صحيفة العرّاب

طوقان : المفاعل النووي يحتاج لـ 8 مليون متر مكعب من المياه سنويا

يقود سير الاردن بإنشاء مفاعل نووي في المملكة من دون وجود دراسات بيئية حقيقية وتقيم أثر بيئي محايد إلى أسئلة أهمها: هل الاردن بحاجة أصلا إلى مفاعل نووي؟ وهل وجوده في الأردن آمن؟ وهل سيوفر فعلا بديلا لاستيراد الطاقة؟

أكثر الأسئلة حساسية تلك المتعلق باستقلالية القرار في هذا المجال، خاصة وأن عملية تخصيب اليورانيوم يفرض عليها حظر، ولا تتم إلا في دول الشمال التي تمتلك الإمكانيات التكنولوجيا لذلك.
بل إن خبراء يرون ان من شأن انشاء المفاعل النووي أن يزيد من تبعية المملكة لهذه الدول، فنعود في النهاية مستوردين لخامة نمتلكها نحن أصلا.
وجاءت الكارثة النووية في اليابان بعد أن ضربها زلزال لتفيق مخاوف من أن هذه المفاعلات غير محصنة من أن يصيبها ضرر جراء كوارث سواء طبيعية أو بشرية، وذلك بعد الخطر الذي أحاط باليابان رغم التقنيات التكنولوجية التي تمتلكها هذه الدولة.
وأكد خبراء لمشروع "مضمون جديد" أن المفاعل النووي الذي يعتزم الأردن إنشاؤه ما زال يحاط بالكثير من الأسئلة التي تحتاج لإجابات واضحة يحتوي لا يملكها المسؤولين فيما يعتبر الخبراء أنه لا جدوى من إنشاءه.
وكانت هيئة تنسيق العمل البيئي أرسلت إلى هيئة الطاقة مجموعة من الأسئلة حول المفاعل، إلا أنها حصلت على أجوبة مسوفة لا تفي بالغرض من الاسئلة.
واستطاع "مضمون جديد" الحصول على وثيقة الأجوبة التي أرسلتها الهيئة الذرية والتي تظهر التهرب من الإجابة بشكل مباشر على هذه الاسئلة.
وقال وزير الطاقة و رئيس هيئة الطاقة الذريه الدكتور خالد طوقان في أجوبته حول المفاعل النووي إن تبريد المفاعل يحتاج إلى 8 مليون متر مكعب من الماء سنويا، وهو ما شكك فيه الخبراء، مؤكدين أن الرقم أعلى من ذلك بكثير، مبينا في الوقت ذاته أن المساحات التي سيتم خلالها البحث لاستكشاف مادة اليورانيوم وبحسب الاتفاق مع الشركة المبرمة تبلغ 1460 كم مربع.
واوضح طوقان أن اختيار الموقع جاء وفق المعايير والاسس الدولية المتبعة للسلامة العامة ومنها ملائمة الموقع لانشاء مفاعل نووي ضخم والاستقرار الزلزالي ووجود مائي مستدام ملائمة الموقع لانشاء والعوامل الخارجية الطبيعية التي قد تشكل خطورة على المنشأه مثل الفيضانات والزلازل والانسانية مثل المصانع وخطوط الملاحة ووجود الوحدات العسكرية.
كما أشار أن الموقع يأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المحتملة على الصحة العامة البيئة المحيطة إضافة للجدوى الاقتصادية للموقع المقترح.
واضاف أنه سيتم وضع خطة أمن نووية شاملة للموقع والمناطق المجاورة له وسيكون تحت السيطرة والمراقبة الدائمة له وتشغيل أجهزة حماية وإنذار مبكر وستتولى القوات المسلحة الأردنية حمايتها.
وأشار أن لإقامة أي نشاط في المناطق المحيطة بالمفاعل مثل السكن والتجول سيحكمه تعليمات خاصة لضمانة السلامة العامة ووفق الأسس العالمية أيضا.
وبين أن النفايات النووية الناتجة عن تشغيل المفاعل النووي سيتم دفنها بطريقة آمنه داخل اماكن مخصصة لهذه الغاية داخل المفاعل ولن تشكل أي خطر يذكر على البيئة.
ولكن أخصائي الأمراض الصدرية الدكتور بسام شاكر حذر من أن الإشعاعات النووية الصادرة من المفاعلات في حال وصلت للإنسان ولامسته بشكل مباشر ستؤدي إلى حدوث كارثة حيث عادة ما تسبب تلف الجهاز التنفسي فورا وإصابته بالتليف والعديد من المضاعفات تصل في كثير من الأحيان إلى الوفاة.
وأشار أن التعرض لهذه الإشعاعات والغازات يؤدي إلى حدوث الأورام السرطانية في الجهاز التنفسي والدم والجلد إضافة للتشوهات نتيجة قوة هذه الإشعاعات المليئة بالمواد السامة وشديدة السمية.
وقال إن تأثير هذه الإشعاعات لا يقتصر على اللحظات الآنية بل أنه قد يمتد إلى فترات طويلة حيث قد تظهر بعض الأمراض بعد سنوات عدا عن تأثيره على الجنين الذي قد يصاب بالتشوهات والأورام أيضا.
ومن هنا قال رئيس جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة في الأردن المهندس الدكتور أيوب أبو ديه في تصريح خاص لـ "مضمون جديد" إن الطاقة النووية التقليدية، ليست طاقة مستدامة أو نظيفة أو آمنة على الإطلاق.
وطرح أبو ديه أسئلة تتعلق معظمها بجدوى استخدام هذا النوع من الطاقة في الأردن إضافة إلى مادة اليورانيوم المهددة بالنضوب خلال عقدين من الزمن.
