قال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور إن لجنة الحوار الوطني لم تفض إلى نتائج إيجابية، تتناسب مع التحولات التي تشهدها المنطقة، وبالتالي فإن مخرجاتها لن تؤدي إلى نقلة نوعية في الحياة السياسية والنيابية.
ورأى أن اللجنة ظلت محكومة بطبيعة اختيار أعضاءها، الذين من المفترض أن يكونوا مقتنعين بالإصلاح، وليس الترقيع والتزيين الشكلي الذي لا يمس جوهر الحياة النيابية.
وأوضح منصور أن مخرجات اللجنة فيما يتعلق بقانون الانتخابات أكدت صوابية موقف الحركة الإسلامية، حينما رفضت المشاركة في اللجنة، واعتبرت أن مخرجاتها لن تفضي إلى نتائج إيجابية.
وانتقد الأمين العام تفريغ النظام الانتخابي المختلط؛ الذي يجمع بين نظام الأغلبية على مستوى المحافظة والقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن من مضمونه.
وقال لـ”السبيل” إن إقرار القائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن بالشكل الذي تمت به ليس لها من النسبية إلا الاسم، وعزا ذلك إلى ضآلة عدد المقاعد المخصصة لها، البالغة (15) مقعدا من أصل (130)، وأردف قائلا: “وما يعزز إفراغها من مضمونها أنها جاءت مفتوحة، بحيث يختار الناخب شخصا بعينه ولا يختار برنامجا، كما اشترطت أن يوزع المرشحون على أساس هذه القائمة على جميع محافظات المملكة”.
ولم ير منصور أن إقرار القائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن بالشكل الذي تمت به، يختلف كثيرا عن الدوائر الوهمية التي أجريت الانتخابات البرلمانية السابقة وفقها، ويدلل على ذلك أنه قد ينجح الأقل أصواتا على حساب الأكثر أصواتا، مؤكدا أن إقرار هذه القائمة لم يضف للحياة البرلمانية أي إضافة.
وشرح أن التمثيل النسبي بالأصل يكون بانتخابات برامجية، ويفرز أيضا حكومة برامجية تنبثق عن المجلس الذي تشكل على أساس التمثيل النسبي.
وأضاف: “البرنامج الوطني لا يحدده أفراد بعينهم، بل يحدده الحزب، وينتدب لتطبيقه مرشحون قادرون على تنفيذه، ولكن حين أقرت القائمة المفتوحة فتحت المجال للناخب أن يختار أشخاصاً بعينهم، ومن شأن هذا الأسلوب أن يضعف الثقة بين المرشحين، وبدلا من أن يعمل المرشحون للقائمة، سيعملون لذواتهم”.
وفيما يخص مواصلة العمل بنظام الكوتا، رأى منصور أن ترسيخ مبدأ الكوتا في قانون الانتخاب المقترح لا يتفق مع الأهداف التي توافقت عليها لجنة الحوار، ولا يعزز مبدأ المواطنة.
وتساءل: “إذا بقي تقسيم المجتمع بين مسلمين ومسيحيين وشركس وشيشان ورجال ونساء، إذًا أين ترسيخ مبدأ المواطنة، والسواسية بين المواطنين أمام القانون؟!”.
وأكد أنه لو ترك الأمر للأحزاب ولتنظيم الائتلافات، لتم تمثيل كل هذه الشرائح دون أن تحدد لها حصة معينة، ولعبرت هذه الشرائح عن انسجامها ووعيها السياسي.
ووفقا لمنصور، فإن وجود كوتا للمرأة لا ينسجم وكرامتها، وهي ثغرة كبيرة في هذا القانون ينبغي تلافيها.
وقال: “منذ إيجاد نظام (الصوت الواحد) فإن مشكلتنا في الأردن تتمثل في أننا لا نلتزم بقانون يطبق روح الديمقراطية، وأعتقد أن هناك قوى شد عكسي في البلد تتضرر مصالحها إذا أجريت انتخابات حرة ونزيهة ومعبرة عن إرادة الأردنيين جغرافيا وديمغرافيا، ولذلك هي تبحث عن إعاقة الحياة الديمقراطية لتبقى ترتع في فسادها”.
ورفض منصور تقسيم المحافظات إلى دوائر انتخابية، معتبرا ذلك امتدادا لنظام الصوت الواحد، وقال: “ذلك إمعان في التجزئة والتفتيت؛ بحيث لا تستطيع جهة ما أن تحصل على عدد وافر من المقاعد يمكنها بنفسها أو عبر ائتلافات من تشكيل حكومة برلمانية”.
وتابع: “هذا النظام سيبقينا قريبين جدا من نظام الصوت الواحد الذي حكم حياتنا السياسية والبرلمانية منذ عام 1993”.
واعتبر أن تقسيم المحافظات الكبرى جاء لتقزيم دور القائمة الوطنية، والابتعاد عن انتخابات برامجية حزبية تمهد لتشكيل حكومات برلمانية.
ورأى أنه لو أن الحكومة أتاحت حياة حزبية سلمية لانخرط أبناء العشائر في الأحزاب، ومنذ عام 1993 هَمَّشَتْ الحكومات المتعاقبة الأحزاب، وأبقتها تحت دائرة التشكيك والمحاصرة، وبالتالي عزف المواطنون بمختلف عشائرهم عن المشاركة في الحياة الحزبية.
وبين أن القانون الانتخابي المقترح لن يخدم العشائر؛ لأن اتفاق العشائر على مرشح واحد أمر يصعب التوافق عليه.
وبين أن غياب الإرادة السياسية للإصلاح هي المشكلة الحقيقية، ولو أن هناك إرادة لعمدنا إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتوافق مع القوى السياسية والحزبية والمجتمعية، تخرجنا من هذا المأزق والدوائر الوهمية.
وفيما يخص الحراك الشعبي بعد إعلان نتائج لجنة الحوار الوطني، أكد أن الحراك مستمر، ونفى أن يكون الحزب قد منح الحكومة فرصة حتى ظهور نتائج لجنة الحوار الوطني.
وأكد أن ثمة فئات من المجتمع ومناطق مختلفة من المملكة وقعت تحت تأثير السلطة التنفيذية سابقا، وظنت أن دعاة الإصلاح انقلابيون، فوقفت على إثر ذلك مواقف سلبية من الإصلاح ودعاته، ولكن حينما التقت بالإصلاحيين، واستمعت إليهم، وتبصرت بالواقع السياسي والاقتصادي الذي تمر به المملكة؛ أصبحت أكثر إيمانا بالإصلاح، وربما أصبح سقفها أعلى من سقوف المنادين بالإصلاح أنفسهم.