صحيفة العرّاب

الهيئة: المطالبة بإلغاء البرنامج النووي الاردني بنيت على معلومات مضللة

أكدت هيئة الطاقة الذرية الأردنية ان بعض المطالبات التي نشرت في تقارير مؤخراً تضمنت معلومات مغلوطة ومضللة حول الطاقة النووية وحول طبيعة البرنامج الأردني وصلت لحد وصفه من قبل البعض بأنه مشروع شخصي لأحد المسؤولين.

وقالت الهيئة أنها راقبت بإهتمام عددا من البيانات والمقالات نشرت مؤخرا في عدد من وسائل الإعلام مطالبة بإلغاء البرنامج النووي الأردني ومستغلة كارثة فوكوشيما اليابانية كوسيلة لتأجيج العواطف ضد هذا البرنامج.
وأكدت الهيئة أن البرنامج الأردني للاستخدام السلمي للطاقة النووية هو برنامج وطني ذو صبغة إستراتيجية يهدف إلى تلبية احتياجات المملكة المتزايدة من الطاقة. هذا البرنامج, الذي أنشئ استنادا إلى قوانين وتشريعات أردنية سارية ويحظى بدعم واهتمام الحكومة الأردنية, يهدف لتوفير الطاقة الكهربائية الكبيرة اللازمة لمشاريع تحلية المياه لخفض العجز في مصادر المياه البالغ حاليا 500 مليون متر مكعب سنويا.
ويهدف البرنامج بشكل أساسي للخروج من حالة الاعتماد الكلي على النفط والغاز المستوردين اللذين تبلغ فاتورتهما السنوية أكثر من 4 مليارات دولار, أثبتت السنوات الماضية عدم استقرار مصادر التزود بهما وتقلب أسعارهما.
ويهدف البرنامج على المدى البعيد لحماية المملكة من تقلبات أسواق النفط والغاز اللذين يشكل استرادهما أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا ما يجعل من تطوير مصادر محلية بديلة لإمدادات الطاقة أولوية مهمة من أولويات بلدنا.
وقالت الهيئة رأينا كيف أن ارتفاع أسعار النفط وتذبذب الإمدادات وضعا قيودا ومحددات كبيرة على نمو الاقتصاد الأردني واستقراره مما حد من خياراتنا الوطنية في ما يتعلق ببدائل المنتجات النفطية المستخدمة في إنتاج الكهرباء.
واشارت الى إن الحلول التكنولوجية المتوفرة لتوليد الطاقة المتجددة لا تشكل خيارا مستقلا بحد ذاته, خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنها تجمع بين ارتفاع التكلفة ومحدودية الاستخدام وعدم القدرة على تلبية أحمال كبيرة.
واضافت أن الطاقة المتجددة (شمس ورياح) تشكل أقل من 2% من الطاقة المولدة في الأردن و4% من الطاقة المولدة في العالم.
وشددت الهيئة على الأهمية الإستراتيجية القصوى لهذا البرنامج وأكدت شفافيته وانفتاحه على أطياف المجتمع الأردني كافة وهو ما تعكسه جهود الاتصال المؤسسي التي تقوم بها الهيئة لشرح عناصر ومكونات البرنامج للجميع.
واستغربت الهيئة التصريحات المتتابعة لهيئة تنسيق العمل البيئي حول مشروع المفاعل النووي لتوليد الطاقة الكهربائية والتي توالت مؤخرا متحدثة عن ما أسمته ب¯ نداءات قالت أنها وجهتها لعدم المضي في تنفيذ البرنامج لأنه لا يستوفي شرط دراسة التقييم البيئي والتي اتبعتها بالمطالبة بفتح تحقيق نيابي بالموضوع.
وذكرت إن هيئة الطاقة الذرية تستغرب مثل هذه المواقف خاصة بعد أن التقت الهيئة ممثلين عن مختلف الجمعيات والمؤسسات البيئية الأردنية وشرحت لهم مختلف التطورات المتعلقة بالبرنامج والأسباب التي دعت لقيامه والإجراءات التي تقوم الهيئة باتخاذها لحماية البيئة. وقد قام رئيس الهيئة في حينها ومفوضوها الهيئة بإجابة كل التساؤلات والاستفسارات التي طرحها الناشطون البيئيون بل وقامت بعد ذلك بتوفير إجابات مكتوبة على عدد من الأسئلة التي تم تقديمها للهيئة.