وأضاف أن الطاقة النووية غير مستدامة أو آمنة لعدة أسباب أهمها تدني نوعية خامات اليورانيوم التي تطلق غازات دفيئة لا تقل سوءَاً عن كمية الغازات التي تطلقها المحطات الحرارية التي تعمل على مشتقات النفط, كما أنها تسبب انواعا عديدة من السرطانات.
ونوه إلى أن استدامتها مرهونة باستيراد التكنولوجيا واحتكارات القدرة على التخصيب وتسديد القروض ونحو ذلك.
ويشير عدد من العلماء عن توفر البدائل للطاقة النووية من خلال المصادر النظيفة والمتجددة المتوافرة والتي ستظل كذلك طالما بقينا على وجه هذه البسيطة.
وأكدوا أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الجوفية وطاقة أمواج البحر وطاقة المد والجزر توفر أفضل البدائل بأقل الكلف سواء المادية أو البيئية.
وطرح أبو ديه مجموعة من الاسئلة تتركز حول الاحتياطات اللازمة في مراحل التعدين والتصنيع والنفايات المشعة والتخلص منها نهائياً، ودفن ما تبقى في الطبقات الجيولوجية العميقة التي قد تلوث المياه الجوفية التي يعتمد عليها لمستقبل الأجيال القادمة، كما يعتمد عليها لنجاح مشاريع التنمية المستدامة التي ترتكز على قاعدة "الإنسان السليم المعافى"؟
وعن المخاطر الناجمة عن استخدام الطاقة النووية أشار أحد خبراء الطاقة الحكوميين والذي رفض ذكر اسمه أن هناك عددا كبيرا منها سواء من ناحية أمنية أو من جهة إطلاق الإشعاعات والملوثات والغازات الدفيئة خلال مراحل التعدين وإنتاج اليورانيوم المخصب ونقله والتعامل مع دفن النفايات المشعة أو إعادة استخدامها.
وأكد أن هناك دوماً مخاطر بيئية ناجمة عن احتمال تسرب الإشعاعات، مع الإدراك العميق أن احتمالية حدوثها تتناقص بتطور التكنولوجيا الحديثة والتي قد لا تتوفر في دول العالم النامية.
وأشار أن المفاعل النووي يحتاج إلى كمية كبيرة جدا من الماء لا تتوفر إلى في العقبة وأن هذه الماء بحاجة إلى تحلية ذلك لأن المفاعل لا يتقبل إلا المياه المحلاة.
وأكد أن نقل المفاعل من العقبة إلى الشرق ليست فكرة صحيحة. وقال إن مياه الخربة السمراء التي ستعمل على تبريد المفاعل لن تكون كافية حيث تخرج من الخربة السمراء يوميا 200 ألف متر مربع وهي بحاجة للتحلية والتنقية حيث تكون ما يزال فيها مواد عضوية.
وأضاف أنه لتحلية وتنقية المياه يجب أن ينشئ محطة تنقية تسحب الكهرباء من المفاعل وبالتالي فإن الطاقة التي ستخرج من المفاعل والتي من المقدر أن تكون 100 ميغاواط سيتم سحب 250 على الأقل منها للمحطة مما يعني إنتاج 750 ميغاواط من المحطة.
وأوضح أن إنتاج 750 من الطاقة في الأردن من محطة واحدة تجعلنا في خطر خاصة إذا ما توقفت هذه المحطة لأي سبب كان حيث تبلغ الطاقة القصوى لإنتاج الكهرباء في الأردن حوالي 2600 ميغاواط.
كما تسائل عن مستوى الإشعاعات الذي سوف يصدر عن هذه المفاعلات, إضافة إلى تكلفة المفاعلات النووية التي أصبحت واضحة المعالم في المدى المنظور.
وكانت نظمت هيئة تنسيق العمل البيئي وهيئة الطاقة الذرية الأردنية اجتماعات للوصول إلى صيغة تفاهم إلى أن الهيئة تصر على ضرورة تنفيذ دراسة تقييم أثر بيئي من قبل خبراء محايدين من جهات دولية تتمتع بالخبرة الكافية في هذا المجال.
من جانبه قال المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية المهندس أحمد الكوفحي إن مشروعا استراتيجيا بهذه الخطورة والأهمية والتكلفة المالية المرتفعة إنما يقتضي أن يتم دراسته مؤسسيا وبشفافية مع جهة التشريع، ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، ومع وسائل الإعلام لمناقشة كل أبعاده وليس هناك ما يمنع أن يشارك خبراء محايدون محليا ودوليا ليقولوا رأيهم في هذا المشروع.
وطالب الكوفحي وزارة البيئة - الجهة المسؤولة قانونيا عن كل ما يتصل بشؤون البيئة الوطنية وحمايتها- أن تتصدى لحمل دورها وتعلن موقفها بخصوص إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي للمشروع وموقعه وآلية عمله وخطط إدارة النفايات النووية الناجمة عنه.
وتساءل "هل تكلفة المخاطر الإشعاعية الممكنة تدخل في حسابات إنشاء المفاعلات أو في تكلفة إنتاج الكهرباء؟ وهل تكلفة إزالة هذه المنشآت في المستقبل محسوبة أيضاً بأسعار المواد والعمالة في ذلك الزمن من التاريخ؟
وبين الكوفحي أنه وفي عام 2008، زادت نسبة الحوادث الأمنية والبيئية في المواقع النووية بمقدار 56 % عن حوادث عام 2005 (من 131 حادثة عام 2005 إلى 205 عام 2008).
* اعدت المادة لصالح مشروع جديد باشراف لقمان اسكندر