رفض أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور مشروع قانون الانتخاب المقترح واصفاً عمل لجنة الحوار الوطني بأنه" إمعان في التقسيم والتجزئة والتشتت".
وقال منصور في ورشة عمل أقامها مركز القدس للدراسات الثلاثاء (7/6) أن " الاصرار على تقزيم القائمة النسبية على مستوى الوطن، وتوزيعها على المحافظات، ووضع قيد ( المفتوحة ) على المستويين : الوطني والمحافظة لا يبقى أي احترام لارادة الأحزاب السياسية والقوى المجتمعية.
وتسائل "ان كان تقزيم نسبة القائمة النسبية على مستوى الوطن يسهم في احداث نقلة نوعية في الحياة النيابية، ويعزز دور الأحزاب في الحياة العامة ؟ وهل يمكن من الوصول الى حكومة برلمانية متجانسة في برامجها أم يضطرها الى ائتلاف من طيف واسع جداً من الأحزاب والتيارات والأشخاص يجعل الحكومة بلا برنامج ؟".
وانتقد منصور نظام الكوتا الذي أصرت لجنة الحوار على تعزيزه" لكون فالشعب الأردني شعب موحد على أكثر ما لدى الشعوب من جوامع، وتقسيم المواطنين على أسس عرقية أو طائفية لا يتفق مع حالة الانسجام والوئام بين أبناء الوطن، ولا يتفق مع الهدف الذي يؤكد على المواطنة ويدعو الى تعزيزها".
وقال "أن مبدأ أن المرأة لا تصل الى مجلس النواب الا عن طريق الكوتا لا يتفق مع كرامتها، ولا مع ما حققته من نجاح على المستويات العلمية والثقافية والمشاركة في الحياة العامة، بما في ذلك الحراك الشعبي الذي يمثل حضورها فيه أكثر مما تحدد لها الكوتا .
وأكد منصور في ورقته "أن النظام الانتخابي المقترح بتقزيم القائمة النسبية على مستوى الوطن، وجعلها مفتوحة، وتوزيعها على جميع المحافظات، وتكريس " الكوتا " ، واعتماد القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة، واقتراح بديل يجعل الحد الأعلى للناخب ثلاثة أصوات، واعتبار المرشح المستقل قائمة نسبية، وله ما للقائمة الحزبية أو الائتلاف، وترك نسبة الحسم للجهات المعنية، شكل خيبة أمل ليس بالنسبة لنا نحن الذين رفضنا المشاركة في عضوية اللجنة، لقناعتنا بعدم جدواها، وإنما لمن أملوا خيراً من ورائها ".
وقال "لقد نصت الرسالة الملكية على ضمانات لاحترام مخرجات اللجنة، المتمثلة في مسودتي قانوني الانتخاب العام والأحزاب، والتوصيات بالتعديلات الدستورية والقانونية اللازمة لتطوير الحياة النيابية والسياسية .كما نص كتاب تكليف اللجنة الصادر عن رئيس الوزراء على خلق حياة حزبية وديموقراطية متقدمة، وتشكيل حكومات عمادها الأحزاب، وتقديم مشروعين لقانونين توافقيين للانتخابات العامة والأحزاب يلبيان هذه الأهداف".
ونوه منصور إلى أن "شعبنا دفع الثمن غالياً منذ فرض عليه قانون انتخاب مشوه، انعكست نتائجه على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما قال أن الحركة الإسلامية "لم تنكن تضرب بالحصى حين توقعنا هذه النتيجة ولكننا كنا ندرك أن لجنة تحمل كل المتناقضات لا يمكن أن تخلص الى نتائج تحقق الاصلاح المنشود ".
