ياسمين الخطيب
«صعوبات التعلم» مصطلح يحمل داخل طياته الكثير من الصعوبات التي يعاني منها مجموعة من الاطفال تحول بينهم وبين اكتساب المهارات بالشكل الصحيح. واستكمالا لما ذكرته في الحلقة السابقة من انواع الصعوبات التعلمية، سأكمل الحديث في هذه الحلقة عن الصعوبات الاكاديمية وانواعها. صعوبات القراءة: تعتبر القراءة عملية معقدة، وهي وسيلة للتواصل والتفاهم بين الناس وتبادل الافكار، فمن خلالها تزداد خبرات الفرد ويتطور بتجارب الاخرين، وهي نشاط فكري انساني حضاري وليست مجرد اكتساب للمعرفة والاتصال بالاخرين بل هي عملية عقلية انفعالية وفن لغوي، وهي ايضا اسلوب يستخدم في حل المشكلات ويتمثل ذلك في قراءة الرموز المكتوبة ثم الربط بينها وبين مدلولاتها والتي تتطلب من القارئ القيام بعمليات متداخلة ليصل الى المعنى المراد.
وتكمن مهمة المدرسة في تعليم الاطفال وتدريبهم على تعرف الرموز اللغوية صورة وصوتا والربط بينها ربطا سليما يحقق المعنى والغاية المراد من القراءة. ولكي تتم عملية تعليم القراءة بصورة صحيحة لا بد من توافر الاستعداد العقلي والجسمي والانفعالي والتربوي، وأي خلل في أي منها لن تتم معه عملية القراءة بالصورة الصحيحة، فالقراءة تتطلب من الفرد قدرا كافيا من النضج العقلي، فالطفل الاقل ذكاء أقل قدرة على تعلم القراءة، وعملية القراءة لا تعتمد على القدرة العقلية وحدها بل تحتاج الى سلامة الاعضاء الحسية فهي تعتمد على السمع والبصر، وأي خلل فيها يؤثر على القراءة.
ويمكن هنا التعرف الى مفهومين أساسيين في مجال صعوبات التعلم يمكن من خلالهما تشخيص العديد من الظواهر التربوية في غرفة الصف اثناء تعليم القراءة: صعوبات القراءة «Dyslexla» ويشير هذا المفهوم الى صعوبة قراءة الكلمات المكتوبة.
- عسر القراءة: وهو اضطراب او قصور او صعوبات نمائية «Developmentalreading». ويشكل حالة حادة من صعوبات تعلم القراءة تحدث لبعض الاطفال والمراهقين والبالغين. والافراد الذين يصابون بهذا العجز او العسر او الصعوبة يجدون صعوبة بالغة في تعرف الحروف والكلمات وتفسير المعلومات التي تقدم لهم على شكل صيغة مطبوعة، ويعود الى:
1- اضطرابات في وظيفة الجهاز العصبي المركزي.
2- اسباب جينية وراثية. 3- يظهر العجز من خلال الاساليب العادية للصف. وتعزى صعوبات القراءة لعدة عوامل هي:
مجموعة العوامل الجسمية، ومجموعة العوامل البيئية، ومجموعة العوامل النفسية. ويجب ان نوجه جل اهتمامنا لهؤلاء الاطفال. وينصب الاهتمام هنا من قبل المدرس على العوامل الجسمية والعوامل البيئية وهي التي تؤثر في صقل شخصية الطفل، فمن خلال تعليم الطفل يجب ان يركز المدرس على تعليم القراءة للاطفال بطريقة صحيحة، ولو لاحظ ضعفا عند احد الاطفال يجب ان يعطيه اهتماما مضاعفا، فلا يجوز ان يتجاهل المعلم الطفل ذا الصعوبة التعلمية او ان يتجاهل أخطاءه او يشعر بالملل لسماعه للطفل اثناء قراءته، فلا يجوز ان يصرح به أمام زملائه لان الطفل يشعر بالخجل ولا يعود للقراءة والمشاركة الصفية. وينبغي من المعلم ان يعطي الطفل ذا الصعوبة التعلمية الوقت الكافي في المشاركة الصفية ليعبر عن رأيه، واذا كان بطيئا لا يجوز مراددته او جعله سخرية امام زملائه وينبغي تقديم المديح له وتعزيزه عندما يقرأ بشكل جيد. ولا يجوز ان نلقي اللوم على هؤلاء الاطفال لانهم يعانون من مشكلة، فذوو عسر القراءة لا يتمكنون من قراءة الكلمات بصورة صحيحة فتبدو لهم وكأنها متشابكة ومتداخلة ويقوم بتقريب الكتاب من عينيه ويقوم بحركات نمطية ويفقد امكانية القراءة وينتقل لسطر اخر.