وتضمنت إجابات الهيئة قضية دراسة الأثر البيئي التي تتحدث حولها هيئة العمل البيئي وأوضحت الهيئة للجميع بأن مثل هذه الدراسة لا يمكن إجراؤها من دون اعتماد موقع نهائي لمفاعل الطاقة النووية.
وقامت الهيئة وحسب المعايير الدولية التي تحددها الوكالة الدولية للطاقة الذرية- بدراسة مجموعة من المواقع المقترحة في عدد من المناطق, تركز الاهتمام على موقع جنوب شرق مدينة العقبة نظرا لقربه من مصادر المياه.
إلا أن الهيئة نقلت اهتمامها للموقع الثاني على قائمتها لأسباب فنية تتعلق بالتكلفة المالية لبناء المصدات الزلزالية التي تحتمها طبيعة الموقع والتي تزيد تكلفة البناء بحوالي 15-20% من التكلفة الإجمالية.
وأكدت الهيئة أن الزلازل لم تعد تشكل تهديدا لمحطات الطاقة النووية بسبب التقدم العلمي في أساليب البناء وفي أنظمة التشغيل خاصة في الجيل الثالث من المفاعلات.
وذكرت أن المنطقة المقترحة لموقع المحطة بعيدة عن الخط الزلزالي النشط بحوالي 90 كيلومترا وهي ذات مستوى زلزالي منخفض جدا بعكس ما يحاول البعض إيحاءه خاصة عند المقارنة مع اليابان التي تعتبر من المناطق عالية الزلزالية.
وقالت الهيئة رغم أن هيئة تنسيق العمل البيئي خلطت في بيانها الأخير ما بين دراسة الأثر البيئي وبين دراسة الجدوى الاقتصادية ورواتب المسؤولين في الهيئة ومستوى قدرتنا كأردنيين على التعامل مع هذا البرنامج بشكل يدعو لمزيد من الاستغراب حول أهداف مطالباتهم.
وتابعت نستغرب - كهيئة وكأردنيين - هذا الأسلوب في الطرح الذي يقلل من مقدرة الأردنيين على التعامل مع مختلف مناحي الحياة العلمية والتكنولوجيا المتطورة ودخول العصر الحديث, وكأنما هي دعوة للكسل وعدم تقدير لما يمكن للأردنيين أن يفعلوا في مسرة بناء بلدهم.
وأكدت الهيئة أنها فتحت باب الحوار مع مختلف الهيئات والمنظمات البيئية وقدمت ما طلب منها من إجابات وتوضيحات... بل ودعت جميع هذه المؤسسات لحضور ورشة عمل متخصصة عقدت بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبمشاركة 6 خبراء في عدد من المجالات مثل الحماية البيئية, وتعدين اليورانيوم, واقتصاد الطاقة النووية, والأمن والسلامة النوويين.
وقالت رغم أن معظم نشاطات ورشة العمل هدفت الى التعامل مع مختلف القضايا والاهتمامات البيئية, إلا أنه يؤسفنا أن نقول بأن هذه الدعوة لم تلق ترحيبا وتلبية سوى من أربعة أشخاص فقط من الناشطين في المجال البيئي بينما اختار باقي المدعوين عدم الحضور.
وقال بيان الهيئة من المؤسف أيضا أن نرى إصرار البعض على الاستمرار بحملة تخويف من أخطار كارثية مزعومة, وصلت إلى حد أن يضع أحد الكتاب تبريرا أدبيا مخفيا ومبطنا للمفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونه, فيهاجم البرنامج الوطني الأردني بشراسة في مقاله ثم يقول إس¯رائيل أقامت مفاعلاً ذرياً في ديمونه, ليس لتوليد الكهرباء, فوسائل التوليد الأخرى أجدى, بل لصناعة القنابل الذرية, وهي خارج نطاق المشروع الأردني.
وعبرت عن أسفها لمثل هذا التبرير وهذه المقاربة نتمنى أن تتوجه الأصوات نحو الخطر الحقيقي الذي يهددنا بقنابله الذرية وخطورة موقعه القابع على الخطر الزلزالي نفسه الذي تحذر منه جماعاتنا البيئية.