وأضاف "إن الذي لا يدرك التحولات التي تشهدها المنطقة، ولم يتحرر من عقدة الخوف من نتائج عملية انتخابية نزيهة وشفافة، ولا يؤمن بحقوق متساوية لجميع المواطنين، لا يستطيع أن يكون جزءاً من عملية الاصلاح، وإنما يضع العصي في الدواليب، حتى نبقى نراوح مكاننا، ناسياً أو متناسياً أن الشعب الأردني في طول البلاد وعرضها يصر على الاصلاح".
نص ورقة منصور في الندوة ..
قبل الحكم على توصيات لجنة الحوار الوطني بشأن قانون الانتخاب، يجدر بنا التوقف عند موقع قانون الانتخاب في الحياة السياسية ، والأهداف المتوخاة من هذا القانون، فقانون الانتخاب كما بات معلوماً هو مفتاح الاصلاح في الحياة السياسية، نظراً لأهميته في تشكيل المجالس النيابية والحكومات على حد سواء . والأهداف هنا نشتقها مما جاء في الرسالة الملكية، وكتاب رئيس الوزراء لرئيس لجنة الحوار الوطني، والأهداف التي توافقت عليها اللجنة، كما وردت في الديباجة، وفي النظام الانتخابي المقترح .
فقد نصت الرسالة الملكية على ضمانات لاحترام مخرجات اللجنة، المتمثلة في مسودتي قانوني الانتخاب العام والأحزاب، والتوصيات بالتعديلات الدستورية والقانونية اللازمة لتطوير الحياة النيابية والسياسية .
كما نص كتاب تكليف اللجنة الصادر عن رئيس الوزراء على خلق حياة حزبية وديموقراطية متقدمة، وتشكيل حكومات عمادها الأحزاب، وتقديم مشروعين لقانونين توافقيين للانتخابات العامة والأحزاب يلبيان هذه الأهداف .
وقد حددت اللجنة جملة أهداف منها :
أن يمثل مشروع قانون الانتخاب والنظام الانتخابي نقلة نوعية في الحياة النيابية والعملية الانتخابية، ويحقق النزاهة والعدالة . وأن يتم تجميع القوى السياسية والاجتماعية وتآلفها في كتل أو مجاميع انتخابية مؤلفة من أحزاب وقوى مجتمعية، وأن يعبد الطريق أمام حكومة برلمانية، مما يسهم في نقل الحياة النيابية والسياسية والحزبية الى مرحلة متقدمة، وتعزيز دور الأحزاب والمجتمع المدني في الحياة العامة، وتأكيد مبدأ المواطنة وتعزيزه، وأن يكون النظام الانتخابي سهلاً في الفهم والتطبيق .
والسؤال الكبير : ما مدى تحقق هذه الأهداف في توصيات اللجنة ؟ وهل تمثل هذه التوصيات في حال اقرارها نقلة نوعية في الحياة النيابية والعملية الانتخابية ؟ وهل ترسخ مبدأ المواطنة وتعززه ؟ وهل تعبد الطريق أمام حكومة برلمانية، وتعزز دور الأحزاب والمجتمع المدني في الحياة العامة ؟
لقد استبعدت اللجنة من الحوار نظام القائمة النسبية على مستوى الوطن، وحصرت النقاش في نظامي :
1. النظام المختلط بين القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة، والقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن
2. النظام المختلط بين نظام الأغلبية على مستوى المحافظة، والقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن .
ثم استبعدت الخيار الثاني، وقصرت البحث على الخيار الأول، بعد أن قزمت القائمة النسبية على مستوى الوطن الى 15 مقعداً، أي ما يعادل 11.5% من مقاعد مجلس النواب . ولم تكتف بذلك، بل حسمت ( 12 ) مقعداً منها ابتداء بتوزيعها على المحافظات، وجعلتها قائمة نسبية مفتوحة، تاركة للناخب أن يختار من القائمة المرشح الذي يريد، والعدد الذي يرغب في انتخابه .
