لم تعد قصص الايثار وعزة النفس والصبر على ضنك العيش والفقر مختزلة في صفحات كتب التاريخ وفي الذاكرة فحسب ، بل إن قصصا كهذا النوع لا يزال مجتمعنا الاردني يزخر بها في زماننا الحاضر .
فقد أفقد الجوع وقلة الطعام وعي طالبة في الصف الرابع الأساسي باحدى قرى محافظة اربد لتخر مغشىً عليها داخل غرفة صفها أثناء الحصة الدراسية الاسبوع الماضي ، حين آثرت بحرمان نفسها من تناول وجبة طعامها وإعطاء وجبتها لشقيقها الصغير الذي لم يتناول طعامه مدة يومين ، ما حدى به الجوع إلى البكاء .
الطالبة التي لم تتناول طعاما مدة يومين ، وبعد أن عاد إليها وعيها سردت قصتها للمدرسات ، فكشفت عن حال مؤلم تعيشه أسرتها جراء الفقر المدقع وظروف مادية لا تسمح لهم في أن يتناول جميع أفرادها وجباتهم الاساسية يوميا ، الأسرة المكونة من 8 أفراد ، قامت بتحدي فقرهم ذاك بتخصيص يوم لكل فرد لتناول وجبة واحدة من الطعام بالتناوب ، فهزمت بطولتهم الفقر والجوع .
وقالت الطالبة إن دورها في تناول وجبة الطعام كان يوم الاثنين. وأضافت ان شقيقها الأصغر كان في ذلك اليوم ( الاثنين ) يبكي جوعا ولم يحتمل الصبرعلى تحمله؛ وكان دوره في تناول وجبة طعامه هو اليوم التالي (الثلاثاء) ، ولأن الحالة المرثية التي كان عليها لا تسمح له بانتظار وجبته إلى اليوم التالي ، آثرت شقيقته ( الطالبة) بالاستغناء عن وجبتها المقررة لتعطيها إلى شقيقها، مطمئنة معلماتها بأنها ستتناول طعامها يوم الاربعاء وستكون بصحة جيدة .
قصة الأسرة الأردنية التي حرمها المال من توفير أساسيات العيش ولقمة الخبز أعادت إلى أذهاننا قصصا خالدة من زمن الايثار والنبل ، وأثارت في ذات الوقت غصة في القلب ومشاعرا من الأسى على أحوالها الصعبة .
الأسرة .. عزيزة النفس تلك ، يعيش أفرادها على صفيح ساخن من الحرمان والفقر ويوميات من الجوع والبؤس ينفطر لها الوجدان ، فرغم قساوة ظروفها التي تلتف حول الأعناق إلا أنها قد انتصرت على فقرها بعزة نفس وإيثارعز نظيره في زماننا.
أسئلة موجهة للحكومة ممثلة بالتنمية دور تلك المؤسسات في القيام بواجبها الذي من أجله أنشئت في تقديم العون للأسر المحتاجة الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة ووجوه الخير ان بقي منهم في بلدنا ؟ أين انتم من مثل هذه الشرائح الفقيرة ؟
فالأجدى بأصحاب الشأن عدم البقاء متقوقعين في مكاتبهم ، عليهم الخروج من عتبات أبوابهم المحصنة وأن ينزلوا من أبراجهم للبحث عن الأفراد والأسر التي تعيش تحت وقع المعاناة والحاجة ولا يجب أن ينتظروا من الآخرين طرق أبواب مكاتبهم .
ألا تستحق مثل تلك الأسرة والتي تستحق الاحترام ان يشملها الدعم الحكومي وأن تلق الرعاية وأن تلتفت إليها عيون المسؤولين ؟؟ المدينة نيوز