صادق علماء وأكاديميون شرعيون على بيان يطالب بإغلاق المراقص و النوادي الليلية في الأردن، ومنع شركات الدعاية والإعلان التي تعمل على تسويق المنتجات بطريقة منافية للأخلاق والدين، مطالبين بإيقاع العقوبة بالمخالفين من خلال سن تشريعات ، للحدّ من السلوكيات المنافية للشرع والمخلة بالآداب العامة.
كما وطالب البيان بتفعيل رسالة المحاضن التربوية، كالمسجد والمدرسة والأسرة من خلال خطط ومشاريع تسعى إلى تعزيز البناء التربوي والتحصين الأخلاقي.
وحذّر البيان الذي حمل مصادقة أكثر من مائة عالم وأكاديمي شرعي، مما وصفه بـ " دعوات صريحة للتحلل والإباحية والعريّ، وإفساد للقيم المجتمعية الصالحة التي يتحلى بها شعبنا المبارك"، مضيفاً أنّ تلك الدعوات والمظاهر "بدأت تفتك بقوام مجتمعنا، حيث شهدنا مظاهر الانحلال والفساد الأخلاقي والتردي في بعض السلوكيات غير المقبولة، بما يؤثر على بنية مجتمعنا الأردني، ويُجرّده من هويته الإسلامية والوطنية، ويعمل فيه عمل الداء في الجسد".
وبط العلماء بين انتشار الفقر وتدني الدخول، وارتفاع نسبة البطالة والجريمة، وانحباس المطر، وغلاء المعيشة، والكساد الاقتصادي، والعراك والمشاجرات الجماعية في مناطق المملكة المختلفة، وحصد الأرواح بالأوبئة العامة وحوادث السير وبين غياب التشريع الإسلامي عن واقع الحياة، و"استيراد قوانين وأنظمة لا يرضى الله عنها ولا رسوله ولا صالح المؤمنين، بالإضافة إلى ضعف الدين في النفوس، وغياب الوعي الإيماني وتردي السلوكيات والأخلاقيات العامة".
وأشار البيان إلى أن الربط بين هذه الأسباب والنتائج محل إجماع بين العلماء، مستدلين بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وفيما يلي نص البيان:
بيان من علماء الأردن للمطالبة بإغلاق النوادي والمراقص الليلية
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، واقتفى أثره إلى يوم أن نلقاه، وبعد:
فإن الحقّ جلّ في علاه، خلق الخلق وحملهم الأمانة، فقال في ذكره الحكيم: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا){الأحزاب:72}، و أمر أمة الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل خيرية هذه الأمة لارتباطها الوثيق بما عُرف عنها من تطبيق لهذه الوظيفة، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه) {آل عمران:110}.
وإننا اليوم في أردننا الغالي، أردن الحشد والرباط، نشهد دعوات صريحة للتحلل والإباحية والعريّ، وإفساد للقيم المجتمعية الصالحة التي يتحلى بها شعبنا المبارك، ولم يعد خافياً على أحد، أن دعوات التغريب تلك، والتي كنا قد حذّرنا منها مسبقاً، بدأت تفتك بقوام مجتمعنا، حيث شهدنا مظاهر الانحلال والفساد الأخلاقي والتردي في بعض السلوكيات غير المقبولة، بما يؤثر على بنية مجتمعنا الأردني، ويُجرّده من هويته الإسلامية والوطنية، ويعمل فيه عمل الداء في الجسد.
إنّ مشهد الوضع المحلي الأردني العام الذي نعيشه، حيث انتشار الفقر وتدني الدخول وارتفاع نسبة البطالة والجريمة، وانحباس المطر، وغلاء المعيشة، والكساد الاقتصادي، والعراك والمشاجرات الجماعية في مناطق المملكة المختلفة، وحصد الأرواح بالأوبئة العامة وحوادث السير، كل ذلك وغيره مما يظهر للعيان، إنما هو نتيجة لغياب التشريع الإسلامي عن واقع الحياة، واستيراد قوانين وأنظمة لا يرضى الله عنها ولا رسوله ولا صالح المؤمنين، بالإضافة إلى ضعف الدين في النفوس، وغياب الوعي الإيماني وتردي السلوكيات والأخلاقيات العامة.
ألا وإن الربط بين هذه المظاهر والأسباب المذكورة أعلاه، محلُّ اتفاق بين العلماء، لما أثبتته الشواهد الكثيرة في القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة، و حتى مما تعارف عليه الناس بالتجربة وعاينوه وخبروه بالحسِّ والمشاهدة.
فمن القرآن الكريم، نقرأ قول الله تعالى: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) {الأنفال:25}. ومن السنة النبوية المطهرة، روى الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".
وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرين من المحظورات ورتّب عليها العقوبات، فعن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن - : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلّط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم".
وقد أجمع علماء الأمة على الربط بين هذه الأسباب والنتائج، حتى قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "إن الله تبارك وتعالى لا يعذّب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً، استحقوا العقوبة كلهم ".
لكلّ ما تقدّم ذكره، وللقيام بدورنا في المجتمع، فإننا نبرأ إلى الله من كل مظاهر الانحلال الأخلاقي، والدعوات المشبوهة، وندعو إلى حظر كافة المظاهر المخالفة للشرع الإسلامي الحنيف، ومنع كل ما هو مخلٌّ بالآداب العامة، وما هو منافٍ للأخلاق ونازعٍ للحياء، لأنّ ذلك يُغضب الله ويسخطه على مرتكبيها والساكتين عليها، وحتى لا نكون من الساكتين فإننا واستناداً لكتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، نطالب باتخاذ الإجراءات الآتية:
· إغلاق دور الملاهي والمراقص الليلية والتي تعمل تحت ستار ما يُسمى "تنشيط السياحة"!.
· منع شركات الدعاية والإعلان -خصوصاً الأجنبية منها- التي تعمل على تسويق المنتجات بطريقة منافية للأخلاق والدين.
· تتبع ورصد شبكات الفساد الأخلاقي والانحلال ودور البغاء وبائعات الهوى العاملات في الطرق العامة.
· تفعيل رسالة المحاضن التربوية، كالمسجد والمدرسة والأسرة من خلال الخطط والمشاريع التي تسعى إلى تعزيز البناء التربوي والتحصين الأخلاقي.
· إيقاع العقوبة بالمخالفين من خلال سن التشريعات والقوانين الناظمة لما ذُكر آنفاً، للحدّ من السلوكيات المنافية للشرع والمخلة بالآداب العامة.
هذا ونرجو من العليّ القدير أن يوفّقنا في حمل رسالته، ونصرة دعوته، وأداء مهمته، وأن يحفظ الأردن وأهله من كل شرّ وبلية، وأن يجيرنا من الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يسبغ علينا نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
ألا إنّا قد بلّغنا، اللهم فاشهد، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.