صحيفة العرّاب

تقرير:حقوق المستثمرين بالبورصة تتآكل ورواتب مدراء الشركات المساهمة تتعاظم

 رين في الشركات المساهمة من العديد من التحديات نجمت بشكل أساسي عن التراجع الملموس في أسعار الأسهم منذ بداية عام 2009، والتي جاءت انعكاساً للأزمة المالية التي ضربت مختلف الاقتصاديات العالمية من جانب وللعديد من ممارسات كبار المضاربين في بورصة عمان من جانب آخر.

طالب التقرير بالحفاظ على وحماية حقوق صغار المستثمرين من حملة الأسهم، والذين يشكلون شرائح مهمة من الطبقة الوسطى التي تتآكل سنة بعد أخرى. ووضع تشريعات تضمن الحقوق لجميع الأطراف، وتحد كذلك عدم المبالغة في تحديد رواتب وامتيازات الإدارات العليا في الشركات.

وبحسب التقرير فانه وعلى الرغم من استعادة غالبية أسواق المال العالمية عافيتها أو بعضها خلال عام 2010، إلا أن حال أسعار الأسهم في  سوق عمان المالي تعمق تراجعها أكثر.

ويقول التقرير أن مختلف القراءات التقت على أن الارتفاعات الكبيرة في أسعار الأسهم خلال العوام 2005-2007 كان مبالغا فيها للغاية، وخضعت لعمليات مضاربة كبيرة سرعان ما انهارت عندما خضعت لاختبار الأزمة الاقتصادية.  

وتطرق لبعض تداعيات حالة الانهيار التي أصابت أسعار الأسهم في سوق عمان المالي، والمتمثلة في الأزمة المضاعفة التي يعاني منها صغار المستثمرين، والناجمة بشكل أساسي من تراجع أسعار أسهمهم من جانب، ومن جانب آخر الحرمان من توزيع الأرباح إما بسبب الخسائر التي حققتها الشركات التي يستثمرون فيها، أو بسبب حرمان مجالس إدارة الشركات المساهمين من حصصهم من أرباح هذه الشركات، مستخدمة بذلك العديد من .

واشار التقرير الى ان العديد من مجالس الإدارة في الشركات المساهمة بالاستفادة من امتلاكها لغالبية أصوات الهيئات العامة القائمة على حصصهم بالأسهم، من خلال الانفراد باتخاذ قرارات مالية وإدارية تحرم صغار المساهمين من حق الانتفاع من عائدات الأسهم التي يمتلكونها من خلال عدم توزيع الأرباح حال تحققها، الأمر الذي يؤثر سلبا على الموقف المالي لصغار المساهمين.

ولفت الى أن عشرات الشركات سواء تلك التي حققت أرباحاً أو تعرضت لخسائر، يتم استنزاف إيراداتها وعائداتها من خلال الارتفاع الكبير للرواتب والمكافئات والامتيازات التي يحصل على المدراء والرؤساء التنفيذيين ونوابهم ومساعديهم وبعض أعضاء مجالس الإدارة.

ووفقاً للتقرير لوحظ أن الارتفاعات الكبيرة في الرواتب والمكافئات والامتيازات لا تقتصر فقط على الشركات التي تحقق أرباحاً فقط، لا بل هنالك العديد من الشركات المساهمة التي تعرضت لخسائر ولسنوات متتالية يحصل مدرائها ورؤسائها التنفيذيين ومساعديهم على رواتب ومكافئات وامتيازات عالية جداً لا بل أن بعضها خيالي.

وقال:هنالك العديد من الشركات لا تفصح عن رواتب ومكافئات وامتيازات مدرائها ورؤسائها التنفيذيين ومساعديهم، وتفضل دفع الغرامة المترتبة على عدم الإفصاح إلى هيئة الأوراق المالية والبالغة ( 10000 ) دينار، لأن عدم الإفصاح عنها يعد مخالفة لتعليمات هيئة الأوراق المالية. الأمر الذي يخفي وراءه رواتب وامتيازات يمكن لها أن تصدم صغار المساهمين والمجتمع حال الإفصاح عنها، وهذا ما يدفع إدارات هذه الشركات للامتناع عن الإفصاح عنها، وتدفع طوعاً الغرامات المترتبة على ذلك.

وبشأن رواتب المدراء قال :"باستعراض سريع لبعض الرواتب التي يحصل عليها بعض المدراء والرؤساء التنفيذيين والمفصح عنها في البيانات المالية لبعض الشركات المساهمة وفقا لتعليمات هيئة الأوراق المالية (عينة منتقاة)، نتعرف على حجم الأضرار الكبيرة التي يتسبب بها ارتفاع رواتب ومكافئات وامتيازات المدراء والرؤساء التنفيذيين ونوابهم ومساعديهم على وضع هذه الشركات، سواء باستنزاف عوائدها أو بتعريضها للخسائر. والتي تعكس حجم استهتار إداراتها ممثلي كبار المساهمين بحقوق صغار المساهمين والمستثمرين".

