عندما تجد اناسا لا يتمتعون بادنى الحقوق الانسانية، ويعيشون اوضاعا غاية في السوء، ويحشرون في غرف رطبة متآكلة، لا تمت الى العصر الحديث بصلة كأنها قبور مع الفارق ان سكانها احياء، يتنفسون هواء ملوثا، ويشربون مياها غير نقية، وينبعث من مكان اقامتهم روائح نتنة، وعفونة لا يحتملها انسان عادي هؤاء هم عمال المناطق الصناعية المؤهلة المعزولون عن المجتمع المحلي وغير المسموح لهم بالاحتكاك بالاخرين كأنهم وباء يجب الابتعاد عنه والحذر منه. وفيما يتعلق بظروف العمل داخل المصانع فلا يوجد فيها تدفئة او تكييف او شفاطات غبار وقد يجتمع حوالي «٥٨٠» عاملا دفعة واحدة تحت سقف واحد، والاغرب لا يوجد اي نوع من انواع السلامة العامة مثل «الكمامات، قفازات، خوذ لحماية الرأس، طفايات حريق، شفاطات للغبار المنبعث من الاقمشة، وهي ذرات من القماش ذات خطورة كبيرة على الجهاز التنفسي والدورة الدموية. هؤاء «الاوادم» لا احد يسمع استغاثتهم، او صرخاتهم الموجوعة، وقد قال احدهم انهم يعملون «١٤» ساعة متواصلة يوميا يأخذون نصف ساعة فقط للغذاء. وفيما يلي بعض اللقطات السريعة للعاملين: * «امان» عندما غادرت بلدها الاسيوي البعيد قبل سنة لم يتفق معها احد على شيء.. اثناء توقيع عقد.. ليس بلغتها الام التي لا تعرف غيرها. * «ورفيق الدين» ذو الـ ١٥ ربيعا لم يكن يعلم ان عمالة الاطفال ممنوعة هنا. * «شيكار» لم يكن لديه ادنى قكرة عن انه سيكون في يوم من الايام مجرد رقم من ارقام الالوف المؤلفة للعمالة الوافدة هنا. * «الطاف» التي تعاني من الربو منذ ان كانت رضيعة.. لم تجد من يفهم معاناتها ويتفاوض مع صاحب المصنع او مراقب العمال. ليصرف لها كمامة تسجل عهدة عليها حتى ترتحل اوترحل. * «منة الله» كانت تعلم انها قادمة للعمل في مجال الغزل والنسيج «بخيط وابرة» لكنها لم تتوقع انها ستعمل على آلة خياطة واحدة دفعة واحدة وقوفا طوال النهار. * «سيدا» كانت تحلم بمسكن نظيف ومرتب كما كانت تراه في الافلام الغربية تأوي اليه مساء فيذهب التعب ويحل محله الراحة النفسية. * «اسد» باع كل ما لديه من ابقار ونصف بيت كان ملكا له ليدفع مبلغا كبيرا الى مكتب التشغيل في بلده ليسافر الى هنا واهما بانه سيقدر على استعادة ابقاره ونصف المنزل قبل مرور العام. * «سانتي» وما زالت تتوجه الى السيدة العذراء مريم بصلاة تتلوها كل ليلة قبل ان تنام على سريرها الحديدي في سكنها المظلم تنظر الى صورة ضمتها هي وامها في بلادها هناك وتنام رغما عنها. * «كوماري» عندما سألها احدهم ما الذي هي بحاجة اليه.. قالت وجبة نظيفة في مكان نظيف بعيدا عن رائحة السكن روائح المصنع.