أظهرت الاحصائيات الختامية الصادرة عن البنك المركزي الاردني خلال الشهر الجاري ان الحساب الجاري بميزان المدفوعات لعام 2008 اسفر عن تحقيق عجز بلغ حوالي 1721 مليون دينار مقابل نحو 2080 مليون دينار خلال فترة المقارنة من عام 2007 اذ سجل انخفاضا بنسبة 3ر17% وبتراجع بلغ مقداره 359 مليون دينارعن مستواه بنهاية العام الذي سبقه كما شكل عجز الحساب الجاري لعام 2008 مانسبته حوالي 13% من الناتج المحلي الاجمالي فيما توقع صندوق النقد الدولي ان يشكل هذا العجز مانسبته 75ر12% من الناتج المحلي الاجمالي المقدر لعام 2008.
وجاء العجز في الحساب الجاري كمحصلة نهائية للعجز الحاصل في الميزان التجاري البالغ وفق المصادر ذاتها حوالي 5117 مليون دينار فيما حقق حساب الخدمات في ميزان المدفوعات وفرا مقداره 215 مليون دينار مقابل عجز بلغ 48 مليون دينار في عام 2007 كما حقق حساب الدخل في الميزان ذاته لعام 2008 وفرا بلغ 675 مليون دينار مقابل وفر بلغ 572 مليون دينار في عام 2007 اما صافي التحويلات الجارية فقد حققت وفرا بقيمة 2506 ملايين دينار لعام 2008 مقابل وفر بمقدار 1970 مليون دينارلعام 2007.
وقد أسفرت تطورات الحسابات المذكورة في المحصلة عن تحقيق عجز في الحساب الجاري بلغ مقداره 1721 مليون دينار بنهاية عام 2008 وكان للعجز الحاصل في الميزان التجاري تاثير سلبي مباشر على عجز الحساب الجاري اذ ان انعكاس عجز الميزان التجاري على الحساب الجاري يرفع من قيمة هذا العجز وياتي ذلك في ظل تفوق حجم المستوردات مقابل الصادرات الوطنية
وبحسب بيانات دائرة الاحصاءات العامة المتضمنة ابرز التطورات التي حصلت على مؤشر حركة التجارة الخارجية لعام 2008 فقد بلغت قيمة المستوردات خلال عام 2008 نحو 11974 مليون دينار وسجلت بذلك ارتفاعا بلغ نحو 2252 مليون دينار او مانسبته 2ر23% مقارنة بالعام الذي سبقه وعزت مصادر دائرة الاحصاءات هذا الارتفاع بشكل رئيسي الى ارتفاع مستوردات المملكة من النفط الخام بحوالي 458 مليون دينار او مانسبته 31% والى ارتفاع المستوردات من الحديد الصلب بحوالي 194 مليون دينار وبنسبة 47% وارتفاع مستوردات الزراعة والصناعة والبناء بحوالي 130 مليون دينار وبنسبة 55% ويشار في هذا الصدد ان فاتورة النفط والمشتقات النفطية ارتفعت خلال عام 2008 بحوالي 489 مليون دينار وبنسبة 28% حيث بلغت قيمة الفاتورة حوالي 2257 مليون دينار وشكلت نسبة 19% من اجمالي حجم المستوردات مقابل 18% خلال عام 2007.
اما على صعيد التوزيع الجغرافي للمستوردات فقد استحوذ السوق السعودي على نسبة 6ر21% من اجمالي المستوردات خلال 2008 حيث ارتفعت المستوردات من هذا السوق بحوالي 570 مليون دينار وبنسبة 28% وارتفعت مستوردات المملكة من الصين الشعبية بحوالي 314 مليون دينار وبنسبة 34 واستحوذت بذلك على 4ر10% من اجمالي المستوردات وكذلك ارتفعت المستوردات من امريكا ومصر بحوالي 100 مليون دينار و99 مليون دينار لتشكل المستوردات منهما مانسبته 5% و 3ر4% من اجمالي مستوردات المملكة خلال عام 2008 لكل منهما على التوالي . وبحسب النتائج التي توصلت اليها بيانات دائرة الاحصاءات فقد ارتفع عجز الميزان التجاري الى نحو 6451 مليون دينار مسجلا بذلك زيادة بلغت قيمتها 792 مليون دينار وبنسبة 14% مقارنة بعام 2007.
