لغز اختفاء أحد رجال الأعمال، ثم ظهوره فجأة صباح الثلاثاء (13 نيسان/إبريل) بعد 24 يوما من اختفائه، يثير علامات استفهام حول ملابسات غيبته القسرية. فبيما يؤكد ذووه أنه اختُطف وأُعيد بعد أن دفعوا فدية للخاطفين، ينفي المشتبه بهم هذا الادعاء.
سبق أن اتُّهم هؤلاء وهم “عيال عناد الفايز”، وعددهم ستة، باختطاف أحد أفراد عائلة حتّر قبل سبع سنوات، على خلفية قضية تجارية وعقارية.
جمال محمد صالح عامر 43 عاما، أب لخمسة أبناء كان ظهر مجددا صباح الثلاثاء في دير غبار، بعد أن قفز من شقّة كان محتجزا فيها، على ما يؤكد شقيقه خلدون.
مصدر أمني مطلع على مجريات التحقيق أبلغ “السجل” أن جمال العامر قدم أربع روايات مختلفة ومتناقضة حول الجهة الخاطفة، وما حدث في فترة غيابه.
يصر خلدون لـ”السجل” على أن “الخاطفين أفرجوا عن أخيه مقابل فدية قدرها 130 ألف دينار دُفعت بموجب شيك بنكي بعد مفاوضات “ أدت إلى تخفيض مبلغ الـ 280 ألف المتنازع عليه بين الطرفين إلى النصف تقريبا. وقال خلدون: “تم تسليم الشيك مساء الاثنين إلى شريك لطراد عناد الفايز”، تلا ذلك ظهور جمال عامر.
طراد الفايز نفى لـ”السجل” بشدة أي علاقة له أو لعائلته باختفاء الشاب، وأضاف أن ذوي جمال عامر ادّعوا على عائلته، للتهرب من دفع 205 آلاف دينار، هي حق لعائلته في ذمة جمال.
وبين الفايز انه استجاب الى طلب الأمن العام وقوات البادية بتفتيش منزله ومزارعه الـ 17 في أي وقت شاءوا من أجل دحض ادعاءات عامر، مبينا أنه يمتلك اوراقاً قانونية تبين أن خلدون عامر مدين له، الفايز زاد بالقول “ احنا مضروبين بحجر كبير” وإذا ما “ادعى أحد علينا يقال بأننا مذنبون”.
وشدّد الفايز على أن الشيك الذي “تم إيداعه لدى وليد العساف، لا علاقة له بحادث اختفاء جمال”، وإنما “لإغلاق ملف قضية رفعها طراد على عامر قبل عامين”، وحكمت له المحكمة بإلزام عامر بدفع المبلغ المذكور.
شقيق عامر يؤكد أنه “استأنف الحكم قبل عامين، وحصل على قرار بفسخ الحكم السابق قبل أسبوع من اختفاء شقيقه”، ما دفعه للربط بين اختفاء شقيقه وتلك القضية.
لكن الفايز يرد على ذلك بالقول إنه لم يخسر الاستئناف، بل “أعيد ملف القضية إلى محكمة جنوب عمان للاستماع إلى إفادة أحد الشهود”.
وقال الفايز إن “الأردن دولة قانون ومؤسسات”، وأنه لجأ إلى “القضاء لتحصيل حقه”، نافيا أي علاقة لعائلته بحادث اختفاء جمال. ويضيف: “ما يدعيه خلدون عامر هو في الحقيقة فيلم هندي”، موضحاً أنه “أمضى ثلاث سنوات في المحاكم”، ولا يمكن أن يُقْدم على اختطاف جمال بعد أن أصبحت “اللقمة في الثم”.
أما خلدون، فيتهم عائلة الفايز بـ”خطف” شقيقه، بغرض “ابتزازه لدفع فديه مالية”، مبيناً أن “جمال هرب من شقة سكنية في منطقة دير غبار” بعد أن تم “نقله إليها من مزرعة تعود ملكيتها إلى عائلة عناد الفايز”. وقال أيضا إن شقيقه “أمضى أربعا وعشرين يوما داخل حفرة في المزرعة ا دون علاج تعرض خلالها للضرب، وحُرم من العلاج مع أنه يعاني من مرض السكّري”. وتابع: “ما زالت آثار الكدمات بادية على جسمه، وهو يعاني من هزال شديد، إذ إنه لم يأكل طوال تلك الفترة سوى “حبات بندورة وأرغفة خبز”.
وبيّن أن الجهات المختصة لم “تستطع العثور على أي بصمات على جسم أخيه الذي تم تخديره وتنظيف جسمه بالماء ونقله من الحفرة إلى الشقة في منطقة دير غبار”. وحين “استفاق شقيقه من التخدير قفز من شرفة الشقة الواقعة في الطابق الأول، ما أدّى إلى إصابته بكسور وجروح”، ثم “استقل سيارة أجرة، وتوجه إلى بيته في الساعة الثامنة والنصف صباح يوم الثلاثاء”.
