صحيفة العرّاب

الاضطراب السلوكي اسبابه وتصنيفاته

ياسمين الخطيب

 سؤال نطرحه على انفسنا دوما ولا نعلم ما السبب، ببساطة لاننا نجهله لماذا انت مضطرب؟ ولماذا انتِ مضطربة؟ لا بد من وجود سبب يوترنا ويعكر صفو حياتنا والارجح ان نحدد ذلك السبب لايجاد الحل المناسب.
 
ومهما يجول في مخيلتنا من افكار واسباب فجميعها تنصب في مصطلح الاضطرابات السلوكية والانفعالية (Behavioral and Emotional Disorders) فما هي الاضطرابات السلوكية والانفعالية ومتى يمكننا الحكم على شخص ما بانه مضطرب.
 
هذه الاسئلة وغيرها سنتمكن من الاجابة عنها بعد ان نعرف ما هي الاضطرابات السلوكية والانفعالية وما اسبابها والمحكات التي احتكم اليها للحكم على السلوك بانه مضطرب. اختلف الباحثون فيما بينهم على اختيار تعريف محدد للاضطرابات فظهر اكثر من تعريف، سأذكر الاكثر قبولا وهو تعريف «بور» حيث اشار الى وجود صفة او اكثر من الصفات التالية:
 - صعوبة القدرة على التعلم والتي لا تعود لاسباب عقلية او جسمية او حسية.
- صعوبة في القدرة على اقامة علاقات اجتماعية والاحتفاظ بها. - ظهور انماط غير ملائمة من السلوك في الظروف العادية. - شعور عام بعدم السعادة والاكتئاب.
- اظهار اعراض جسمية مرضية ومخاوف شخصية ومدرسية. وفي البداية ظهرت عدة تسميات لفئة الاشخاص المضطربين انفعاليا منها الاضطرابات الانفعالية او الاعاقة الانفعالية الا ان التوجهات الحديثة في التربية الخاصة تميل الى استخدام مصطلح الاضطرابات السلوكية Behavioral Disorden وذلك للاسباب التالية:
١- ان مصطلح الاضطرابات السلوكية يصف السلوك الظاهر الذي يمكن التعرف عليه بسهولة وبالتالي وضع اساليب علاجية.
٢- ان مصطلح الاضطرابات السلوكية لا يتضمن افتراضات مسبقة حول اسباب الاضطراب وبالتالي هو مفيد للمعلمين بشكل اكبر. ونظرا للصعوبة التي واجهها الباحثون في اختبار تعريف محدد للاضطرابات السلوكية تم الاحتكام على عدد من المحكات للحكم على السلوك بانه مضطرب او شاذ وهذه المعايير هي: تكرار السلوك: ويقصد بذلك عدد المرات التي يحدث فيها السلوك في فترة زمنية معينة.
٢- مدة حدوث السلوك: ويقصد به المدة الزمنية التي يستمر فيها حدوث السلوك. ٣- شدة السلوك: ويقصد به التطرف في شدة السلوك فاما ان يكون غير مرغوب فيه وقويا جدا او مرغوب فيه وضعيفا جدا. ويوجد اكثر من تصنيف للاضطربات السلوكية والانفعالية وافضل هذه التصنيفات هو تصنيف «كوي» المتعدد الابتعاد ويتكون من اربعة ابعاد وهي: ١- اضطرابات التصرف: وتتمثل في المشاجرة والتخريب وعدم الطاعة.
٢- اضطرابات الشخصية: وتتمثل في القلق والخوف والانسحاب والاحباط.
٣- عدم النضج: ويتمثل في قلة الانتباه وضعف التركيز واحلام اليقظة.
٤- الانحراف الاجتماعي: ويتمثل في السرقة والامهال وانتهاك القانون والهروب من المدرسة والمجموعات المنحرفة. وتضاف الاضطرابات السلوكية والانفعالية بشكل عام الى سلوكيات خارجية موجهة نحو الاخرين مثل العدوان والسرقة والنشاط الزائد بينما تكون السلوكيات الداخلية بصورة اجتماعية انسحابية مثل فقدان الشهية او الشره المرضي والاكتئاب والانسحاب والمخاوف المرضية والصمت الانتقائي. وتؤثر الاضطرابات السلوكية والانفعالية على حياة الطفل بشكل كبير حيث تؤثر على علاقته مع افراد الاسرة والاصدقاء والرفاق والتصحيل الاكاديمي، وبدون تدخل فعال فانه سيعيش في الم انفعالي وعزلة وقد يتسرب من المدرسة ويندمج في سلوكيات ضد المجتمع. اما الاسباب التي تؤدي الى الاضطرابات السلوكية والانفعالية فيمكن تقسيمها الى ما يلي:
- العوامل البيولوجية: اكد الباحون على وجود علاقة للعوامل البيولوجية بالاضطرابات السلوكية والانفعالية ويوجد سبب بيولوجي لبعض الاضطرابات مثل الفصام والشره المرضي.
- العوامل البيئية منها: الاسرة: تلعب الاسرة دورا مهما في تنشئة الاطفال وخاصة في المرلحة المبكرة من حياتهم والتي تؤثر ببناء شخصية الفرد بشكل كبير والعلاقات السلبية بين افراد الاسرة واساليب التنشئة الخاطئة تسبب حدوث الاضطرابات السلوكية والانفعالية عند الاطفال فالمعاملة التي تتم بالتدليل الزائد تؤدي الى العصيان وعدم الشعور بالمسؤولية والاتكالية واسلوب التفرقة بين الابناء الذي يعزز الحقد والرفض الذي قد يعبر عنه بسلوكيات عدوانية موجهة نحو الذات ونحو الاخرين. المدرسة: تؤثر المدرسة بشكل كبير على الطالب ومدى تكيفه فالاساليب التي يستخدمها المعلمون «كالاسلوب الاستبدادي، المتهاون، المتذبذب، الديمقراطي» كما يؤثر المنهج الدراسي والجو الذي يسود المدرسة والعلاقة بين الادارة والمعلمين في خلق حالة من عدم التوافق للطالب وايضا عدم مراعاة المعلم للفروق الفردية فقد يلجأ الطالب لهذه السلوكيات لتغطية مشكلة اخرى مثل صعوبات التعلم ويؤثر ايضا حجم المدرسة والجنس وعمر البناية ولحد كبير في الاضطراب. وهناك خصائص عامة للمضطربين سلوكيا انفعاليا: الفهم والاستيعاب: يعاني بعض الاطفال المضطربين سلوكيا من مشكلات فهم غير قادرين على فهم المعلومات التي ترد من البيئة وفهم معنى القصة. السلوك الفوضوي: وهو السلوك الذي يتعارض مع سلوكات الفرد او الجماعة. السلوك العدواني: ويتمثل بالسلوكات التخريبية الموجهة نحو الذات ونحو الاخرين. السلوك الانسحابي: ويتمثل بالانعزال اجتماعيا وضعف الاتصال وقلة التفاعل مع الاخرين. النشاط الزائد: وهو نشاط بمستوى عالي لا يمكن ايقافه بسهولة ويظهر في اوقات غير مناسبة ويتمثل بعدم الاستقرار وكثرة الحركة الزائدة عن الحد الطبيعي وصعوبة في الالتزام بالهدوء وتشتت الانتباه.
الخصائص المعرفية: يتراوح متوسط ذكاء المضطربين «IQ90» فهم في حدود المتوسط ونسبة قليلة منهم اعلى من المتوسط وبعض منهم يقع ضمن فئة بطيئي التعلم والتخلف العقلي البسط. وهناك برامج تربوية تقدم لهذه الفئة فقد يدمج الطالب مع اقرانه في الصف العادي وقد يلتحق بصف خاص ملحق بالمدرسة العادية وقد يلتحق بمراكز تربية خاصة نهارية او اقامة دائمة كلٌ وفق حالته. وفي الختام،،، تشكل الاضطرابات السلوكية والانفعالية مشكلة كبيرة في تكيف الفرد وترتبط بضغوط نفسية شديدة نسبيا كما ان لها العديد من الاسباب ولكن ليست بدرجة واحدة في التأثير فمنها البسيط والمتوسط والشديد تبعا للاسباب التي ادت لذلك وهذا يتوجب بنا ان نحسن المعاملة لهذه الفئة ونتفهما لكي نحد منها فكل منا معرض للاضطراب والانفعال.