أما على صعيد الصادرات الوطنية خلال عام 2008 فقد اظهرت بيانات دائرة الاحصاءات ان الصادرات الوطنية سجلت ارتفاعا بحوالي 1200 مليون دينار وبنسبة 7ر37% خلال عام 2008 لتصل صادرات المملكة الى نحو 4384 مليون دينار مقابل 3184 مليون دينار لعام 2007 وعزت المصادر ذاتها هذا الارتفاع بشكل رئيسي نتيجة لارتفاع قيمة الصادرات من المواد الكيماوية بحوالي 462 مليون دينار وبنسبة 60% وارتفاع صادرات المملكة من البوتاس بحوالي 318 مليون دينار وبنسبة 140% اضافة الى ارتفاع الصادرات من الاسمدة بمقدار 198 مليون دينار وبنسبة 91% مشكلة بذلك مانسبته 13% من اجمالي الصادرات وجاء في المرتبة الرابعة السوق السعودي الذي استحوذ على 8% من اجمالي الصادرات الوطنية اذ ارتفعت الصادرات الى هذا السوق بمقدار 76 مليون دينار وبنسبة 29% وشهدت الصادرات الوطنية الى كل من اندونيسيا واليابان والامارات العربية ارتفاعا بلغ 68 مليون دينار و65 مليون دينار و31 مليون دينار على التوالي . وفي ذات السياق ارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها خلال عام 2008 بحوالي 259 مليون دينار او بنسبة 4ر29% مقارنة بعام 2007 وبناء على هذه التطورات فقد سجلت الصادرات الوطنية الكلية بما في ذلك المعاد تصديره نموا بنسبة 9ر35% مقارنة بعام 2007 ليبلغ اجمالي الصادرات الوطنية نحو 5523 مليون دينار .
وكانت وزارة المالية قد توقعت بلوغ عجز الحساب الجاري للعام 2008 بحدود 14% من الناتج المحلي المقدر لعام 2008 في حين ان هذه النسبة بلغت 13% من الناتج المحلي الاجمالي اي بفارق طفيف بلغ 1% وعزت وزارة المالية هذا التحسن في عجز الحساب الجاري نتيجة الى ملامح التحسن الكلي للسياسات الاقتصادية المعززة لتنافسية الاقتصاد الوطني على المستوى العالمي لكن العجز في الحساب الجاري بميزان المدفوعات يبقى بحد ذاته من ابرز التحديات التي ينبغي مواجهتها لتحقيق نتائج افضل ضمن الاطار الكلي للاقتصاد الوطني حيث اشارت البيانات الاحصائية الرسمية ان العجز في الحساب الجاري بدأ يتفاقم بشكل واضح خلال السنوات 2002 و2003 اذ بلغ 386 مليون دينار و 842 مليون دينار تباعا لكنه حقق نتائج افضل خلال عام 2004 اذ لم يتجاوز العجز في الحساب الجاري سوى 7ر1 مليون دينار في ظل التحسن الواضح حينذاك في الميزان التجاري لكنه عاد الى الصعود خلال عام 2005 نتيجة تفوق قيمة المستوردات على قيمة الصادرات وبلغ عجز الميزان التجاري حينذاك نحو 5ر3 مليار دينار .
الى ذلك أشاد صندوق النقد الدولي من خلال تقريره السنوي الصادر في شهر اذار من العام الجاري 2009 بأداء الاقتصاد الكلي للمملكة بشكل عام مشيرا الى ان نمو الناتج المحلي الاجمالي بلغ 6% خلال اول ثلاثة ارباع من عام 2008 ولفت الى ان انخفاض الاسعار عالميا ساعد على تقليص عجز الحساب الجاري بميزان المدفوعات الى نحو 75ر12% من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2008 مقارنة بعام 2007
وفي السياق ذاته حققت صافي التحويلات الجارية في ميزان المدفوعات لعام 2008 فائضا بقيمة 2506 ملايين دينار مما ساهم بذلك الى حد كبير في تخفيف حدة عجز الحساب الجاري وجاء صافي التحويلات الجارية مدفوعا بشكل رئيسي بالتدفقات الواردة من قبل العاملين الاردنيين في الخارج وبحسب بيانات البنك المركزي الاردني فقد ارتفعت هذه التحويلات خلال عام 2008 الى حوالي 2873 مليون دينار وحققت زيادة بقيمة 439 مليون دينار مقارنة بمستواها بنهاية عام 2007 وساهمت قيمة التحويلات من قبل العاملين في الخارج بشكل واضح في تقليص عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات لعام 2008 اذ تعتبر هذه التحويلات النقدية للعاملين من اكبر الموارد المالية المتدفقة للمملكة مما يكسبها اهمية نسبية كبيرة نظرا لمساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني كما تشكل رافدا حيويا لدعم ميزان المدفوعات وتعزيز احتياطيات المملكة من العملات الصعبة الى جانب مساهمتها في تقليص الفجوة التمويلية لعجز الحساب الجاري الى مستويات مقبولة او احيانا تساهم هذه الحوالات في تحقيق وفر في الحساب ذاته . الرأي