وبحسب الأرقام فإن احدى الشركات التي تعمل في مجال الاستثمارات المالية والتي يبلغ رأس مالها ( 10) مليون دينار يبلغ راتب مديرها العام (126) ألف دينار سنوي، إلى جانب راتب نائبه أيضا والذي يبلغ أيضا ( 120) ألف دينار، وحسب التقارير المالية الصادرة عن هذه الشركة فقد بلغت خسائرها في عام 2010 (1.25) مليون دينار، في حين كانت أرباحها في عام 2009 ( 36) ألف دينار. هذا إلى جانب الامتيازات والمكافئات الأخرى والتي تشمل السيارات وبدل الاجتماعات ونفقات الهواتف الخلوية والمياومات وغيرها. ولم تقم هذه الشركة بتوزيع أية عوائد على حملة الأسهم بسبب الخسائر التي تعرضت لها في عام 2009 والأرباح المتواضعة التي حققتها عام 2010.

وتكشف أرقام شركة أخرى تعمل في القطاع الصناعي والتي يبلغ رأس مالها (  6 ) ملايين دينار، أن راتب المدير العام يبلغ ( 70 ) ألف دينار سنوي فيما يبلغ راتب نائبه الذي هو شقيقه ( 50 ) ألف دينار سنوي، في الوقت الذي تشير التقارير المالية الصادرة عن الشركة إلى تكبدها لخسائر في العام 2010 بقيمة 182 ألف دينار، ولم توزع هذه الشركة أية أرباح على المساهمين منذ 15 سنة سوى مرة واحدة وبواقع 5 قروش للسهم.

واشار التقرير الى ان شركة قابضة يبلغ رأسمالها (15) مليون دينار تعرضت لخسائر في في الأعوام 2008 و 2009 بواقع (171) و (330) الف دينار على التوالي ، وحققت أرباح متواضعة جدا في عام 2010 بواقع (70) ألف دينار، في الوقت الذي يتقاضى مديرها العام راتبا سنويا مقداره (154) ألف دينار، إلى جانب العديد من الامتيازات والمكافئات الأخرى.

كما ان هنالك شركة تعمل في مجال التأمين يبلغ رأسمالها (18 ) مليون دينار، حققت أرباحا في عام 2010 بمقدار (700) الف دينار، يتقاضى مديرها العام راتبا سنويا قدره (145) دينار غير الامتيازات والمكافئات الأخرى. ولم توزع هذه الشركة أية عوائد على حملة الأسهم منذ عامين، على الرغم من تحقيقها لأرباح جيدة.

وفي شركة أخرى تعمل في مجال العقارات يبلغ رأسمالها (6) ملايين دينار، حققت أرباحا في عام 2010 قدرها (410) دينار، يحصل مديرها العام على راتب سنوي قدره (75) ألف دينار إلى جانب الامتيازات والمكافئات الأخرى.

وبحسب التقرير يعلل بعض كبار المستثمرين والمدراء والرؤساء التنفيذيين ارتفاع هذه الرواتب والامتيازات بالجهود الكبيرة والمتميزة التي بذلها هؤلاء الإداريين والتي لولاها لما حققت هذه الشركات انجازاتها وأرباحها، إلى جانب ملكيتهم لحصص كبيرة من أسهم الشركات الأمر الذي يخولهم لإدارتها. وفي هذا المجال نرى أن أبسط قواعد حوكمة الشركات يتمثل في الفصل بين ملكية الشركة وإدارتها، بالإضافة إلى أن حماية حقوق المساهمين (صغارا وكبارا) يعد من أوائل أهداف مجالس الإدارة، وهو من الأسس التي تقوم عليها فلسفة حوكمة الشركات. وإن تبديد عائدات الشركات لفئة كبار المديرين والرؤساء التنفيذيين ومساعديهم يخالف أسس هذه الحوكمة.

وانتقد التقرير تبرير ارتفاع رواتب وامتيازات هذه الفئة، بالجهود الفريدة التي يبذلونها،الأمر الذي يفضي إلى تحقيق الأرباح لهذه الشركات، فهذا يتنافى مع الأرقام التي تظهر خسائر متوالية أو أرباح متدنية، لا تتناسب مع ما يحصل عليه المدراء نظيرا لتحقيقها.

وقال ان الارتفاع الكبير في رواتب المدراء وامتيازاتهم كذلك  ادى إلى تفاقم الفجوات بين رواتب الغالبية الساحقة من العاملين في هذه الشركات، ويعمق الاختلالات الاجتماعية داخل المجتمع، ويزيد من حالة الاحتقانات الاجتماعية فيها بسبب الإحساس بغياب العدالة. الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية، وهذا يفسر في جانب منه التزايد الكبير في أعداد الاحتجاجات العمالية في الأردن والتي سجلت في العام 2010 ما مجموعة ( 140) احتجاج وتنامت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 2011  ووصلت إلى ( 250 ) احتاجا. والتي جاء جزءا كبيرا منها بسبب غياب العدالة في توزيع الرواتب والامتيازات بين كبار الموظفين من جهة والغالبية الساحقة منهم.

واشار الى حالات لم نستطيع توثيقها بسبب غياب الإفصاح للشركات ذات العلاقة، تصل فيها رواتب وامتيازات العديد من المديرين والرؤساء التنفيذيين فيها ملايين الدنانير سنويا.

وتساءل حول الأدوار التي يفترض أن تقوم بها وزارة الصناعة والتجارة من خلال دائرة مراقبة الشركات، وهيئة الأوراق المالية في حماية حقوق صغار المساهمين في الشركات المساهمة العامة من انفراد كبار المساهمين في اتخاذ القرارات الإدارية والمالية، والمبالغة في رواتب وامتيازات كبار المدراء في العشرات من الشركات المساهمة، ومطالبة كذلك بتمكين صغار المساهمين من تحصيل حقوقهم في عوائد أسهمه.