والسؤال هنا : هل الاصرار على تقزيم القائمة النسبية على مستوى الوطن، وتوزيعها على المحافظات، ووضع قيد ( المفتوحة ) على المستويين : الوطني والمحافظة يبقى أي احترام لارادة الأحزاب السياسية والقوى المجتمعية ؟ وهل يعبر الانتخاب بهذه الطريقة عن اختيار البرنامج الانتخابي أم عن اختيار الأشخاص لاعتبارات لم تعد خافية .
إن الأحزاب السياسية، والقوى المجتمعية، حين ترتب قوائمها إنما تأخذ بعين الاعتبار الكفاءات، والقدرة على حمل البرنامج، وتحقيق أهداف الحزب، والتدخل في الترتيب يحرم قيادات الأحزاب وهيئاتها التشريعية والتنفيذية المنتخبة من هذا الحق . فهل يسهم تقزيم نسبة القائمة النسبية على مستوى الوطن في احداث نقلة نوعية في الحياة النيابية، ويعزز دور الأحزاب في الحياة العامة ؟ وهل يمكن من الوصول الى حكومة برلمانية متجانسة في برامجها أم يضطرها الى ائتلاف من طيف واسع جداً من الأحزاب والتيارات والأشخاص يجعل الحكومة بلا برنامج ؟
وقد أصرت اللجنة على تكريس " الكوتا " بكل ما تحمله " الكوتا " من ظلال، فالشعب الأردني شعب موحد على أكثر ما لدى الشعوب من جوامع، وتقسيم المواطنين على أسس عرقية أو طائفية لا يتفق مع حالة الانسجام والوئام بين أبناء الوطن، ولا يتفق مع الهدف الذي يؤكد على المواطنة ويدعو الى تعزيزها، ولو تركت القوائم لاختيار الأحزاب والقوى المجتمعية لتمثل كل الطيف السياسي والمجتمعي بعيداً عن المحاصصات وتكريس الفوارق . كما أن تكريس فكرة أن المرأة لا تصل الى مجلس النواب الا عن طريق الكوتا لا يتفق مع كرامتها، ولا مع ما حققته من نجاح على المستويات العلمية والثقافية والمشاركة في الحياة العامة، بما في ذلك الحراك الشعبي الذي يمثل حضورها فيه أكثر مما تحدد لها الكوته.
وامعاناً من اللجنة في التقسيم والتجزئة والتشتت عمدت الى تقسيم عدد من المحافظات الى دوائر، وألمحت الى امكانية تقسيم محافظات أخرى، بل أكثر من ذلك أشارت الى بديل عن عدد من مقاعد الدائرة يتمثل بانتخاب مالا يزيد على ثلاثة أشخاص فهل يبتعد هذا البديل عن الصوت الواحد الذي قررت اللجنة استبعاده ؟ .
إن محافظة لها عشرة مقاعد كمحافظة الكرك كانت تقسم في ظل الصوت الواحد الى ست دوائر، وبالتالي كان الحزب أو الائتلاف يتمكن من ترشيح ثمانية مرشحين، وكان كل مرشح يحظى بصوت واحد، فما ميزة هذا البديل عما كان معمولاً به .
إن النظام الانتخابي المقترح بتقزيم القائمة النسبية على مستوى الوطن، وجعلها مفتوحة، وتوزيعها على جميع المحافظات، وتكريس " الكوتا " ، واعتماد القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة، واقتراح بديل يجعل الحد الأعلى للناخب ثلاثة أصوات، واعتبار المرشح المستقل قائمة نسبية، وله ما للقائمة الحزبية أو الائتلاف، وترك نسبة الحسم للجهات المعنية، شكل خيبة أمل ليس بالنسبة لنا نحن الذين رفضنا المشاركة في عضوية اللجنة، لقناعتنا بعدم جدواها، وإنما لمن أملوا خيراً من ورائها .
ولقد توقعنا هذه النتيجة، فحينما زارنا وفد البرلمان الأوروبي في 27/4/2011، وسألنا عن رأينا في مخرجات اللجان، قلنا : نخشى أن تكون المحصلة صفراً .