خلدون يؤكد أنه بصدد رفع دعوى ، بتهمة “اختطاف” شقيقه، مطالبا “الجهات المعنية بتتبع القضية، والنيل من الذين عذبوا شقيقه”، وأكد أنه “تم الكشف عن هوية مستأجر الشقة في منطقة دير غبار، وهو من قبيلة بني صخر استأجر الشقة قبل أيام مقابل 250 ديناراً”.
وكان ذوو جمال أكدوا أن ابنهم اختُطف على يد أبناء عناد الفايز، أحد شيوخ قبيلة بني صخر، من أجل الحصول على فدية تصل إلى 270 ألف دينار، الأمر الذي نفاه الفايز متهماً العامر بـ”تلفيق القضية بهدف عدم تسديد دَين مترتب عليه”.
اتهام عامر للفايز جاء على خلفية خلافات بين شقيق المختطف، خلدون عامر، الذي كان يرتبط بتجارة أراضي وصداقة امتدت سنوات مع طراد الفايز. إلا أن الخلاف دب بين الفريقين قبل سنتين، بحسب أحد أقرباء الفايز فضّل عدم نشر اسمه.
وكان الخلاف يدور حول 180 ألف دينار دفعها طراد الفايز لخلدون عامر لمشاركته في صفقة لشراء أرض، إلا أن العامر رفض إعادة المبلغ إليه، بحسب قريب الفايز نفسه.
إلا أن خلدون بيّن لـ”السجل” أنه “دفع المبلغ لشقيق طراد الفايز الذي أنكر أنه استلم المبلغ”، حيث عمد طراد الفايز إلى رفع قضية على خلدون، وحكمت محكمة جنوب عمان لصالح الفايز.
وفي تاريخ 21/3/2009، قدم ذوو عامر شكوى لدى الجهات الأمنية بدعوى اختطاف ابنهم من قبل أبناء عناد الفايز.
يؤكد خلدون عامر أن شقيقه تعرض لعملية اختطاف في السابعة من مساء السبت 21 آذار/مارس، وتم اقتياده إلى طريق المطار، حيث تم العثور في اليوم التالي على السيارة التي يقودها شقيقه في منطقة القسطل بجانب مسجد ممدوح الفايز ملطخة بالدماء والغبار والطين.
وكان جمال العامر اتفق مع رجل أعمال سعودي على بيعه فيلا في عمان مقابل 700 ألف دينار بحسب شقيقه خلدون.
يقول خلدون إن رجل الأعمال كان أخبر جمال هاتفيا أنه يرغب في شراء فيلا بقصد الإقامة فيها. ويضيف أن جمال ذهب إلى مطار الملكة علياء لاصطحاب رجل الأعمال الذي اختفى منذ ذلك اليوم. وفي الطريق جرى اختطاف جمال. ويعتقد خلدون أن رجل الأعمال هذا لم يكن سوى فخّ من الخاطفين.
ويبيّن أن الخاطفين طالبوه بفدية مقدارها مئتان وسبعون ألف دينار لإطلاق سراح شقيقه، حيث عمد إلى “إبلاغ الجهات الأمنية، واتباع أسلوب العشائر، إلا أن الخاطفين أفادوه أن لا جدوى إلا بالإذعان لمطالبهم لإطلاق سراح شقيقه.
خلدون تقدم بالتماس الى الديوان الملكي لعرض قضيته، مبينا أنه تلقى تأكيدات من الديوان ورئاسة الوزراء ووزير الداخلية ومدير الأمن العام بمتابعة قضية شقيقه، ونيل الخاطفين جزاءهم.
الفايز، وبحسب قريبه، التقى مدير الأمن العام مازن القاضي الأسبوع الماضي، حيث “نفى أي صله له أو لأبنائه بحادث الاختطاف”، مبينا أن أبناءه المتهمين “كانوا في سورية في الفترة التي تم قيها اختفاء الشاب”، متهما خلدون “بإخفاء شقيقه من أجل التنصل من دفع المبلغ المستحق عليهم”.
وكان ميخائيل حتر (صاحب محل مجوهرات) ادعى قبل سبع سنوات أنه “اختُطف” من قبل عائلة عناد الفايز من منطقة الصوفية، واحتُجز لمدة 24 ساعة في مزرعة الفايز في منطقة القسطل، حيث تم توقيعه على أوراق. وكانت القضية تدور حول مبادلة أرض يمتلكها الفايز بفيلا يمتلكها أحد أقرباء حتر، حيث اتهم الأخيرُ طراد الفايز بتضليله وبيعه قطعة أرض غير المتفق عليها مقابل فيلا في منطقة الصويفية. السجل