ويمكن تشخيص صعوبات القراءة بملاحظة المعلم لقراءة الطالب ثم بالاختبارات المقننة وغير المقننة او اعادة سرد قصة بعد سماعها من المعلم. صعوبات الكتابة: «Dysgrahia» تتطلب عملية الكتابة من الطفل نضجا عقليا بالاضافة الى التناسق والتآزر الحركي البصري فتتطلب عملية الكتابة الجمع ما بين العينين واليد والسمع عند الكتابة وادراك مفهوم الكتابة من اليمين الى اليسار ومن اليسار الى اليمين لتناسب اللغة العربية والانجليزية، واي خلل او اضطراب في اي من مجالات الادراك البصري وتناسقها بسبب صعوبة في تعلم الكتابة. ويعود ذلك لعدة عوامل هي:
عوامل بيئية، وعوامل ذاتية نابعة من نفس الشخص، اضطرابات الضبط الحركي والبصري. واكثر هذه العوامل هي العوامل الذاتية وذلك بعد التأكد من خلو الطالب من اي اعاقة حسية او عقلية فيعاني الطالب من نقص الدافعية لتعلم الكتابة ويأتي هنا دور الوالدين والمعلم في تشجيع الطالب واستشارته ومكافأته. والطالب الذي يعاني من صعوبات في الكتابة لا يتمكن من الكتابة بطريقة متناسقة وبحجم مناسب فانه يكتب بخط اكبر من الحجم الحقيقي او يصغره ويميل خطه عن السطر اثناء الكتابة ولا يعطي الفراغ حقه ويعاني ايضا من صعوبة التعبير الكتابي وليس المقصود هنا القراءة بحد ذاتها لان الكلمات قد تكون واضحة ولكنها لا تحمل المعنى المراد فتكون كتاباتهم محدودة ومعانيهم ناقصة ويعاني ايضا من صعوبات التهجئة «الرسم الاملائي» فقد يتمكن الطالب من قراءة بعض الكلمات بصورة صحيحة ولكن قد لا يتمكن من تهجئتها فمهارة التهجئة اكثر صعوبة من مهارة القراءة.
ويمكن تشخيص صعوبات الكتابة من خلال الاختبارات التي يجريها المعلم داخل الغرفة الصفية «الاختبارات غير المقننة» وملاحظة الكتابة اليدوية للطالب والتهجئة «الاملاء»، ويمتاز الاطفال ذوو صعوبات الكتابة بالنسخ بصورة غير دقيقة والحاجة لوقت طويل لاكمال العمل الكتابي ويمسك الطفل القلم بطريقة خاطئة ويقرب عيونه اثناء الكتابة ويجد صعوبة في استخلاص الافكار من النص وبطئا في معالجة اللغة الشفهية او الكتابية وغيره الكثير من الخصائص والمميزات. وأخيرا.. لقد تعرفنا على الصعوبات الاكاديمية التي يعاني منها الكثير من الاطفال، فقد يكون هذا الطفل ابنا لنا او أخا او قريبا، فيجب ان نحسن التعامل معهم وأن نعطيهم الوقت الكافي وان نشخص حالة كل طفل على حدة.