لم يتمكن المصاب أحمد القماطي القادم من مدينة مصراتة في ليبيا من كبح جماح دموعه غداة بدأ يروي الكيفية التي أصيب بها.
القماطي ذكر أنه كان من ضمن جمهرة مواطنين احتشدوا لتأييد الثوار المنخرطين في صد هجمات كتائب القذافي على مدينتهم التي غدت عنوانا للصمود والبطولة، عندما بدأت القذائف بالانهيال على المواطنين العزل، فقتل منهم من قتل، وأصيب آخرون.
ويتلقى القماطي العلاج، إلى جانب 31 مصابا آخرين نقلتهم طائرة أردنية لتلقي العلاج في عمان.
مسح دمعا نزل سخينا على خده، مستحضرا إرادة التحدي، قائلاً: القذافي يقصفنا بالمدافع والطائرات، ويجلب المرتزقة الأفارقة لقتلنا؛ لأننا ننادي بالحرية والديمقراطية.
تتعدد أماكن إصابة القماطي، وتتوزع على مختلف أنحاء جسمه، وكان قد أصيب بقذيفة ألقتها طائرة تابعة لنظام العقيد.
القماطي وجه الشكر إلى الشعب الأردني على هذه البادرة الأخوية والإنسانية لعلاجه ورفاقه في المستشفيات الأردنية، مؤكدا أنه الآن بين أيدٍ أمينة ويتلقى رعاية طبية مميزة.
ينتشر العديد من المواطنين في ردهات مستشفى الإسراء الذين جاؤوا لعيادة إخوانهم الليبيين، في بادرة تؤكد عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين.
ومن ضمن (32) جريحا ومصابا نقلوا إلى الأردن، جرى تحويل ثماني حالات حرجة منهم إلى مستشفيات الخدمات الطبية الملكية، وبقية الحالات إلى مستشفيات القطاع الخاص الأردني.
يروي الجريح نزار عبد الحميد من بنغازي أنه مصاب برصاصة في قدمه وشظايا في جسمه، وتلقى علاجا لكسور في العظام من قذائف الدبابات، وهو محاط بكادر كبير من الأطباء، ويتلقى رعاية طبية جيدة.
عبد الحميد الذي يزأر تحديا، رفع شارة النصر مشيرا لعلم "الاستقلال" وراءه، قائلا: "الشعب الليبي شعب مجاهد ومقاوم واستطاع أن يحرر بلاده من الاستعمار الإيطالي بقيادة قائده البطل الشهيد عمر المختار، والأحداث التي تعصف بليبيا حاليا وأعمال العنف وعمليات القتل والإبادة التي يتعرض لها من قبل عصابات القذافي والمرتزقة الأفارقة لن تثني الليبيين عن تحرير كامل وطنهم".
ويعالج في أحد المستشفيات أحد أقارب القذافي بعد إصابته بكسر كبير في الجمجمة.
ومن بين المصابين طفلة تبلغ من العمر 10 أعوام، تعرضت أجزاء كبيرة من جسمها لإصابات خطرة، ولا يسمح بزيارتها.
ويبدي المواطنون تعاطفا كبيرا مع المصابين الليبيين، الدموع تتساقط من أعينهم من هول ما رأوا من إصاباتٍ ومصابين حطَّمَتْ شظايا القنابل أجسادهم، منهم من بترت يده وقدمه.
وعبر المواطنون عن غضبهم لما وقع بإخوانهم الليبيين، قائلين إن ما رأوه يعبر عن وقوع مجازر ومذابح وقتل يتعرض له الشعب الليبي الشقيق، معتبرين أن الصورة أفظع مما تبثه الفضائيات العربية والأجنبية، ويندى لها الجبين.
بصوت بدا ضعيفا تقدم المصاب مجدي سليمان رمضان من بنغازي، الذي أجريت له عملية استخراج رصاصة من إحدى رئتيه: "أنا الآن بصحة جيدة، وأشعر بالأمان، وأتقدم بشكري الجزيل للأردن على الرعاية المميزة التي نتلقاها".
واعتبر المصاب هاني مصطفى أن "الليبيين لا يستحقون هذا التعامل الجنوني، فهم شعب طيب وكريم ويتصف بالشجاعة والنخوة".
وبين أنه تعرض لإصابات متفرقة، ويحمد الله، ويدعو لفك كربة الشعب اللييبي قريبا.
بدوره، قال رئيس جمعية المستشفيات الخاصة عوني البشير إن المستشفيات الخاصة الأردنية تبرعت بعلاج 100 مواطن ليبي مصاب وجريح بكلفة بلغت مليون دينار.
وبين أن المستشفيات اتفقت على توزيع المرضى بين 12 مستشفى، منها الإسراء والحياة والاستشاري والمدينة الطبية ومستشفى الملكة علياء.
وأضاف أنه كان من المقرر نقل 55 مصابا من بنغازي، إلا أن تقدير الفريق الطبي الذي كان على متن الطائرة الأردنية التي أقلت المصابين، كان أن معظمهم يعاني من إصابات خطيرة، وستسوء حالتهم إذا ما تم نقلهم بالطائرة.
من جانبه قال مدير مستشفى الإسراء نايل زيدان مصالحة إن المجموعة الأولى من الجرحى ستتم معالجتهم في المستشفيات الخاصة على نفقة المستشفيات.
وأكد أن المرضى بمعنويات عالية، وزارهم الكثير من المواطنين الأردنيين.
وأشار زيدان إلى أن كلفة علاج المريض (الجريح) الواحد تتراوح بين 5 إلى 15 ألف دينار، والمرضى يتلقون عناية طبية مميزة.