أكد محللون سياسيون أن تكليف جلالة الملك عبدالله الثاني من قبل القادة العرب لنقل وشرح الموقف العربي ازاء التطورات في المنطقة والتغيرات التي طرأت على الموقف الإسرائيلي والتي تهدد السلام الى الإدارة الأميركية، يمثل تقديرا عربيا للمهمة الجليلة وللدور الذي اضطلع به جلالته منذ بداية عهده للدفاع عن الحقوق العربية والدعوة للسلام والاعتدال في المنطقة.
وقالوا إن مرد تكليف جلالة الملك كون أن لجلالته وللاردن مصداقية عالية في الغرب وبالذات في الولايات المتحدة، ولكون الاردن ليست له أي أجندة في المسألة الفلسطينية.
وقال وزير الإعلام الأسبق نصوح المجالي بالتأكيد إن هذا التكليف لجلالة الملك لشرح ونقل الموقف العربي ازاء تطورات المنطقة والتغيرات التي طرأت على الموقف الاسرائيلي والتي تهدد السلام، يمثل تقديرا عربيا للمهمة الجليلة وللدور الذي اضطلع به جلالته منذ بداية عهده للدفاع عن الحقوق العربية والدعوة للسلام والاعتدال في المنطقة.
وبين أن جلالته سيحمل لواشنطن والإدارة الاميركية الجديدة كما لعواصم العالم الأخرى الموقف العربي الموحد والمبادرة العربية للسلام ما يعبر عن الثقة بالدور الأردني وبدور جلالة الملك ولمكانته في المجتمع الدولي، وهذه المرحلة تتطلب تحركا دبلوماسيا عربيا نشطا يبدأه جلالته في أهم الساحات الدولية.
وأوضح أن الدبلوماسية العربية التي يقودها جلالته مهمتها أن تكشف العودة الإسرائيلية الى التقوقع والتطرف بعد أن استنفدت الحكومات الإسرائيلية جميع اشكال المماطلة والمناورة لتعطيل السلام وكسب الوقت للتوسع في التهويد والاستيطان.
وقال إن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة التي أقر بعضها تفاهمات واتفاقات بشأن السلام عاد بعضها الآخر وألغى هذه الاتفاقات أو تجاوزها.
وأضاف المجالي ان هناك فرصة يدفع بها العرب وجلالة الملك لان يكون المجتمع الدولي الى جانب الحق العربي وفي مواجهة التطرف الذي تمثله حكومات اسرائيل، مع التوضيح أن اسرائيل تعرض المنطقة ومصالح العالم للخطر لانها ترفض دفع ثمن السلام.
وبين ولأن اسرائيل تريد سلاما بأي ثمن، أي الاستسلام للاحتلال والرضوخ للأمر الواقع، فمهمة جلالة الملك هي الدعوة لإعادة مسار السلام بجهد دولي جماعي يحمل اسرائيل على احترام الاتفاقات التي التزمت بها والتأكيد على قرارات الشرعية الدولية كمدخل لانهاء الصراع في المنطقة.
وقال وزير الداخلية الاسبق المهندس سمير الحباشنة إن تكليف جلالة الملك بهذه المهمة العربية لأن لجلالته وللاردن مصداقية عالية في الغرب وبالذات في الولايات المتحدة، ولكون الاردن ليست له أي أجندة في المسألة الفلسطينية، فكل هذه العوامل الموضوعية تؤهل جلالته والاردن لأن يكون ممثل العرب والمتحدث باسمهم.
وأضاف أن تكليف العرب لجلالته يعني أن العرب على جاهزية عالية للدخول في استئناف مفاوضات السلام الحقيقية على اعتبار أنه ولأول مرة توجد لدى العرب مبادرة للسلام وهي محل اجماع جميع العرب، وهي رؤية واقعية وعادلة لجميع أطراف الصراع وتشكل أساسا للحل.
وقال الحباشنة إن جلالة الملك وفي سياق العملية السلمية سيضع الادارة الاميركية الجديدة في صورة المبادرة العربية، والتوجه الاستراتيجي للعرب نحو عملية السلام، وفي ضوء ذلك علينا أن لا نستبق الاحداث بانتظار ما سنراه في حقبة الادارة الاميركية حول هذا الموضوع خصوصا وأن الرئيس الاميركي باراك أوباما أبدى استعداده لحل المسألة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وهذا يتوقف على إرادة العرب وتوظيف قدراتهم من أجل تحقيق ذلك.
وقال المحلل السياسي الدكتور إبراهيم بدران إن أهمية زيارة جلالة الملك تأتي من خلال محورين رئيسين، الاول تغير الادارة الاميركية ووصول اوباما الى السلطة وهو تغير ليس شكليا أو تغير أشخاص، وانما تغير في السياسات والاتجاهات، وفي العلاقات الاميركية الدولية، وفي أساليب العمل الاميركية تجاه المشكلات الدولية وفي مقدمتها منطقة الشرق الاوسط سواء أكان الاحتلال الاميركي للعراق أو القضية الفلسطينية أو افغانستان.
وأضاف ان هذا يعني أن الفرصة مواتية للجانب العربي لإعادة طرح الموضوع الفلسطيني بلغة مختلفة لإدارة ذات عقلية ورؤى مختلفة.
