صحيفة العرّاب

الفتور.. آفة العلاقات الزوجية وهادم كيان الأسرة

أزواج وزوجات يفتقدون عنصر «التجديد» ويقعون في فخ «الروتين»

 ايمن توبة  
الزواج أسمى العلاقات الإنسانية التي ينبغي أن تقوم على المشاركة والتفاهم. وكأي علاقة أخرى لا بد للطرفين من المحافظة على عنصر «التجديد» لإدامة التواصل، فالفتور هو آفة العلاقات عموما، والزواج خصوصا. واللافت أن معظم علاقات الازواج تتسم في بدايتها بالتوافق والاشتياق والحب والوفاق.. ومهما تكن حالة الحب والتوافق التي تظلل حياة الزوجين، فهناك شكوى متكررة من حالة فتور أو خمول أو تراخٍ تصيب مشاعر الزوجين بعد مرور وقت على الزواج، طال هذا الوقت أم قصر، المهم أن هذا الإحساس يحدث بالفعل، وقد يهدد العلاقة الزوجية نفسها في بعض -أو ربما- في كثير من الأحيان. 
ولعل فتور العلاقة الزوجية ينعكس على كل أحوال البيت، فلا ترتاح الزوجة ولا الزوج ويعيش الأبناء في قلق وتوتر.. الصوت مرتفع لأتفه الأسباب والمشاكل البسيطة تتعمق ويكبر سوء الظن وتأويل الكلام على الوجه السيئ، إضافة إلى تصرفات وسلوكيات أخرى لا ترضى أحدا. لتسليط الضوء على هذا الموضوع قامت «المواجهة» باستطلاع اراء بعض الازواج للوقوف على اسباب هذه الظاهرة:. 
 
** الروتين يسيطر على حياتنا.
ماهر محمود (40 عاما) متزوج منذ 8 سنوات قال لـ»المواجهة»: أخطأنا انا وزوجي حينما سمحنا للروتين ان يسيطر على حياتنا الزوجية. ويضيف: للاسف زوجتي نسيت انها متزوجة، حتى البيت اهملته في الفترة الاخيرة. ويقول يجب على المرأة التجديد في حياتها، كما ان هناك امورا تضفي رونقا على الحياة الزوجية مثل وضع اللمسات الرقيقة في البيت واعادة ترتيبه والحرص على جماله وحيويته وبساطته، والاهتمام بنفسها ومظهرها وأسلوبها في التعامل. 
 
** الهروب من البيت.
اسامة وليد (29 عاما) متزوج منذ 4 سنوات تحدث عن رأيه لـ»المواجهة» قائلا: ان كثرة المشاكل التي تحدث بيني وبين زوجتي هي السبب الرئيسي لحدوث الفتور في علاقتنا الزوجية، ويضيف: زوجتي (نكدية وعنيدة)، وتثور في وجهي لاتفه الاسباب. ويستطرد قائلا: امضي اغلب وقتي في العمل، وبعد الدوام مع اصحابي، وكل هذا للهروب من البيت والمشاكل اليومية التي اصبحت روتينا لا مفر منه.
 
** زوجتي أهملت أنوثتها.
عمر رمزي (45 عاما) متزوج منذ 15 سنة قال لـ»المواجهة»: إن الأولاد ومشاكلهم ومصروف العائلة الذي هو بازدياد دائما هو كل ما يجمعني بزوجتي، أما علاقتنا سوياً فتكاد تكون معدومة بسبب الروتين ومشاكل الحياة والاعباء الثقيلة التي نعيشها في زمننا، نحاول في بعض الأحيان كسر الروتين الذي نعيشه بالخروج في رحلة او اي شيء اخر، لكن دون جدوى، فبعد ايام من هذه التغييرات (تعود حليمة لعادتها القديمة). ويضيف: حتى الاتصال الجنسي بات معدوما او شبه معدوم ووصل الى مرحلة الفتور، ويقول: زوجتي معظم الاوقات منشغلة اما بزيارة شقيقاتها او الاقارب، او الحديث عبر الهاتف، واهملت كثيرا في انوثتها واناقتها، وهذا للاسف يعد سببا رئيسيا في الابتعاد والاكتفاء بامور البيت الاخرى.
 
** زوجي غير موجود سوى لتقديم المال.
اما السيدة ام مؤمن المتزوجة منذ 10 سنوات فتقول عن رأيها لـ»المواجهة»: «زوجي دائم السفر، ومنشغل في العمل عن البيت والأولاد وعني أيضاً، وعندما نجتمع كثيراً ما يعلق بأسلوب جارح على طريقة لباسي أو تصرفاتي، ولا يقصر في ذلك أمام الأولاد أو الأقارب!!، هو يؤمّن لنا المال، لكنه شخصياً بعيد كثيراً عن الأسرة، وربما هو الذي خلق ذلك السبب الذي أوجد حالة من الفتور في داخلي تجاهه وتجاه الحياة أيضاً، ولكني أحاول أن أخرج منها بالتسوق، بزيارة الأصدقاء، بالاهتمام بالأولاد، أما هو فأنا أعتبره كأنه غير موجود سوى لتقديم المال».
 
***الخزاعي: الحل في الحوار وقبول الآخر.
ويرى الدكتور حسين الخزاعي اختصاصي علم الاجتماع، ان اسباب الفتور في العلاقة الزوجية تعود إلى الأساس الذي بنيت عليه العلاقة الزوجية، مشيرا الى أنه لا توجد علاقة إنسانية إلا وتمر بمرحلة فتور، سواء كانت علاقة زواج أو حب أو صداقة، فالفتور جزء من العلاقات البشرية. ويشير الى ان من أسباب الفتور عدم وجود حوار حقيقي بين الزوجين يضعهما أمام تساؤل هام يدور حول علاقتهما كزوج وزوجة «أين وصلا؟ وأين هما من المشروع الأساسي الذي على أساسه ارتبطا معاً بالزواج؟». ويضيف: أما السبب الثاني لفتور العلاقة الزوجية فيتجسد في عدم قبول اختلاف الآخر، إذ أن الحوار يفضي بالطرفين إلي نقاط يشتركان فيها وإلى نقاط أخرى يختلفان عليها، وهنا لا بد من قبول هذا الاختلاف، والبحث من خلال الحوار عن خط أو نمط تفكير مشترك بين الاثنين يؤكد على الإيجابيات الموجودة لدى الآخر ويدعمها، ويقبل بالاختلاف، ويبتعد عن فرضه على الآخر. ويؤكد الخزاعي أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى جهد كبير كي تنمو وتستمر وحتى لا يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف يحتاج إلى جهد وتعب وحوار من قبل الطرفين.