أظهرت إحصائيات جديدة عن سوق العمل في منطقة الخليج، أن عشرات الآلاف فقدوا أعمالهم خلال النصف الأخير من عام 2008، وفي المقابل تظهر يوميا آلاف من فرص العمل الجديدة في المنطقة.
وألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها على سوق العمل الخليجية التي فقدت بريقها السابق كوجهة مختارة للكفاءات والخبرات حول العالم، وبدأت موجة تسريحات طالت آلاف الموظفين على امتداد الخليج، وتركزت بشكل كبير في قطاعات الإنشاءات والعقار والبنوك.
وفي رصد لـ"الأسواق.نت" استمر مدة أسبوع لحركة الوظائف عبر وسائل الإعلام ظهر أن الصفحات الخاصة بالتوظيف في صحف كل من الإمارات والسعودية وقطر مليئة بعروض العمل وطلبات الباحثين عن الوظائف، مع ملاحظة أن أعداد طالبي العمل تفوق بكثير عدد الوظائف المتوفرة، مع تركز الوظائف الجديدة في قطاع الخدمات والتعليم والصحة بعد أن كانت فترة طويلة تتركز في قطاع العقارات والإنشاءات والبنوك وإدارة الشركات.
وكشفت شركة أدفانتج للاستشارات الإدارية والاقتصادية -ومقرها الكويت- عن أرقام جديدة عن سوق العمل الخليجي بدت مثيرة للغاية، ولا سيما المتعلقة بحجم التسريحات.
وقالت رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة، صفاء الهاشم، لـ"الأسواق.نت" عبر الهاتف من الكويت "إن أكثر من 138 ألف عقد عمل تم إلغاؤه خلال النصف الأخير من عام 2008 في كل من أبوظبي والسعودية والكويت".
وبخصوص حجم التفنيشات في دبي قالت "إن العدد كبير للغاية"، وفضلت انتظار تقرير خاص ستصدره الشركة يوم الثلاثاء المقبل 21-4-2009 يشمل جميع التسريحات بالأرقام المعتمدة من وزارات الشؤون والعمل في الدول الخليجية".
وفي اختصار للتقرير قالت الهاشم "إن قطاع العقارات شهد تسريح 48% من موظفيه، تلاه قطاع المصارف 24.5% والقطاع التشغيلي المتعلق بالنفط 13.8 % من إجمالي العاملين فيه"، وأكدت أن التقرير سيعطي تفصيلا حقيقيا لواقع سوق العمل وحجم التسريحات.
من جانب آخر لسوق العمل، يظهر على موقع بيت دوت كوم أكبر المواقع المتخصصة في مجال التوظيف في منطقة الشرق الأوسط عدد كبير من الوظائف الجديدة يوميا في منطقة الخليج.
وقال المدير الإقليمي للشركة، عامر زريقات "إن عدد فرص العمل الجديدة المعروضة في الخليج عبر موقع "بيت دوت كوم" ليوم الخميس 16-4-2009 وصل إلى 5450 وظيفة، أغلبها في الإمارات والسعودية بـحصة 800 وظيفة لكل منهما، تليهما قطر بـ500 وظيفة، ثم الكويت بـ250 وظيفة".
وأكد زريقات في حديث لـ"الأسواق.نت" أن سوق العمل يشهد تحسنا مع بدء تحرك حكومات الخليج لمواجهة تبعات الأزمة المالية العالمية، لكنه رفض التكهن بالمدة الزمنية المطلوبة لعودة البريق السابق إلى سوق العمل الخليجية.
وحول أعداد الباحثين عن عمل قال زريقات "إن نحو نصف مليون باحث عن عمل جديد سجلوا لدينا منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم". وهذا يعطي إشارة إلى أن أعداد الباحثين عن عمل في ازدياد مضطرد.
وقال زريقات "إن الفرص الوظيفية الجديدة تتوزع على جميع القطاعات، لكنها تتركز أكثر في قطاعات النفط والغاز والتعليم والصحة والخدمات والتكنولوجيا"، وهو ما يتوافق مع رصد لـ"الأسواق.نت" لمدة أسبوع، تابعت خلاله حركة الإعلانات في عدد من الصحف التي تصدر من السعودية والإمارات وقطر.
واتضح من الرصد الذي استمر من يوم الجمعة وحتى أمس الخميس أن أيام الأحد وحتى الأربعاء ترتفع فيها نسبة عرض الوظائف التي باتت تتركز أغلبها في قطاعات الخدمات والتعليم والصحة والتكنولوجيا والمهن العادية كالخياطة والحلاقة وغيرها.
وكان ملاحظا أن قطاع العقارات والبنوك لم يعودا قادرين على توفير فرص عمل جديدة، وسجل القطاعان خلال ثمانية الأشهر الماضية أكبر موجة تسريح للموظفين في منطقة الخليج.
إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي الخليجي، جاسم حسين: "لا توجد بدائل دولية أمام الكفاءات والخبرات، حيث يعاني كل العالم من تبعات الأزمة المالية، ومنطقة الخليج هي الأقل تضررا مقارنة بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، لذا فإن سوق العمل في الخليج لا يزال يحافظ على جزء كبير من بريقه السابق".
وأشار حسين إلى خطوات فعلية انتهجتها حكومات الخليج تدعم بشكل غير مباشر استقرار سوق العمل، وذكر على سبيل المثال إقرار الكويت وتنفيذها لقانون الاستقرار المالي الأسبوع المنصرم. وطالب بانتهاج سياسات مماثلة وخطوات تحفيزية في بقية دول الخليج.
وقال "يجب الحؤول دون تحول الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية في قطاعات جديدة، بحيث يقود إلى تسريح الكثير من العمالة كما حدث في قطاعات الإنشاءات والبنوك".
وتوقع عودة البريق الكامل إلى سوق العمل الخليجي عام 2010، مستندا في توقعه إلى ما قال "إن الأزمة وصلت القاع ولا يمكن أن تسوء الأمور أكثر، بل على العكس نحن في طور استعادة الثقة وبداية التحسن".
وتحولت مهمة توفير الوظائف إلى تجارة تدر ملايين الدولارات سنويا على شركات التوظيف والمواقع الإلكترونية، كما أن معارض خاصة على غرار معارض العقارات والتقنية انتشرت في الآونة الأخيرة لتشكل منصة عرض للوظائف وإنعاش لأعمال تلك الشركات والمواقع.
ولا تزال الصفحات الخاصة بالتوظيف في صحف كل من الإمارات والسعودية وقطر مليئة بعروض العمل وطلبات الباحثين عن الوظائف، وأصبح ملاحظا أن أعداد طالبي العمل تفوق عدد الوظائف المتوفرة.