إننا لم نكن نضرب بالحصى حين توقعنا هذه النتيجة ولكننا كنا ندرك أن لجنة تحمل كل المتناقضات لا يمكن أن تخلص الى نتائج تحقق الاصلاح المنشود . فالذي لا يدرك التحولات التي تشهدها المنطقة، ولم يتحرر من عقدة الخوف من نتائج عملية انتخابية نزيهة وشفافة، ولا يؤمن بحقوق متساوية لجميع المواطنين، لا يستطيع أن يكون جزءاً من عملية الاصلاح، وإنما يضع العصي في الدواليب، حتى نبقى نراوح مكاننا، ناسياً أو متناسياً أن الشعب الأردني في طول البلاد وعرضها يصر على الاصلاح، وحين يتم تجاهل المطالبة بالاصلاح فان المرء لا يدري الى أين ستصير الأمور، والسعيد من وعظ بغيره .
وثمة هدف تجدر الاشارة اليه، وهو أن يكون النظام الانتخابي سهلاً في الفهم والتطبيق . فهل النظام المقترح سهل في الفهم والتطبيق ؟ أزعم أنني قرأت النظام عدة مرات وصارحني بعض المهتمين أن النظام يكتنفه الغموض، فكيف سيتم التعامل معه عند تطبيقه ؟ وماذا لو أشر الناخب على أكثر من قائمة ؟ وكم عدد المراحل اللازمة للفرز ؟ فهناك فرز للقوائم وللمرشحين على مستوى المحافظة ومثله على مستوى الوطن . كما أن الأقل أصواتاً قد يتقدم على الأعلى أصواتاً في القائمة الواحدة، وفقاً لقيد المحافظات الذي كرسه النظام المقترح.
بقيت مسألة لعل من المناسب الإشارة إليها، فهناك من يراهن على بعض ما ورد في تقرير اللجنة تحت عنوان ( مبادئ الاصلاح السياسي في الأردن واتجاهاته ) ونقول على الرغم مما ورد في هذا الجزء من التقرير من مبادئ وأهداف وقيم، وتأكيد على أن الاصلاح ضرورة وطنية، إلا أن اللجنة بطبيعة تركيبتها لم تستطع ان تترجم هذه المبادئ والأهداف والرؤى الى توصيات، ولذلك فإنها تبقى صفحات تضاف الى أرشيفنا السياسي مع الميثاق الوطني والأجندة الوطنية وغيرها .
لقد دفع شعبنا الثمن غالياً منذ فرض عليه قانون انتخاب مشوه، انعكست نتائجه على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى انعقد الاجماع الأردني على ضرورة تغيير قانون الانتخاب، وحين تنعقد الارادة على تغيير القانون لا يفهم من ذلك أي بديل في عالم يمور بالتحولات الكبرى، وإنما المقصود بديل يتفق والمعايير الديموقراطية، وثبت نجاحه في تطوير الحياة السياسية والحزبية .
وحين طالبت الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وكثير من الكتاب ومراكز البحث ومنظمات حقوق الانسان بقانون انتخاب يجمع بين نظامي الدوائر والقائمة النسبية على مستوى الوطن بنسبة 50% لكل منهما لم تكن تعرض القانون المثالي، وانما تعتبره خطوة على طريق الوصول الى القائمة النسبية الكاملة على مستوى الوطن، وعندها تتطور الحياة الحزبية، ويصبح الشعب مصدر السلطات، ويتعزز الانتماء للوطن بمجموعه على حساب الانتماء للمناطق الجغرافية أو الشرائح السكانية.
فمتى يدرك أصحاب القرار، ومراكز القوى، أن الاصلاح الحقيقي الشامل مصلحة أردنية بامتياز، وضرورة حياتية لا تحتمل التأجيل ؟