وحول المحور الثاني، قال: "هو نتائج الانتخابات الاسرائيلية وبروز حكومة يمين اليمين الممثلة بنتنياهو وليبرمان وما أعلنته هذه الحكومة من مواقف تجلت في عدم الاعتراف بحل الدولتين وعدم الاستعداد للنظر في جهود السلام السابقة واعتبار أن الموضوع الفلسطيني سلام مقابل أرض وانما هو سلام مقابل سلام أو مسألة اقتصادية.
وأضاف لقد أصبح من الضروري أن يخاطب الادارة الاميركية زعيم عربي قادر على التعبير عن الرؤية العربية لموضوع النزاع في الشرق الاوسط بلغة يتداولها المجتمع الغربي والدوائر السياسية الغربية، وفي الوقت ذاته تمثل جوهر التطلع العربي والفلسطيني نحو السلام القائم على الشرعية الدولية.
وقال بدران إن مبادرة السلام العربية التي انطلقت في العام 2002 والتي لم تأخذها اسرائيل مأخذ الجد حتى الآن تتطلب ان تنقل الى الادارة الاميركية الجديدة بوضوح وواقعية، وهنا يأتي دور الاردن ودور جلالة الملك في هذا المجال.
وأضاف أنه من المتوقع أن ينقل جلالته الى إدارة اوباما خطورة الموقف في الشرق الاوسط اذا ما استمرت اسرائيل على نهجها في القتل والتجويع والحصار على الفلسطينيين والجدار العازل واقامة المستوطنات مما يساعد على استمرار التوتر الذي من شأنه أن يضر بالمصالح العربية والاميركية ويضر أيضا بالسلام العالمي.
وبين أن جلالته سيوضح أيضا لاوباما أن الجانب الفلسطيني على استعداد للسلام على الحل الذي وافقت عليه الادارة الاميركية السابقة وكذلك وافق عليه أوباما وهو حل اقامة الدولتين.
وقال بدران إن جلالة الملك سيبين أن ما تحاول حكومة نتنياهو تسويقه في العالم من أن المسألة هي مسألة اقتصادية، والتخفيف الانساني على الفلسطينيين، هذه البضاعة زائفة ولن تؤدي الى سلام واستقرار، وبالتالي على الادارة الاميركية ان لا تشتري مثل هذه البضاعة.
وأوضح أن جلالة الملك سيؤكد لاوباما أن الدول العربية جاهزة لان تضع وزنها وثقلها من أجل تحقيق السلام في المنطقة وانهاء حالة الصراع في اطار أسس تم الاتفاق عليها وهي حل الدولتين واعطاء الفلسطينيين الفرصة لإقامة دولتهم على ترابهم الوطني.
وقال عميد الدراسات الدولية في الجامعة الاردنية الدكتور عبدالله نقرش إن قيادة الاردن للجهود الدبلوماسية العربية بهدف التوصل الى تحريك الموقف الدولي بشأن القضية الفلسطينية ودفع مسار السلام بعد الانتخابات الاسرائيلية التي أفرزت أقصى حالات التطرف السياسي الاسرائيلي لم تحدث بمحض الصدفة وانما جاءت استمرارا للدور المركزي الذي قام به الاردن تاريخيا ويبرز دائما في الاوقات الصعبة, حيث إن المنهج السياسي الاردني تاريخيا وواقعا هو أفضل المناهج للتعاون مع المجتمع الدولي ومع أي توجهات سياسية أو تطورات تحدث على الصعيد الدولي أو على صعيد القوى المركزية الدولية كالولايات المتحدة الاميركية.
وأضاف انه بعد حرب 1967 كان الاردن هو الذي يقود الجهد الدبلوماسي العربي بشكل أساسي وفي مرحلة لاحقة لان محور السياسة الاردنية الدولية يقوم على تبني القضية الفلسطينية كقضية قومية عربية ووطنية اردنية، وكان الاردن هو الابرز في ادخال القضية الفلسطينية وممثليها الى المجتمع الدولي، مبينا أنه كان مظلة الوفد الفلسطيني الى مؤتمر مدريد العام 1991.
وقال إن الاعتراف العربي والدولي بدور الاردن كدور مركزي يرتبط أساسا بحقيقة سياسية مفادها أن الاردن يقع في قلب أي جهد سياسي قومي أو فلسطيني، وانه لا يمكن أن يصار الى أي فعل عسكري او سياسي يتعلق بالقضية الفلسطينية دون ان يكون للاردن رأي في ذلك.
واضاف ان جلالة الملك شخصيا مؤهل بحكم الموقع السياسي والاستراتيجي وسياسيا وثقافيا لمخاطبة القوى السياسية الحية والمتحركة في العالم الغربي وفي اميركا حيث إن الموقف التاريخي الاردني الدائم ينظر الى معالجة القضايا الدولية بالوسائل السلمية ولا سيما تلك المتعلقة بالشرق الاوسط.
واختتم، لهذا كله يعترف العرب ويقدرون حالة التميز الأردني في الإدارة السياسية وبناء شبكة العلاقات الدولية، ولذلك يسعون لاستثمار هذه الأهلية في تمرير مواقفهم واجتهاداتهم ورؤاهم عبر الموقف والرؤية الأردنية، ولا شك أن ذلك سيؤدي الى تراكم الإيجابيات في الحركة السياسية القومية بشكل عام.(بترا)