاحتياجات الحقيقية لعدد المستشفيات والأسرة والمركز والكوادر الصحية في المحافظات.. وبما يمكننا (الحكومة) من توفير الخدمات الصحية على أساس النوعية والجودة..".
رابعا: في المجال الزراعي.. دعت كتلة التيار الوطني إلى توسيع رقعة الزراعة وتفويض الأراضي الزراعية بشروط، وإعادة النظر بما يسمى "النمط الزراعي" وإبداع نمط جديد ينوع الزراعة ووضع استراتيجية تسويقية متطورة للخارج وزيادة مشاريع الحصاد المائي. وبهذا الصدد أكد رد الحكومة "تنفيذ عدد من البرامج الهادفة إلى توسيع التنوع الزراعي (النمط الزراعي) وتعزيز القدرات التسويقية لمحاصيل مختارة ذات قيمة تصديرية عالية.. وتوفير تمويل لصندوق دعم الثروة الحيوانية.. واستغلال واستصلاح الأراضي الهادفة إلى تحسين مستوى دخل صغار المزارعين وتطوير نظم الزراعة والحيازات".
خامسا: وحول غلاء الأسعار وتوسع الاحتكار والفقر والبطالة والطبقة الوسطى .. انتقدت كتلة التيار الوطني غياب استراتيجية لضبطهما ودعت إلى مراعاة البعد الاجتماعي في العمل الاقتصادي والعدالة في توزيع مكتسبات التنمية.. وضرورة إعادة بناء الطبقة الوسطى بوصفها عاملا حيويا في استقرار المجتمع ومقارنة ما حققه المستثمرون من مكاسب بما تحقق للوطن. وهنا أكد رد الحكومة عزمها "تفعيل آليات المنافسة العادلة لخلق حالة توازن في الأسعار وأنها ستعدل قانون المنافسة بما يضمن وضع حد للمغالاة في الأسعار, وتعديل قانون الصناعة والتجارة بما يكفل تعزيز الرقابة على الأسواق, وتشديد العقوبات على المخالفين, بالإضافة إلى تقديم مشروع قانون لحماية المستهلك لمعالجة العديد من الاختلالات التي نجمت عن تحرير التجارة".. وحيال الدور المطلوب من الشركات في تنمية المجتمعات المحلية أكدت الحكومة أنه "ستعمل من خلال ممثلي الحكومة في مجالس الإدارة على تحفيز وزيادة دور هذه الشركات في التنمية. وعزمها اتخاذ خطوات جدية ومدروسة وملموسة في دعم الطبقة الوسطى وعدم فرض ضرائب جديدة ورفع الحد الأدنى للأجور.. وتأكيدها عدم اتخاذ أي قرارات اقتصادية من دون الرجوع إلى مجلس النواب. وهناك خلل في توزيع مكتسبات التنمية بين المناطق, وحاجة لإعادة ترتيب الأولويات. واعترافها أن هناك خللا في توزيع مكتسبات التنمية بين المناطق, وحاجة لإعادة ترتيب الأولويات.
سادسا: طالبت كتلة الحزب النيابية بسيادة القانون وتعزيز استقلال القضاء وتطويره بما يضمن سرعة البت في القضايا.. وهنا أكدت الحكومة في ردها "التزامها بالتوجيهات السامية بعمل كل ما باستطاعتها لدعم السلطة القضائية, وتوفير ما تحتاجه من إمكانيات, لتطوير قدراتها, ولتسريع إجراءات التقاضي. سابعا: طالبت كتلة حزب التيار الوطني بتعزيز دور الإعلام الوطني وتمكين الأحزاب ودعمها وتعديل قانون الانتخاب الذي هو الآن ملك مجلس النواب.. وتأكيد أهمية الإصلاح السياسي في البناء الوطني. وحمل الرد الحكومي تأكيدا أن الإصلاح السياسي هو تكليف واضح من جلالة الملك, الذي أكد أن الإصلاح السياسي والتقدم في مسيرتنا الديمقراطية ضرورة حتمية وشرط أساسي لبناء مستقبل الأردن, وكان جلالته أول من انتقد بطء وتيرة الإصلاح, وحذر من الثمن الذي يدفعه الوطن نتيجة ذلك.
وقالت الحكومة أن "قانون الانتخاب, الذي يشكل ركيزة أساسية من ركائز الإصلاح السياسي, هو الآن ملك مجلس النواب (وهو كذلك وسيكون لنا دور مهم في تعديله) كما أكدت الحكومة التزامها بتشجيع العمل الحزبي الملتزم بالدستور وثوابت الوطن, وأنها (الحكومة) منفتحة على التفاعل مع جميع الآراء حول سبل تطوير قانون الأحزاب وجميع القوانين المتعلقة بالحريات العامة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة, وحول كل ما يمكن اتخاذه من خطوات لإيجاد البيئة الكفيلة بتفعيل دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني". ثامنا: أكد حزب التيار الوطني في خطابه على رفضه المطلق للوطن البديل والخيار الأردني.. وطالب الحكومة بمواقف سياسية حازمة مع إسرائيل وتحميلها والإدارة الأميركية مسؤولية تلاشي فرص السلام. وهنا أكدت الحكومة على موقف ثابت وهو ألا قوة في الأرض قادرة على فرض أي حل للصراع على حساب مصالحنا وهويتنا.
نلفت هنا إلى أننا في مقدمة خطاب الكتلة بالثقة أشرنا إلى ضرورة وجود مواقيت وإجراءات واضحة وأن الحكومة ختمت ردها على المناقشات بالقول أنها "ستوفر الخطط والبرامج الحكومية التي سنرسلها إلى مجلسكم الكريم إجابات على ما لم يسمح الوقت بالتفاعل معها هنا..". إن ما ذكرناه من بعض الاستجابات والمقاربات التي يمكن بيسر وسهولة تلمسها بين برنامج الحزب وكتلته وبرنامج الحكومة كانت مدعاة لمنحها الثقة.. ثقة مسلّفة للحكومة، استمرارها رهن بالتزامها وتنفيذها لهذه الاستجابات والمقاربات.. مؤمنين أن العمل السياسي والحزبي الحقيقي هو الذي يسعى في تحقيق منجزات وطنية ويجد لبرامجه مساحة في العمل العام وأذنا صاغية تأخذ منه ما يمكن أخذه..