صحيفة العرّاب

"حماية المستهلك وتشجيع الاستثمار" يترنحان بين الصناعة وديوان التشريع

بدأ وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاني الملقي مهامه بسحب اهم قوانين تنتظرها السوق والمستثمرين رغم مرورها في مخاض دام سنوات عديدة, ما بين اعدادها كمسودات بالتشاور مع جميع الجهات المعنية الى ان اصبحت مشاريع قوانين في اروقة ديوان الرأي والتشريع.

وقام الوزير بسحب مشروعي قانوني: (تشجيع الاستثمار), (حماية المستهلك), دون التشاور مع الفعاليات والجهات التي يرتبط عملها بهذه القوانين, والتي تفاجأت بسحبها عبر وسائل الاعلام, بهدف اجراء تعديلات في الحوافز الاستثمارية تستهدف المشاريع المشغلة للعمالة المحلية واعادة التشاور مع جمعية حماية المستهلك, رغم الحاجة الملحة لاصدار هذه القوانين خاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية الحالية.
وبحسب اخر احصائية لمؤسسة تشجيع الاستثمار الصادرة حتى نهاية الربع الثالث 2010 تراجع حجم الاستثمارات الاجنبية المستفيدة من القانون بنسبة 24 بالمئة مقابل ارتفاع بنفس النسبة للاستثمارات العربية التي تشكل 80 بالمئة من اجمالي حجم الاستثمارات المسجلة والبالغة 1.093 مليار دينار.
ويرى اقتصاديون ان انخفاض حجم الاستثمار في المملكة يعكس تراجع تنافسية الاقتصاد الوطني, وحجم الطلب بالسوق الناجم عن ضعف القدرة الشرائية للمواطن اضافة الى عدم استقرار التشريعات الناظمة للاستثمار والاجراءات في مجال استقدام العمالة.
وزارة الصناعة والتجارة اعلنت عن توجهها قبل التغير الحكومي الاخير بسحب اخر مسودة لقانون حماية المستهلك لعام 2010 لاجراء تعديلات على بعض بنوده بما ينسجم مع التطورات الاخيرة في السوق الناجمة عن الارتفاع الكبير في اسعار السلع محليا, بما يساهم بتعزيز الرقابة على السوق وحماية المستهلك.
د.الملقي اعلن في اول لقاء له مع الاعلاميين عن نيته سحب مشروع قانون حماية المستهلك لاعادة التشاور مع جمعية حماية المستهلك, وفي لقائه مع الغرف التجارية الاسبوع الماضي قال انه سيتشاور مع جميع الفعاليات المعنية وليس جمعية حماية المستهلك فقط.
واول قانون لحماية المستهلك تم اعداده كان في عام 2006 مكون من 26 مادة, ثم في عام 2007 تم اعداد مشروع جديد يتكون من 48 مادة, وفي كلا القانونين تنشأ جمعية ومجلس اعلى لحماية المستهلك, واختلفت في كل منهما مهام الجمعية والمجلس, ولم تقر تلك القوانين وبقيت في ديوان الرأي والتشريع, واعلنت الوزارة في 2010 عن توجهها لاعداد قانون لحماية المستهلك للحد من الممارسات الخاطئة في السوق وتم رفعه الى ديوان التشريع والرأي بعد فشل القطاعين العام والخاص التوصل الى صيغة توافقية رغم استغراقه اكثر من 3 اشهر للنقاش ضمن مجلس الشراكة التابع للوزارة, حيث رفعت الوزارة المشروع دون ان يتضمن انشاء هيئات لحماية المستهلك.
واعلن وزير الصناعة والتجارة السابق في ذلك الوقت عن انشاء مديرية لحماية المستهلك في وزارة الصناعة بموجب قانون الصناعة والتجارة ومهامها التنسيق مع مختلف الجهات المختصة لتحقيق أهداف المستهلك, وتوعيته وتثقيفه, إضافة الى التدخل لتسوية الشكاوى, التي ترد الى المديرية بصفة رضائية, او إحالتها الى الجهات المختصة, وضبط ومتابعة الممارسات المخالفة, مما لا يدخل ضمن اختصاص جهات أخرى الا ان المديرية لم تر النور بسبب وجود تعديلات على قانون الصناعة والتي لم تقر ايضا.
جمعية حماية المستهلك ابدت في بيان لها استغرابها من اعاده بحث مشروع قانون حماية المستهلك بعدما جرى من تحولات دولية واقليمية حول مسألة تحسين الظروف والقدرات الشرائية لجموع المستهلكين بمواجهة احتكار اصحاب المصالح من التجار الكبار وتأثيرهم القوي على متخذي القرار الاقتصادي عبر استخدام وسائل غير مشروعة أدت وتؤدي الى فوضى السوق والتي تبدو مؤشراتها واضحة وجلية من حيث اضعاف القدرة الشرائية لجموع المستهلكين بشكل مبرمج وليومنا الحالي.
وقالت ان المشروع تم بحثه سابقا مع ممثلي القطاعات الصناعية والتجارية خلال مجلس الوصاية التابع لاصحاب المصالح مجلس الشراكة التي انشأته وزارة الصناعة والتجارة وعرضت الجمعية رأيها وتصوراتها للمجلس حول بنود القانون والتي اكدت على ضرورة انشاء مرجعية حكومية مستقلة لحماية المستهلك تكون تابعة لرئيس الوزراء على أن تنسق هذه المرجعية المستقلة وتتعاون مع الجمعية الوطنية لحماية المستهلك التي يجب ان يسمح لها بفتح فروع لها في المحافظات اضافة الى تمكين الجمعية الوطنية لحماية المستهلك وفروعها ماديا وتشريعيا.
