صحيفة العرّاب

الذكرى الثالثة والأربعون لمعركة الكرامة الخالدة

21 آذار 1968 كان يوماً مشهوداً في التاريخ العسكري الأردني والعربي ..

إعداد : مديرية التوجيه المعنوي- يحتفل الوطن كل عام بهذه المناسبة الخالدة مناسبة معركة الكرامة التي تشكل نقطة تحول كبيرة في مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي وصفحة مشرقة من الصبر والتحدي والتصميم لدى أبناء الجيش العربي الذين سطروا خلالها أروع البطولات وأجمل الانتصارات على ثرى الأردن الطهور .
وفي ذكراها من كل عام يحلو الفرح وتسمو معاني النصر ومهما كان احتفالنا بهذه المناسبة الخالدة فإننا لن نفيها حقها لأنها أكبر من كل الكلمات والاحتفالات، حيث تحوم أرواح الشهداء في فضاءات الأردن، فوق سهوله وهضابه وغوره وجباله، وتسلم على المرابطين فوق ثراه الطهور , وتسري في العروق رعشة الفرح بالنصر ونشوة الافتخار بهذا الجيش العربي الهاشمي وتطمئن القلوب بذكر الله وهي تقرأ قول الحق على روح قائد الكرامة المغفور له الملك الحسين رحمه الله وشهداء الكرامة واللطرون وباب الواد والقدس وحرب الاستنزاف والجولان حيث يختلط دم الخَلف بدماء السلف حيث النجيع الزكي في يرموك العز، وحطين ومؤتة وفحل والكرامة، فيسمو الوطن بقدسية أرضه وحرية إنسانه وكرامة أمته وأصالة رسالته التي توارثها قادة هذا الوطن من آل هاشم، حتى آل نصر الكرامة إلى بناء وإعمار وعطاء، وتعاون وتكافل بين أبناء الأسرة الأردنية الواحدة التي تحتفل كل عام في مثل هذا اليوم بما أنجزت وحققت وبما جادت به النفوس في سبيل أن يبقى بيرق هذا الحمى العربي الأصيل يخفق بين أرواح الشهداء عالياً كما هي هامات أهله وربعه وعشيرته وجيشه، لا تنحني إلا لله الواحد الأحد وفي هذا السياق قال جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده جلالته في اليوم التالي للمعركة: "يا اخوتي في السلاح يا حصن الأردن الحصين ودرع العرب المتين يا معدن الفخر وينبوع الكبرياء، يا ذخر البلد وسند الأمة، وأصل البطولة والفداء، أحييكم تحية إكبار لا تقف عند حد وتقدير لا يعرف نهاية، وأبعث مثلها إلى أهلي من ذوي الأبطال الذين سقطوا في ساحات الوغى بعد أن أهدوا إلى بلدهم وأمتهم أنبل هدية وأعطوا وطنهم وعروبتهم أجزل العطاء, فلقد كنتم جميعاً والله أمثولةً يعز لها النظير في العزم والإيمان، وقمة ولا كالقمم في التصميم والثبات، وضربتم في الدفاع عن قدسية الوطن والذود عن شرف العروبة أمثولة ستظل تعيش على مر الزمان. وإذا كان لي أن أشير إلى شيء من الدروس المستفادة من هذه المعركة يا إخوتي فإن الصلف والغرور يؤديان إلى الهزيمة وإن الإيمان بالله والتصميم على الثبات مهما كانت التضحية هما الطريق الأول إلى النصر وإن الاعتماد على النفس أولاً وأخيراً ووضوح الغاية ونبل الهدف هي التي منحتنا الراحة حين تقرر أننا ثابتون صامدون حتى الموت مصممون على ذلك لا نتزحزح ولا نتراجع مهما كانت التحديات والصعاب".
الكرامة ملحمة خالدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ............................................................
تؤلف منطقة غور الأردن سجلاً حافلاً يصور البطولات والمعارك الخالدة في تاريخ الأمة وتمثل أرض الرباط في سبيل الله، وهي من الأهمية الاستراتيجية والجغرافية بمكان مما جعلها محط أنظار الأعداء الطامعين مما حدا بهم إلى التخطيط المستمر والسعي المتواصل وإلى ترجمة أطماعهم والسعي لتنفيذ مخططاتهم وإحاطة أنفسهم بهالة بأنهم يمتلكون القوة ويستطيعون فعل ما يشاءون لاحتلال المرتفعات الغربية للأردن باعتبارها جزءاً مكملاً للمنظومة الإستراتيجية التي حققها الإسرائيليون من خلال احتلال هضبة الجولان وتعطي لهم ميزة التفوق والسيطرة على سائر المناطق الحدودية من جهة الشرق والجنوب بالنسبة للأردن.
ولقد كان صمود الجيش العربي الهاشمي في معركة الكرامة نقلة نوعية في تنامي الروح المعنوية العالية، والقدرة القتالية النادرة التي يتمتع بها الجندي الأردني، وهذا الصمود والنصر كانا منعطفاً هاماً في حياة الأمة العربية تحطمت خلاله أسطورة التفوق الإسرائيلي وأبرزت للعالم أن في هذا الوطن جيشاً يأبى الضيم ويدحر العدوان، ويذود عن حماه بالمهج والأرواح ويدافع عنه بكل ما أوتي من قوة.
ومهما كان احتفالنا بهذه الذكرى الخالدة، فإننا لا نستطيع أن نفيها حقها لأنها أكبر من كل الكلمات وأكبر من كل الاحتفالات , فهي معركة أعادت إلى الأمة احترام الذات بعد نكسة حزيران، وان النصر الذي حققه الجيش العربي الباسل البطل في هذه المعركة، جاء في وقت كنا فيه بأمس الحاجة إلى ملامح نصر وعزة وكرامة وإلى وقفة كلها شرف وإباء , وكانت معركة الكرامة التي هي أول نصر مبين يحققه جيشنا العربي المصطفوي للعرب عبر صراعنا الطويل مع إسرائيل وقوتها العسكرية المتغطرسة، أثبت خلالها الجيش العربي ان النصر العسكري العربي على إسرائيل ليس مستحيلاً وإنما هو مؤكد كما حدث في معركة الكرامة.
إذن معركة الكرامة هي بوابة المعارك ومؤشر الانتصارات التي أدخلت الأمة بكاملها دائرة الفعل وأخرجتها من آلامها وجراحها التي سببتها نكسة حزيران وما خلفته من آثار سلبية على النفس العربية وعلى المعنويات وإرادة الصمود لدى الأمة كلها.
واحتفالنا بمعركة الكرامة العربية في الأردن هنا أمر طبيعي لأنها جزء من تاريخنا العسكري الذي نفخر ونعتز به حيث انها لم تكن مجرد معركة استبسل فيها الجيش العربي وخاضها ودحر العدو وغطرسته فحسب، بل كونها جاءت لتعطي المعتدي درساً واضحاً بأن حروبه معنا ليست نزهة وانها لم تهزم عدواً طامعاً حاقداً فحسب بل ضمدت جرحاً عربياً مكلوماً بسواعد أبناء الأردن البررة وقوتهم النافذة يوم تثبتوا بأرضهم المباركة الطاهرة التي هي موطن الآباء والأجداد يتمنون إحدى الحسنيين وهم يعلمون تماماً أهمية الموقف الأردني المشرق الذي ترسمه البطولة والتضحية والرجولة .