وقالت استغل البعض الآخر حالة الخوف وعدم اليقين من حادثة اليابان لمهاجمة برنامج الطاقة النووية الأردني من خلال بث الرعب في قلوب الناس بنشر معلومات غير صحيحة وغير علمية وصلت إلى حد بث الإشاعات الخطيرة بأن مطر الخير الذي أنعم الله به علينا في اليومين الماضيين ملوث بالإشعاعات القادمة من اليابان. ونحن نقول آن الأوان لوقف بث الرعب الممنهج هذا.
وعن كارثة فوكوشيما اليابانية, ذكرت اننا وكما جميع دول العالم, نقوم باستقاء العبر من هذه الكارثة المزدوجة والتي أكدت بشكل لا يقبل التأويل بأن جميع المفاعلات اليابانية (مجموعها 54) عملت كما يجب لها أثناء الهزة الأرضية التي تجاوزت أعلى التوقعات. ورغم بلوغها إلى 9 درجات على مقياس ريختر فإن بعض المفاعلات أغلقت نفسها أوتوماتيكيا ومن دون أي حادث نووي بينما استمر البعض الآخر في الشاطئ الغربي بالعمل بشكل طبيعي حتى أثناء الهزة. إن ما حصل في اليابان كان نتيجة للتسونامي (وهو ما لن يحدث في الأردن) حيث وصل ارتفاع موجات المد البحري إلى أكثر من 14 مترا متجاوزة بذلك كل السيناريوهات والتوقعات. وقد قامت هذه الموجات اضافة إلى محو مدن بأكملها كما رأينا في التغطية التلفزيونية بتدمير جميع محطات الضخ وتوليد الكهرباء والتجهيزات الاحترازية وغيرها مما تسبب بالحادث النووي.
واشارت الهيئة الى ان ما حصل في اليابان كان نتيجة مباشرة لموجات التسونامي وليس للهزة الأرضية إضافة إلى أنه كان أكبر من أن يقدر عليه بشر أو تخطيط أو تكنولوجيا. وبينما لا تزال صورة التفاصيل الفنية والعلمية والتقنية غير مكتملة فإن هذا لا يعني أننا لن نراجع خططنا حسب ما تقتضيه الظروف وتمليه التطورات وصولا إلى التزامنا المطلق بأعلى مستويات الشفافية وأقصى ما تسمح به التكنولوجيا من أمن وأمان لتأمين احتياجاتنا الإستراتيجية المستقبلية من طاقة كهربائية نحتاجها لتقدم بلدنا الحبيب ولتحلية مياه البحر التي نحن بأمس الحاجة لها. وهنا نود أن نؤكد أن مفاعل الجيل الثالث من المفاعلات المزمع إنشاؤه في الأردن يحتوي على أنظمة أمان كامنة حاسوبية متطورة جدا ويحتوي على حجرات خاصة محصنة لاحتواء الوقود النووي في حال ذوبانه.
وجاء في البيان: بينما تصر هيئة تنسيق العمل البيئي على الحديث عن خبراء يقدمون تقارير ضد الطاقة النووية فإننا نُذَكِر بأنه لا يوجد مشروع علمي في العالم يحظى بإجماع المختصين, فهناك دائما من يدعو له ومن ينشط ضده. وبينما نعترف بحق الهيئة ونشطائها في التعبير عن رأيهم بل ومعارضة مشروع محطة الطاقة النووية فأننا ندعوهم كما دعونا دائما إلى إتباع أسلوب الحوار الهادف للمصلحة العامة والمبني على النقاش العلمي غير المبني على مواقف مسبقة.
وقالت إننا في هيئة الطاقة الذرية الأردنية نعمل بتنفيذ مشاريع يتم إصدارها بقوانين أردنية من خلال التعاون الوثيق والعمل يدا بيد مع الحكومة الأردنية وأعضاء مجلسي النواب والأعيان الذين سينظرون مستقبلا في مشروع قانون بناء محطة الطاقة النووية قبل الشروع بالبناء. ونؤكد في الختام أن الهيئة منفتحة على كل الأفكار والطروحات العلمية والهادفة وأنها مستعدة لطرح هذا المشروع الوطني والاستراتيجي لاستفتاء عام إذا ما دعت الحاجة لذلك.