واوضحت ان الرجوع الى ترديد نغمة استشارة ممثلي التجارة والصناعة واصحاب المصالح انما هو ارتداد الى الماضي البغيض الذي نعيش نتائجه واثاره السلبية الان كمستهلكين من ارتفاع مبرمج للاسعار ومن تزايد بؤر الفقر والبطالة. ناهيك عن التضليل والخداع وكسب الوقت والمناورة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
وطالبت الجمعية الوزارة ببحث الاراء حول القانون مع جمعية حماية المستهلك وحدها باعتبارها ممثلة للمستهلك ووفق مختلف الأعراف الدولية ومنها منظمة التجارة الدولية والاتحاد الدولي للمستهلك, حيث اكدت الجمعية عدم ضرورة عقد الوزارة اجتماعات تشاورية مع اصحاب المصالح حول مشروع القانون لان نتائجها معروفة كما ان أهدافهم تقوم على التسويق والضغط على متخذ القرار وهو ما أكدته التجربة العملية معهم منذ اكثر من عشر سنوات.
واضافت انه في حال اصرار الوزارة على بحث مشروع القانون بنفس الطريقة السابقة والتي أدت الى تعطيل اصداره منذ أكثر من عقد من الزمن فإن حماية المستهلك تصر على اعادة سحب قوانين غرف التجارة والصناعة واصحاب الاعمال واعادة بحثها على طاولة الحوار باعتبار ذلك حقاً مشروعاً لحماية المستهلك لابداء تصوراتها حول هذه القوانين التي أثرت سلبا على القدرات الشرائية للمستهلكين منذ عقدين من الزمن والتي وضعت المستهلكين تحت وصاية التجار وأصحاب المصالح
واكدت الجمعية على أهمية الحوار المتوازن والمنتج بين أطراف العملية التبادلية في جميع القوانين ذات العلاقة للوصول الى تفاهمات تصب في عملية الاصلاح الاقتصادي وبهدف ترسيخ منهج اقتصادي وطني ينسجم مع فلسفة اقتصاد السوق الاجتماعي. حيث تعتبر حماية المستهلك ركنا اساسيا من اركان فلسفة اقتصاد السوق الاجتماعي.
وقالت ان وزارة الصناعة والتجارة يجب ان تعلم ان مناقشة مشروعات القوانين المختلفة يجب أن تكون محصورة بالأطر التشريعية المعروفة في الأردن بعد مناقشتها مع الجهة أو الجهات المستهدفة منها بعيداً عن الوصاية والتبعية وتجاوز بعض الأطراف على حقوق الاطراف الضعيفة والتي نبهت مقدراتها وحياتها خلال عقدين من الزمن.
اما قانون تشجيع الاستثمار الذي اعلن د. الملقي عن سحبه بهدف اعادة توجيه الحوافز للاستثمارات التي تشغل العمالة الأردنية وتستخدم مواد خام محلية, وكشف خلال لقائه أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة الاردن انه سيتم استقطاب الاستثمارات التي تحقق الميزة النسبية للمملكة, حيث يجب ان تكون العمالة والمواد الخام المستخدمة أردنية, إذ انه لا يوجد اي دافع بدعم استثمارات تأتي للمملكة تقوم باستهلاك الطاقة والمواد الخام من الخارج, ناهيك عن انها توظف عمالة أجنبية فقط.
واعدت وزارة الصناعة والتجارة قانونا جديدا للاستثمار لسنة 2010 ليحل محل قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1995 وتعديلاته, وتمت مناقشته من قبل المجلس الاستشاري للوزارة الذي يضم 32 عضوا يمثلون مختلف الفعاليات الاقتصادية بالمملكة, قبل رفعه الى مجلس الوزراء لاقراره وفقا للطرق الدستورية, كما عرض وزير الصناعة السابق على الحكومة الاجراءات المقترحة لتحسين البيئة الاستثمارية في المملكة والتنظيم القانوني الجديد المقترح الذي يعالج كافة الاختلالات التي تعاني منها التشريعات السارية الناظمة للاستثمار.
والتشريعات السارية بحسب رأي مسؤولين سابقين وخبراء لا تتضمن احكاما خاصة لتنظيم عمل النافذه الاستثمارية خاصة فيما يتعلق بتوحيد مرجعيات منح المستثمر التراخيص اللازمة لمشروعه والمدة الزمنية اللازمة لتنفيذها, ولا بوجود آليات حكومية تساعد المستثمر على تجاوز العقبات التي تواجه بسرعة وفاعلية, كما ان المزايا والحوافز الجمركية والضريبية يستفيد منها عدد محدود من القطاعات الاقتصادية وتتباين حسب موقع المشروع نتيجة تعدد المناطق الجغرافية التي يمنح المستثمر اعفاءات وفق قوانينها من منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة, المدن الصناعية, المناطق الحرة, المناطق التنموية, اضافة الى ان الاعفاءات الجمركية تنحصر في قيمة الموجودات الثابتة ويخضع تطبيقها لقيود كمية واجراءات ادارية وموافقات من لجنة الحوافز الاستثمارية المشكلة بموجب قانون الاستثمار الساري المفعول, اضافة ان 8 قطاعات معفاة مشترياتها من ضريبة المبيعات بنسبة الصفر, كما لا يتضمن حوافز استثمارية للانشطة المتوسطة والصغيرة, اضافة ان العديد من القطاعات الاقتصادية مغلقة امام الاستثمار الاجنبي او مقيدة بنسبة محددة للمساهمة الاجنبية او بحد ادنى للمساهمة.