صحيفة العرّاب

قانون الانتخاب المقترح زاد عن الحد فانقلب الى الضد

د ونحن في غمرة الاحباط وتلاشي الامل في تحقق حلم الاصلاح المنشود وبناء منظومة اصلاح شاملة لكافة الجوانب التشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي ولا زلنا في مرحلة التأسيس والتخطيط لها..ذلك الاحباط وبوادر اليأس الذي كان سببه المباشر قضية سفر خالد شاهين وما احاط بها من غموض وتضليل واسئلة لم تجد اجابات حتى الان؟؟؟...اطل علينا قانون الانتخاب المقترح والذي هو حصيلة جهود شاقة ومضنية للجنة الحوار الوطني بعد اشهر حبلى بالنقاشات واللقاءات والشد والجذب وبعد مخاض عسير ولدت لنا مولودا مشوها لم يولد على الفطرة واستبقت أي انتقادات بتصريحات ضبابية تؤدي بالنهاية الى ان ارضاء الناس غاية لا تدرك...كعذر ومسوغ لاي خلل او تشوه في هذا المولود...ولن اخوض في ما شاب هذا القانون من مخالفات دستورية على اعتبار ان هذه المخالفات هي جزء من مشروع التعديلات الدستورية المنتظرة

...ولكن من المفروض ان كل تعديل في النصوص التشريعية سواء كانت دستورية ام قوانين عادية يجب ان ينطلق من فلسفة محددة و حكمة معينة يتوخاها المشرع ...ودون الخوض في التفاصيل فمن الملاحظ بأن جميع التعديلات التي طرأت على هذا القانون تنطلق من فلسفة وحكمة واحدة وهي اخراج قانون تتوفر فيه وسائل النزاهة لضمان انتخابات نزيهة ومجلس نيابي محصن من خلال اولا تشديد شروط العضوية في مجلس النواب وذلك بمنع اصحاب السوابق من الترشح حتى وان شملهم عفو. ثانيا ايلاء مهمة الاشراف السابق على العملية الانتخابية والتنفيذ اضافة الى الاشراف اللاحق للقضاء ونزعها من وزارة الداخلية ومن الحكام الاداريين....على اعتبار ان وزارة الداخلية والحكام الاداريين كانو يديرون الانتخابات السابقة على اهوائهم ومزاجهم الشخصي رغما عن انف القرار السياسي للحكومات السابقة؟؟؟؟؟

وهذه رؤيا قاصرة.. واستراتيجية عقيمة لعلاج المشكلة التي نعانيها..فلقد تعودنا كعرب ان نعالج آثار ونتائج المرض ولا نبحث في علاج المرض نفسه...وهذا اكبر دليل. إن القضاء الاردني قضاء نزيه وله تاريخ حافل بالنزاهة ونود كأردنيين ان يبقى قضاءنا بعيدا عن السياسة ودهاليزها فالوظيفة الاساسية للقضاء هي الفصل في المنازعات بتطبيق احكام القانون وصون سيادته وصولا الى تحقيق العدالة وحماية الحقوق...وإذا اردنا حقيقة ان يكون لدينا انتخابات نزيه وحرة فيكفي ان يكون للقضاء الحق الكامل في الفصل في صحة اجراءات العملية الانتخابية وموافقتها للقانون والتحقق من صحة النتائج وسلامتها.

..مع بقاء التنفيذ في يد السلطة التنفيذية اما بواسطة هيئة مستقلة او كما هو سابقا في يد وزارة الداخلية والحكام الاداريين والذين هم ايضا ابناء الوطن ولا يقلون نزاهة وحرصا عن القضاه ..وكانوا على الدوام جنودا مجهولين ينفذون السياسة العامه للحكومة دون الخوض في اسباب ونتائج تلك السياسة... ولا يليق ان يأتي هذا القانون ليحيدهم ويضعهم على الرف في اشارة ضمنية وواضحة بأن الخلل في ما سبق من انتخابات كان سببه اشراف الحكام الاداريين على العملية الانتخابية فهذا غير مقبول وفيه تشكيك بكل الانجازات التي حققتها وزارة الداخلية الاردنية والحكام الاداريين الاردنيين والذين كانوا على الدوام اصحاب الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في حفظ الامن الاجتماعي الاردني وخصوصية النسيج الاردني والتركيبة الاجتماعية والتي تتلائم مع مرونة وادارة وبراعة الحاكم الاداري اكثر من تلائمها مع نصوص جامدة وعمياء لا يستطيع القاضي الا ان يطبقها...ولطالما كان للحكام الاداريين الدور الاكبر والاهم في درء الجرائم ومنع حدوثها ..

.فالقاضي يرد الحقوق بعد سلبها وينصف المظلوم من الظالم اما الحاكم الاداري فهو الوقاية قبل وقوع الخطر فيحمي الحقوق قبل سلبها ويمنع الظلم قبل وقوعه والامثلة عديدة والكل يعلمها. وعليه فأن المادة 46 من القانون المقترح هي انجاز رائع وعظيم وهي كافيه للتأكد من نزاهة العملية الانتخابية مع اعطاء دور اشرافي وليس تنفيذي للقضاء في ادارة العملية الانتخابية. اما بخصوص المادة 25 فهي ضارة وغير مجدية من وجهين الاول ويتمثل في تحييد واقصاء الحكام الاداريين عن الاشراف على العملية الانتخابية فأما ان يكون لهم الاشراف الكامل واما ان لا يكون ويبقى الامر منوط بهيئة مستقلة اما الوجه الثاني فهو اقحام القضاء في عمل السلطة التنفيذية واشراكهم بالانتخابات بشكل مباشر وهذا مخالف لفلسفة وحكمة مبدأ الفصل بين السلطات...فكيف سيتم الطعن بنزاهة انتخابات لدى القضاء وكان القضاء شريكا في تنفيذها قيس عمر المعيش العجارمه